بيروت: بعد أيام على اللقاء الذي جمع سعد الحريري، زعيم الأغلبية النيابية اللبنانية، والأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي لفت أنظار المتابعين للملف السياسي اللبناني والعلاقات المتوترة فيه بين السنة والشيعة، برزت تباينات في تحليل الخطوة وتداعياتها، في حين وضعه خبراء في إطار صيغة quot;لا حرب ولا سلمquot; المعروفة في لبنان.

ففي حديث لموقع CNN بالعربية، جزم عمار حوري، النائب عن كتلة تيار المستقبل، أن الاجتماع لم يكن لقاء quot;مصالحة بل مصارحةquot;، مضيفاً أن quot;جرحquot; مواجهات مايو/ أيار التي خلفت مئات القتلى والجرحى quot;كبيرquot;، في حين ظهر حزب الله بمظهر المراهن على أن اللقاء أفرز quot;مصالحةquot;، مؤكداً أن الأمر ليس quot;شكلياًquot;، بل quot;قطع دابر الفتنة.quot;
وقال حوري إن أهمية لقاء نصرالله والحريري quot;أتت من واقع أنه الأول بعد أكثر من سنتين على آخر لقاء بينهما، كما أنه الأول بعد أحداث السابع من مايو/ أيار، مع ما تخلل هذه الفترة من اعتصامات واحتلال لوسط بيروت ومحاصرة السرايquot;، الذي يضم مقر رئيس الحكومة.

وأضاف حوري أن ليس من المعقول بالتالي أن تكون المصالحة quot;عبارة عن مجرد لقاء ينهي كل هذه التفاصيل، لذلك فنحن موضوعيون عندما نقول إن اللقاء هو مصارحة وإفصاح وليس مصالحة.quot;
غير أنه لفت إلى وجود عامل إيجابي أساسي، يتمثل بشأن quot;إعادة الاختلاف السياسي إلى موقعه الطبيعي في المؤسسات بعد أن انتقل إلى الشارع، الذي شهد ما شهده من تشنجات.quot;
وكشف حوري عن أن اللقاء شهد اتفاقاً على quot;عقد اجتماعات تنسيقية على مختلف المستويات بين الطرفين، على ألا يشمل ذلك لجاناً أمنية، quot; لأننا نرى أن الأمن من مسؤولية الأجهزة الرسمية وحدها دون سواها.quot;
ونفى النائب اللبناني أن يكون الحريري ونصرالله قد تطرقا إلى الملف الانتخابي، مؤكداً أن الأمر لم يبحث quot;لا من قريب ولا من بعيد، لا على مستوى التحالف، ولا حتى تبادل الأصوات.quot;

وأشار بالمقابل إلى أنه جرى التأكيد على خوض كل طرف للانتخابات وفق تحالفاته القائمة حالياً، أي أن تيار المستقبل سيشارك ضمن تحالف 14 آذار، الذي يضم قوى أبرزها الكتائب والقوات والحزب الاشتراكي، بينما يشارك حزب الله ضمن قوى 8 آذار، التي تضم أيضاً حركة أمل والتيار الوطني الحر.

غير أنه لفت إلى وجود quot;تفاهمquot; قال إنه quot;عُقد على هامش اتفاق الدوحةquot;، لتقاسم مقاعد الدائرة الثانية في بيروت مناصفة.
وعن التأثير المرتقب للقاء نصر الله والحريري على جلسات طاولة الحوار الوطني المقرر أن تنعقد في الخامس من الشهر المقبل، توقع حوري أن ينعكس الاجتماع إيجابياً عليها، مؤكداً رفض قوى 14 آذار لزيادة عدد المحاورين، مبدياً تخوفه من أن يكون هذا الطلب الذي تسعى إليه المعارضة يهدف إلى quot;تمييع مضمونquot; النقاش الذي سيطال quot;الاستراتيجية الدفاعيةquot; وسلاح حزب الله المرتبط بها.

وفي الشأن الإقليمي، اعتبر حوري أن التحليلات التي أشارت إلى أن العملية الأميركية الأخيرة على الأراضي السورية قد تبرر عملية مماثلة تنفذها دمشق - التي زادت من حجم انتشارها العسكري قرب الحدود اللبنانية مؤخراً - ضد أهداف تصفها بأنها quot;إرهابيةquot; في شمال لبنان، أمر quot;مرفوض جملة وتفصيلاًquot;، مشدداً على أنه quot;من غير المقبول حصول تدخل بالشأن اللبناني، كما أن التدخل بالشأن السوري ممنوع أيضاً.quot;
وحول تلويح المعارضة اللبنانية بأن فوز المرشح الديمقراطي، باراك أوباما، في الانتخابات الأميركية قد يضعف موقف قوى الأغلبية التي ينتمي إليها، قال حوري في الانتخابات البرلمانية المقبلة: quot;علينا أن نذكّر الجميع أن أوباما ليس عضواً في تحالف قوى الثامن من آذار، وماكين ليس مشاركاً في أي تحالف سياسي آخر، وعلينا أن نذكرهم بأن الدول الكبرى - مثل أميركا - تتبع سياسات عريضة واستراتيجية في إدارتها للأمور.quot;
وختم متسائلا: quot;أما بالنسبة الى الانتخابات المقبلة في لبنان، فإذا كان فريق الأقلية ضامناً لفوزه بهذا الشكل، فلماذا كل هذا الصراخ؟quot;


من جهته، رفض المكتب الإعلامي في حزب الله الإدلاء بتعليق حول نتائج لقاء الحريري ونصرالله، ورد القيمون عليه على اتصالات CNN بالعربية بالتأكيد على الاكتفاء بما جاء في البيانات الرسمية.
غير أن نعيم قاسم، نائب الأمين العام للحزب، كان له موقف بارز الخميس، قال فيه: quot;بالأمس حصل اللقاء المهم بين نصر الله والحريري ليوجه صفعة قوية للعابثين والمفتنين. ليكن معلوماً أن هذه ليست مصالحة شكلية، هذا مسار لتكريس الخلاف السياسي وقطع دابر الفتنةquot;، الأمر الذي يبرز موقف الحزب المغالي في تكريس أهمية الحدث خاصة لتحسين صورته، التي رأى البعض أنها اهتزت بعد استخدامه لسلاحه في الداخل.

في المقابل، اعتبر نبيل بونصيف، رئيس القسم المحلي في صحيفة النهار اللبنانية أن تعدد التفسيرات لنتائج اللقاء quot;أمر طبيعيquot;، وجزم بأنه quot;ليس هناك ما هو كفيل بوضع حد لهذه الظاهرة إلا وجود اتفاق سياسي واضح يضع خطة مستقبلية،quot; وهو أمر نفى وجوده في هذا اللقاء، الذي وصفه بأنه quot;لقاء ضرورة.quot;

ووضع بونصيف اجتماع الزعيمين السني والشيعي في إطار quot;استكمال الأجواء التي سادت في اتفاق الدوحة، الذي وضع حداً لأحداث السابع من مايو/ أيار وهو(اللقاء) جاء ليتم المفاعيل الميدانية والنفسية - إلى حد ما - لأحداث أيار، وليس المفاعيل السياسية.quot;

وأكد الصحافي اللبناني أنه يعتبر اللقاء إيجابياً على مختلف الصعد، غير أنه حث على quot;عدم المبالغة في تحليل أبعادهquot;، مشدداً على أن الصورة التي جمعت الزعيمين، والتي رأتها قواعدهما الشعبية، quot;هي الأهم لأن هناك ابتكارا لبنانيا يقوم على ألا نذهب إلى الحرب، ولا نتفق على هدنة في الوقت عينه.quot;

ولفت بونصيف إلى أن الحدث يعطي انطباعاً جدياً بعدم العودة للفتنة، وقال: quot;لكنني استبعد تأثيره على الحوار الذي قد يعود الخلاف ليستعر حول توسيعه.quot;
وتوقع أن يلعب رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، الدور الأبرز في تلك المرحلة، بسبب مصداقيته التي تزداد لدى الطرفين.

وفي كل الأحوال، فإن اللقاء الذي جمع الحريري ونصرالله بمكان ظل مجهولاً، وفي ليلة أظلمت فيها شوارع بيروت لأسباب عزتها مؤسسة كهرباء لبناء إلى quot;عوامل طبيعيةquot;، مثل لحظة أمل بالنسبة إلى اللبنانيين الذين يتمنون أن تنجح جهود تجنيبهم الكأس المرّة، وسط عواصف الأزمات وفراغ القوة العالمي، في بلد اعتاد دفع ثمن الرهانات الخاسرة.