واشنطن: مع قرب موعد الانتخابات الأميركية المقرر أن تجري الأسبوع القادم الرابع من نوفمبر بدأ مرشحا الحزبين الكبيرين، الحزب الديمقراطي quot;باراك أوباماquot; والجمهوري quot;جون ماكينquot;، البحث عن سبل الحصول على أكبر عدد من الأصوات الانتخابية. ومن الأصوات التي يسعى المرشح الديمقراطي الفوز بها هي أصوات البيض الذين صوتوا لمنافسته السابقة السيناتور quot;هيلاري كلينتونquot; في الانتخابات التمهيدية أوائل هذا العام، في وقت تتحدث فيه بعد التحليلات عن إمكانية رفض البيض التصويت لأوباما للونه الأسود، ولهذا عملت حملة باراك أوباما الانتخابية على بحث ودراسة فرص تصويت البيض للمرشح الديمقراطي. وفي تقريرنا التالي نسعى إلى الإجابة على تساؤل يشغل كثيرين داخل وخارج واشنطن مفاده لمن سيصوت البيض في انتخابات الرابع من نوفمبر؟.
هل يصوت البيض على أساس عرقي؟
يشير مكتب الإحصاءات الأميركية U.S Census Bureau إلى أن الأميركيين البيض هم الأغلبية في المجتمع الأميركي، حيث يقدر عددهم وفقًا لإحصاء يوليو 2006 239.746.254 من الجنسين، وينقسمون إلى: 198.744.494 من البيض من غير اللاتينيين Not Hispanic or Latino، و41.001.760 من البيض اللاتينيين Hispanic or Latino. وتبعًا للإحصاءات التي عرضتها جريدة الواشنطن تايمز The Washington Times، فإن التركيبة السكانية للولايات المتحدة الأميركية كالتالي:
العدد الإجمالي للسكان | 281.421.906 |
العرقيات المختلطة | 2.42% |
الأميركيون الهنود/ مواطنو ألاسكا | 0.87% |
مواطنو هاواي/ جزر المحيط الهادي | 0.13% |
العرقيات الأخرى | 5.46% |
السود | 12.31% |
الآسيويون | 3.65% |
البيض | 75.14% |
اللاتينيون | 12.55% |
المصدر: http://www.washingtontimes.com/news/election/
وعن القوى العرقية المؤيدة للمرشح الديمقراطي أظهرت نتائج استطلاع للرأي قام به جالوب Gallup poll بتاريخ 7من أكتوبر 2008، أن نقاط القوة لدى أوباما تتمثل في العرقيات من غير البيض، والجماعات الإثنية والتي تشمل السود واللاتينيين، الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18- 29 سنة، والحاصلين على مؤهلات عليا، والنساء، وأصحاب الدخول المنخفضة، والذين لا ينتمون إلى دين معين أو الذين لا يلعب الدين دورًا أساسيًّا في حياتهم، ولا يحضرون الكنيسة، وغير المتزوجين.
بينما ترتكز نقاط القوة عند ماكين على البيض غير اللاتينيين، الذين تزيد أعمارهم على 65 عامًا، والمتزوجين، والبيض البروتستانت والمسيحيين غير الكاثوليك، إلى جانب البيض الذين يحضرون الكنيسة بصورة مستمرة حيث يمثل الدين عاملاً مهمًّا في حياتهم.
وفي مقال بعنوان quot;هل لأوباما مشكلة مع أصوات البيض؟ Does Obama have a problem with white voters? كتبها أي إبرامويتز Alan I. Abramowitz وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة إيموري Emory University وصاحب كتاب صوت الشعب: الانتخابات والسلوك التصويتي في الولايات المتحدة الأميركية Voice of the people: Elections and voting Behavior in the United States. أشار إلى أن الغالبية من البيض وفقًا لاستطلاع الرأي الذي قامت به CBS/New York Times لا يحبذون انتخاب أوباما رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية.
وأشار إلى أن الاستطلاع أوضح أن المجتمع الأميركي لا يزال يعاني من مشكلات الانقسام العرقي. وأن آخر ديمقراطي مرشح للرئاسة فاز بأغلبية أصوات البيض كان ليندون جونسون Lyndon Johnson في عام 1964، ويعد كل من جيمي كارتر Jimmy Carter عام 1976، وبيل كلينتون Bill Clinton عامي 1992، و1996 أفضل من حصل من الديمقراطيين على أصوات البيض آخر أربع عقود.
العامل العرقي هام في انتخابات الرئاسة الأميركية وتكمن أهميته في ما يشهده المجتمع الأميركي من تحول. غير أن أهميته تقل في مثل الأحوال الاقتصادية التي تمر بها واشنطن حاليًا. فكثير من الجماعات العرقية المختلفة ينظرون للاقتصاد للوهلة الأولى أكثر من اعتمادهم على الهوية العرقية. فقد أوضحت استطلاعات الرأي أن الاقتصاد هو القضية العليا بالنسبة للجماعات العرقية، من اللاتينيين، السود، الآسيويين، والبيض.
البيض قوى متأرجحة
تحدث عدد كبير من الباحثين إبان الندوة التي عقدها معهد بروكينجز The Brookings Institution، بعنوان: الخريطة الديمغرافية لانتخابات 2008 Demographic Keys to the 2008 Election في 20 من أكتوبر 2008، أن هناك تغيرًا كبيرًا حدث عبر الزمن بين البيض من الطبقة العاملة، والتي أصبحت أكثر تصويتًا للجمهوريين. وأشارت الندوة إلى عجز الديمقراطيين عن جذب أصوات البيض من الطبقة العاملة في عام 1988 بنسبة 20%. وأنه بالنظر إلى انتخابات 2004 يلاحظ أن أغلب الجماعات الديمغرافية تحولت نحو الديمقراطيين، وذلك على الأقل في هذه الفترة، إلا أن عجز الديمقراطيين عن جذب أصوات البيض كان أسوأ بالفعل في 2004 عمَّا حدث في عام 1980 بفارق 23 نقطة. وذلك على عكس الحال بالنسبة للبيض الحاصلين على الشهادة الجامعية فقد أخذ العجز 20 نقطة عام 1988 للديمقراطيين الذي تحول إلى 11 نقطة في 2004.
ومن ثم شهدت هذه الفترة تحول حاصلي الشهادات الجامعية لصالح الديمقراطيين، على عكس البيض من الطبقة العاملة الذين صوتوا لصالح الجمهوريين بصورة ثابتة. ومن ثم يرى بعض أنه في حال استمرار الوضع على المنوال ذاته فإن الأمور ستكون أكثر صعوبة بالنسبة لباراك أوباما.
وقد أشار William Galston وهو أحد الباحثين في معهد بروكينجز إلى أنه على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة من جانب الديمقراطيين إلا أن هناك تحسنًا قليلاً في تقدم الديمقراطيين بين البيض الإنجيليكيين White Evangelicals أو البروتستانت بصورة رئيسة. وأن البيض من الكاثوليك أكثر الجماعات المتأرجحة أهمية في الانتخابات، بسبب تركز البيض من الكاثوليك في الولايات المتأرجحة في وسط الغرب Midwestern.
وفي هذا يلاحظ أن هناك تحولاً حقيقيًّا نحو سيناتور أوباما بين البيض من الكاثوليك في الشهر الماضي الأمر الذي يرجع إلى أن البيض من الكاثوليك يهتمون بالقضايا الوطنية، ومدافعين بقوة عن قضايا الدفاع القومي، فهم أكثر فئات المصوتين تأثرًا بالحس الخطابي والقيم التقليدية، وهم أيضًا يؤمنون بقوة في دور الحكومة في الاقتصاد، فعديدٌ من البيض الكاثوليك أعضاء في جماعات اقتصادية، تلك الجماعات التي تأثرت بشدة بالأزمة المالية، وخاصة في الصناعة إبان العقد الماضي. ومن ثم يتوقع أنه في ظل بروز القضية الاقتصادية خاصة في ظل ما حدث في الشهر الماضي، فإن أصوات البيض الكاثوليك ستكون ميزة لصالح السيناتور أوباما.
وأوضح Ruy Teixeira وهو باحث زائر في الدراسات الحكومية في برامج سياسة Metropolitan Policy Programs وباحث في مركز التقدم الأميركي Center for American Progress ، أن النساء البيض من الطبقة العاملة أكثر تصويتًا لباراك أوباما ويمكن أن يكون أفضل مما كان وقت آل جور في انتخابات 2000.
لصالح من يصوت البيض
يٌشير استطلاع الرأي الذي أجراه مركز أبحاث بيو The Pew Research Center في 21 من أكتوبر 2008، إلى تقدم أوباما على ماكين بين المصوتين من البيض بنسبة (45% إلى 45%). ففي استطلاع للرأي تم في الفترة من 9 إلى 14 سبتمبر، تقدم ماكين على أوباما بفارق 14 نقطة 52% إلى 38%. وبشكل ملحوظ، يتميز ماكين على أوباما بأصوات البيض غير الحاصلين على الشهادات الجامعية non- college graduates ، إلا أن الأمر قد اختلف في هذه الفترة من 16 نقطة في منتصف سبتمبر إلى أربع نقاط في استطلاع الرأي الحالي.
إضافة لذلك، أوضحت استطلاعات الرأي أن أوباما لم يحرز أي تقدم بين البيض من البروتستانت الإنجيليكيين الذين يحافظون على أداء العبادات وحضور الكنيسة على الأقل مرة في الأسبوع، فقط 17% من هذه الفئة تدعمه.على العكس من ذلك، 37% من البيض الإنجيليكيين يدعمون أوباما، وعمومًا يتقدم أوباما على ماكين بصورة ملحوظة بين البيض الكاثوليك بنسبة (53% إلى 38%).
كما كشفت استطلاعات الرأي عن أن صورة ماكين قد اهتزت بين عديد من المجموعات التصويتية، غير أن تأثرها أكثر وضوحًا بين البيض الإنجيليكيين البروتستانت وذلك بشكل ملحوظ، فـ71% من أصوات البيض الإنجيليكيين يقولون: إنًّ لديهم انطباعًا إيجابيًّا نحو ماكين مما يعني انخفاض النسبة حيث كانت 83% في منتصف سبتمبر.
كما كشف آخر استطلاع للرأي قام به جالوب في 27 من أكتوبر 2008، أن البيض الذي يحافظون على حضور الكنيسة يدعمون ماكين على أوباما بفارق 37 نقطة، مما يؤكد استمرار دعم البيض الذين يشكل الدين عنصرًا أساسيًّا في حياتهم لماكين، بينما يدعم الآخرون من غير المهتمين بالدين أوباما. ولكن السؤال هنا عن نسبة هؤلاء بالنسبة لإجمالي أصوات البيض كقوة تصويتية في الانتخابات!
التعليقات