طلال سلامة من روما: من قال ان الرشوة تترجم بدفع النقد حصراً؟ مع تتقدم المجتمع الحضري وتطور متطلباته نجد أن الرشوة تحولت لتضحي على شكل شركات قابضة تدير quot;كل شيءquot; بسرية تامة. إذ ثمة اليوم عدة طرق quot;للدفعquot; من الهيمنة على المناقصات الى الاستشارات ومن الرحلات السياحية الجنسية الى الهدايا الثمينة. رسمياً، تسبب طرق الدفع هذه لإيطاليا أضراراً بقيمة 50 بليون يورو سنوياً ومن الغريب أن المستفيدين الأول من هذه الرشاوى هم سياسيين، في المقام الأول. نحن نتحدث عن سياسيين من جميع الأحزاب، من دون استثناء، وتشرف على مكافحة طرق دفع الرشوة مديرية تحصيل الضرائب وأجهزة الشرطة التابعة لوزارة المال.

بالنسبة لمجموعة البنك الدولي فان موضة الرشاوى المتفشية خاصة في الدوائر العامة تكبد ايطاليا خسائر مقدرة بما لا يقل عن 50 بليون يورو، كل سنة. بالنسبة لمحكمة الاستئناف العليا، بروما، فان هذه الظاهرة تتفشى أكثر وأكثر بين السياسيين. أما الأحكام الصادرة بحق كل من استلم رشوة فهي في تراجع دائم(من 988 حكماً في عام 200 الى 186 حكماً فقط في العام الماضي). وهذا لا يعكس انتصاراً لحكومة روما إنما تقهقراً واضحاً وسياسة استسلامية.

بالفعل، أضحت الرشوة كما المنظمات المافيوية العصرية quot;غير مرئيةquot; وترسو على نفس مستوى الخطورة. وكل شيء تغير مقارنة بما كانت الحال عليه قبل 15 عاماً. يكفي النظر الى تسعينات القرن الماضي لنستنتج أن الشركات الخاصة ذات رأسمال عام كانت ألفاً. أما اليوم فوصل عددها الكلي الى 12 ألفاً والعديد منها متخصص في تبييض الأموال المتأتية من الرشاوى. من جانبهم يقوم السياسيون بتعيين مستشارين إداريين لا يمكن اعتبارهم قانونياً لا ضباط ولا موظفين حكوميين. هكذا، ينجح السياسيون في إدارتهم دون خسارة أي شيء أم تعريض أنفسهم للملاحقة القانونية.