السياسة الأميركية لا تتأثر بلون بشرة الرئيس
اللبنانيون يتابعون بحماسة مسيرة أوباما

الانتخابات الامريكية
إيلي الحاج من بيروت: يتابع اللبنانيون باهتمام بالغ العملية الإنتخابية في الولايات المتحدة بشغف لكأنها تجري في بلادهم أولاً لتأثيرنتيجة هذه الإنتخابات في الشرق الأوسط ومن ضمنه لبنان وثانياً لإنعكاس السياسة الأميركية المباشر على الوضع في لبنان في خضم الصراع الداخلي بين رؤيتين مختلفتين يحملها كل من تحالف قوى 14 آذار/ مارس وتحالف قوى 8 آذار/ مارس ، الفريق الأول يسنده تحالف خارجي واسع يبدأ بدول الغرب وفي مقدمها الولايات المتحدة ويشمل محور ما يعرف بدول الإعتدال العربي، والفريق الآخر يسنده خصوصاً المحور الإيراني ndash; السوري. وكل من الطرفين تعنيه نتيجة الإنتخابات الدائرة في الولايات المتحدة من زاويته.

ويلفت أن الفريقين اللبنانيين المختلفين على كل شيء تقريباً لم يوفروا الإنتخابات الأميركية مادة لتسعير خلافاتهم ، ففي العموم كان فريق 14 آذار قبل أن تصل إلى البلاد quot;حمى كاريزماquot; باراك أوباما يفضل المرشح الجمهوري جون ماكين لأنه يضمن إستمرار سياسة الإدارة الجمهورية بقيادة الرئيس جورج بوش الذي دعم ما عرف ب quot;ثورة الأرزquot; ولم يبدر منه اي تراخ ٍ أو تساهل حيال القيادة السورية وحلفائها في لبنان خلافاً للأوروبيين، ولا سيما منهم إدارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي غيّر إتجاه سياسة باريس التي رسمها سلفه جاك سيراك وقرر الإنفتاح على دمشق والرهان عليها مجددا .

رهان نجح نسبياً بل نظرياً حتى اليوم من خلال خطوة إعلان دمشق قبولها بإقامة علاقات دبلوماسية تفسّر إعترافاً بكيان لبنان السياسي المستقل للمرة الأولى منذ استقلاله عام 1943.

وما كان يزيد في ارتياح قوى الغالبية اللبنانية إلى تعامل إدارة بوش، رغم التحفظ عن سياستها في المنطقة، هو المثابرة والوقت الذي كان يعطيه لمتابعة أدق التفاصيل في لبنان أحيانا، فضلاً عن ترجمته تعهداته في قرارات دولية متلاحقة من القرار 1559 إلى القرار 1701 بما يتوافق مع نظرة 14 آذارquot;، لذلك كانت تفضل ضمان إستمرار هذه السياسة بوصول ماكين إلى البيت الأبيض، من دون أن يغيب عن مكوناتها لاحقاً عنصرا الإعجاب والتشويق لاحتمال وصول quot;أسمرquot; للمرة الأولى إلى quot;البيت الأبيضquot;.

إلى هذا الفريق توجهت السفيرة الأميركية في لبنان قبل ساعات من الإنتخابات بالقول في تصريح علني quot;إن الإلتزامات الاميركية حيال لبنان لن تتغير، أياً يكن الفائز بالرئاسةquot;، وزيادة في الطمأنة قالت :quot; أن الحوادث الأمنية المتكررة والتفجيرات لا يمكن أن تكون عذراً للسلطات السورية للقيام بأي تحرك عسكري على الحدود مع لبنان. وإن الولايات المتحدة تدعم المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، قدمت الدعم المالي لها لإنشائهاquot;.

أما فريق المعارضة الذي يقوده quot;حزب الله quot;فأبدى من الأساس ميلا واضحا إلى أوباما وتمنى فوزه ذاهباً في آماله إلى حد توقع تغيير جذري في السياسة الأميركية الخارجية التي أفرطت في استخدام القوة مع مناهضيها . تغيير ينعكس على لبنان والمنطقة انكفاء لعاصفة بوش ومشروعه quot;الشرق الأوسط الجديدquot; الذي تسبب بحسب أدبيات الحزب وحلفائه في موجة اللا إستقرار التي تضرب المنطقة منذ 11 أيلول / سبتمبر 2001 .
لكن المتابعين بدقة في بيروت لما يجري في المنطقة تمكنوا من توليد اقتناع عام لدى الطرفين بأن السياسة الأميركية الخارجية لن تشهد تغييراً جذرياً في عهد أوباما إذا فاز بالرئاسة وفق المرجح حتى الآن، لأن هذه السياسة تنطلق من إستراتيجية ثابتة سواء كان الجمهوريون أم الديمقراطيون في البيت الأبيض، كما أن موقع لبنان وأهميته في السياسة الأميركية ليسا خاضعين لتغييرات مزاجية ولا تتأثر بلون بشرة الرئيس. فليس بهذه الطريقة تسير الأمور في واشنطن .

بناء على هذا الإقتناع يتحمس اللبنانيون جميعاً لباراك أوباما ووعده بالتغيير، لعل شيئاً منه جميلاً يصل إليهم.