بيروت، واشنطن: يرى خبراء أن إنتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة قد يبدل معطيات المواجهة مع المجموعات الإسلامية في الشرق الأوسط عما هي عليه مع الرئيس الحالي جورج بوش، غير أن قلة يتوقعون تغييرا جذريا في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. وقال بول سالم مدير مركز كارنيجي للشرق الاوسط الذي يتخذ من بيروت مقرا له متحدثا quot;اعتقد بصورة اجمالية ان هذه المجموعات تنظر بارتياح الى فوز اوباما على (جون) ماكينquot; المرشح الجمهوري للبيت الابيض.

وتابع ان quot;مقاربته للعالم العربي والاسلامي اكثر ودية (..) ومجرد انه لن يكون عدوانيا او هجوميا (بالقدر الذي هو عليه الرئيس الحالي) سيعطي فترة استراحة وسيفتح الطريق لامكانية احداث تغييرquot;.

ورأى ان خطاب بعض المجموعات الاسلامية المتطرفة مثل القاعدة قد لا تكون له الوطأة ذاتها بعد انتخاب رئيس يعتبر اكثر اعتدالا من جورج بوش. وقال سالم ان quot;العديدين في العالم العربي والاسلامي، وبعض الاسلاميين حتى، سيكونون على الارجح اقل عدوانية حيال شخص اسود البشرة يدعى باراك حسين اوباما يتحدر من والد كينيquot;. وتابع انهم quot;لن يتمكنوا من تصنيف الرئيس الجديد تلقائيا في خانة الاستعماري الابيض او الصليبيquot; مثلما فعلوا من بوش الذي اطلق quot;الحرب على الارهابquot;. لكنه اشار الى ان quot;هذه المجموعات تدرك في الوقت نفسه ان اوباما يعتمد موقفا مؤيدا جدا لاسرائيلquot;.

والواقع انه على الرغم من رفع اوباما شعار التغيير، الا ان احدا لا يتوقع منه احداث تغيير جذري في الخطوط العريضة الكبرى لسياسة اسلافه حيال الشرق الاوسط. غير ان الخبراء يرجحون ان يتبع مقاربة اكثر مرونة للملفات الشائكة مثل البرنامج النووي الايراني والعلاقات مع سوريا، ما سيضعه في موقع افضل من موقع بوش.

وقال رفيق خوري رئيس تحرير صحيفة الانوار اللبنانية المستقلة quot;اعتقد ان حزب الله يعتبره اقل الشرين وشخصا لن يشن الحرب على ايرانquot; الداعمة للحزب الشيعي اللبناني الذي تعتبره واشنطن quot;مجموعة ارهابيةquot;. وتابع خوري ان quot;الحرص الاول لحزب الله هو عدم توجيه ضربة عسكرية لايران، الداعم الرئيسي له. هذه هي اولويتهquot;.

وقالت امال سعد غريب استاذة العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في بيروت والخبيرة في شؤون حزب الله ان الحركات الاسلامية ترى في انتخاب اوباما quot;ارجاء موقتاquot; لمغامرات بوش العسكرية في المنطقة. وتابعت انه quot;حتى لو كان الامر مجرد تغيير في الاسلوب او التكتيك من جانب الادارة الاميركية الجديدة، فان (الحركات الاسلامية) ترى الامر ذا مغزىquot;. لكنها اضافت ان quot;ايا من حركة حماس او حزب الله او اي مجموعة اسلامية لا تساوره اوهام بان الولايات المتحدة ستتحول الى صانع سلامquot;.

واعلن حزب الله انه لا يعلق آمالا على اوباما لان التغيير في الولايات المتحدة بات في مطلق الاحوال quot;حتمياquot; بعد فشل سياسة ادارة بوش. وقال نواف الموسوي مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله في تصريحات اوردتها الصحف الخميس ان quot;السياسة الاميركية في عهد ادارة جورج بوش قد هزمت وسقطت من العراق الى لبنان وفلسطين وسوريا وغيرهاquot;، معتبرا ان quot;المقاومة هي التي فرضت تغيير السياسات الاميركيةquot;. ورأى انه quot;لو تمكنت الادارة الاميركية من تنفيذ مشروع الشرق الاوسط الكبير او الجديد لما طرحت فكرة التغييرquot;.

الازمة المالية تفرض على اوباما خيارا جوهريا لمنصب وزير الخزانة

في سياق آخر تحتم الازمة المالية العالمية على اوباما القيام سريعا بخيار جوهري لمنصب وزير الخزانة حيث سيختار بين مرشحين يتمتعون بالخبرة واخرين يجسدون شعار التغيير الذي تبناه. وفيما كانت التكهنات حول الادارة الجديدة في الانتخابات الماضية تتركز بشكل اساسي حول وزير الخارجية، فان الظروف الحالية تجعل منصب وزير الخزانة في قلب التساؤلات والاهتمامات. وقال الخبير الاقتصادي جويل ناروف ان quot;هذا الشخص سيكون في مقدم الساحة اكثر من وزير الخارجية لمدة 12 او 24 شهراquot;.

ومن الاسماء المتداولة لخلافة هنري بولسون في هذا المنصب بول فولكر (81 عاما) الرئيس السابق للاحتياطي الفدرالي ولاري سامرز (54 عاما) وزير الخزانة بين 1999 و2001 في عهد الرئيس بيل كلينتون وتيموثي غايتنر (47 عاما) رئيس فرع الاحتياطي الفدرالي في نيويورك منذ 2003. واعلن وزير الخزانة في الادارة الحالية الخميس عزمه على ضمان انتقال quot;هادئ وفاعلquot; مع فريق اوباما الاقتصادي quot;بما يخدم مصالح الاسواق الماليةquot;.

ورأى ناروف وبيتر موريسي استاذ الاقتصاد في جامعة ماريلاند ان سن الوزير المقبل قلما يهم. وقال ناروف quot;الامر في غاية البساطةquot; مضيفا ان وزير الخزانة المقبل يجب ان يكون quot;على اطلاع واف جدا على آلية عمل الاسواق الماليةquot; كما ينبغي ان يكون مارس مهاما على مستوى رفيع في هذا المجال، سواء في القطاع الخاص او في الاحتياطي الفدرالي.

وحذر الخبير الاقتصادي المستقل من انه quot;بما انه سيترتب على وزير الخزانة +تسويق+ قسم كبير من الاجراءات المقررة لدى الرأي العام، فمن المفترض ان يتمتع بصفة ثانية وهي ان يكون خطيبا جيداquot;. وشاركه الرأي الخبير في معهد بروكينغز للابحاث باري بوسوورث الذي اعتبر ان فولكر اكبر سنا من تولي مهام شاقة كهذه، مؤكدا في المقابل ان سامرز وغايتنر مناسبان لهذا المنصب.

واذ اشار الى ان سامرز quot;كفوء وشديد الذكاءquot; وسبق ان شغل هذا المنصب لمدة سنتين وانه quot;على معرفة ممتازة بالمسائل الماليةquot;، لفت الى ان اطباعه قد تشكل عائقا. واوضح ان سامرز quot;شخص ينزع الى السيطرة ولا يحسن الاستماع الى الاخرينquot; ويمكن ان يكون quot;قاسياquot; في بعض الاحيان مضيفا انه quot;يمكنه الامساك بزمام الامور وان يترأس السياسة الاقتصادية، لكن ينبغي ان يكون ذلك ما يريده الرئيس، ان يكون يرغب في وزير خزانة قوي جداquot;.

اما غايتنر، فهو بيروقراطي يتمتع بالمهارة ويعرف quot;حق المعرفة كيف تعملquot; وزارة الخزانة بعدما عمل فيها لفترة طويلة، على حد قول بوسوورث. وكان غايتنر بصفته رئيسا لفرع الاحتياطي الفدرالي في نيويورك الذي يعتبر وسيطا تقليديا بين الاحتياطي الفدرالي الاميركي والاسواق المالية، من الذين قادوا عملية انقاذ مصرف بير ستيرنز في اذار/مارس وغيرها من الاجراءات الاستثنائية التي اتخذها الاحتياطي الفدرالي لدعم الاقتصاد. وانطلاقا من مهامه هذه، فان تعيينه قد يضمن الاستمرارية التي تشكل معيارا مهما في فترة الاضطرابات الحالية.

موريسي من جهته اعتبر ان تعيين فولكر الذي عالج ازمة التضخم في ثمانينيات القرن الماضي سيكون ممتازا مشيرا الى ان سنه المتقدمة تجعله quot;لا يكترث لما سيكون منصبه المقبلquot; كما انه يتمتع بquot;احترام كبيرquot;.

وفي حال عدم اختيار اي من الاسماء الثلاثة المتداولة، يرجح بوسوورث ان يعين اوباما جانيت يالن (62 عاما) رئيسة فرع الاحتياطي الفدرالي في سان فرانسيسكو او جون كورزين (61 عاما) حاكم نيوجرزي الديموقراطي الذي عمل في الماضي في مصرف غولدمان ساكس او آلان بلايندرم (63 عاما) نائب الرئيس السابق للاحتياطي الفدرالي. ويبدو ان روبرت روبن وزير الخزانة السابق في عهد كلينتون والمستشار اليوم في مصرف سيتيغروب لم يعد مطروحا لهذا المنصب بعدما ورد اسمه سابقا.

وقال موريسي quot;اذا تعذر تعيين فولكر، افضل ان يختاروا شخصا غير معروف، مثل مصرفي من الوسط الغربي له خبرة في شؤون الاحتياطي الفدرالي، شخص يتعاطى العمل المصرفي من الطراز التقليدي القديم، يمنح قروضا ويسترد اقساطهاquot; مضيفا quot;لقد نسوا كيف يقومون بذلك في نيويوركquot;.