طهران: أثار إخفاق الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في تقسيم عائدات النفط الإيرانية بدرجة أكبر من العدالة الشكوك بشأن فرصته في الفوز بولاية رئاسية ثانية في الإنتخابات التي تجري العام القادم. ويقول محللون انه بدلا من أن يدشن عهد quot;الرخاء الاقتصاديquot; الذي وعد به عام 2005 يقود احمدي نجاد ايران التي قد يتعين عليها موازنة دفاترها على الرغم من تحقيقها مكاسب غير متوقعة من عائدات النفط خلال معظم ولايته الرئاسية الاولى.

وألحقت انتكاسات سياسية بينها اقالة البرلمان لوزير الداخلية الحليف الوثيق لاحمدي نجاد بسبب درجة علمية مزورة مزيدا من الضرر بشعبية رئيس دافع عن حقوق الفقراء وتعهد بتطهير الحكومة. لكن مع تذمر معظم الايرانيين بشأن التضخم الذي تجاوزت نسبته 29 في المئة والبطالة فان من المرجح أن يكون الاقتصاد المعترك الرئيسي في السباق الانتخابي الذي يجري في يونيو حزيران عام 2009 التي يتوقع أن يخوضها احمدي نجاد لولاية رئاسية أخرى من أربعة أعوام.

وقال حبيب شاكر زاده المحاضر بالجامعة quot;عائدات ايران من النفط منذ انتخاب احمدي نجاد تساوي ثلث دخل البلاد منذ قيام الثورة الاسلامية (عام 1979).quot; واستطرد قائلا quot;لكن البلاد على شفا انهيار اقتصادي.quot; ويقول منتقدون من الساسة الاصلاحيين وحتى المحافظين ان انفاق احمدي نجاد هو الملوم في زيادة التضخم الذي كانت نسبته عام 2005 نحو 11 في المئة.

وقال محلل طلب عدم نشر اسمه quot;في ظل انخفاض أسعار النفط لا يستطيع احمدي نجاد الاستمرار في منح الاموال لفقراء الايرانيين لكسب تأييدهمquot; مشيرا الى تقديم الرئيس الايراني كميات كبيرة من الاموال خلال زياراته للاقاليم. وانخفض سعر الخام باكثر من 50 في المئة بعد أن بلغ السعر أوجه في يوليو تموز ليصل سعر البرميل الى 147 دولارا. وتعتمد ايران على النفط في 80 في المئة من عائداتها وفي العام الماضي وصل دخل النفط الى 70 مليار دولار.

وذكر تقرير لصندوق النقد الدولي في أغسطس اب أنه في ظل السياسات الحالية اذا انخفض الخام الايراني الى 75 دولارا للبرميل ستواجه البلاد عجزا في الحساب الجاري على المدى المتوسط وهو أمر غير مساعد لدولة منعزلة عن النشاط المالي العالمي. وحامت أسعار النفط حول 60 دولارا للبرميل يوم الثلاثاء.

لكن محللين سياسيين يحذرون بأن احتفاظ احمدي نجاد بدعم المؤسسة الايرانية الحاكمة من عدمه ربما يكون عاملا اكثر حسما في تأمين الفوز بالانتخابات الرئاسية. وأعلن الزعيم الاعلى الايراني اية الله علي خامنئي دعمه لنجاد والسياسات التي يتبناها. وقد تقنع تعليقاته ملايين الانصار الثوريين في انتخابات.

وانتقد نحو 60 خبيرا اقتصاديا في رسالة احمدي نجاد quot;لمثاليته المتطرفةquot; وquot;غياب تقييم التكلفةquot; عن خططه الاقتصادية محذرين من أن الجمهورية الاسلامية quot;ستدفع ثمنا غالياquot; للازمة المالية العالمية. واستخدمت الحكومة صندوق الاستقرار النفطي لايران وهو احتياطي يفترض استخدامه في الاساس للانفاق على المشاريع الرأسمالية في سد العجز المالي.

ووجه منتقدون بينهم بعض الساسة المحافظين الذين دعموه عندما رشح نفسه للولاية الرئاسية الاولى انتقادات لاذعة لانفاق أحمدي نجاد المسرف لعائدات النفط في الاعوام الثلاثة الماضية. وفي خطابهم الذي نشره يوم السبت قال الخبراء الاقتصاديون ان حكومة طهران أنفقت 142.6 مليار دولار من دخل النفط الايراني منذ عام 2005 في حين كان ينبغي أن تبقي الانفاق عند 47 مليار دولار.

ونتيجة لهذا يقول بعض النواب الان ان صندوق الاستقرار النفطي لم يتبق به سوى تسعة مليارات دولار غير أن نوابا بالبرلمان نقلوا عن مسؤول بالبنك المركزي قوله ان به نحو 25 مليار دولار. ويقول نواب انه حتى اذا كان الرقم الاعلى هو الرقم الصحيح فانه كان يجب أن يكون بالصندوق مبلغ أكبر.

وقال رجل الدين مصطفى بور محمدي رئيس مكتب المراجعة الوطني وهو وزير سابق أقاله احمدي نجاد quot;تم تسليم تقرير عن سحوبات الحكومة من الصندوق للزعيم... نعتقد أنه قد تم السحب من الصندوق على المكشوف.quot;

وربما يكون الاقتصاد نقطة الضعف بالنسبة له لكن احمدي نجاد لا يزال يجوب البلاد خاصة المناطق الفقيرة من المدن والاقاليم ويسعى الى تعزيز الدعم الذي يقول محللون انه قد يحقق له النصر رغم كل شيء. ومع حالة الارتباك التي تسود العالم بسبب الازمة المالية يصر احمدي نجاد على أن ايران المفروض عليها عقوبات من الولايات المتحدة والامم المتحدة بسبب برنامجها النووي المتنازع عليه اكثر حصانة من الاخرين.

وقال الرئيس السابق محمد خاتمي الذي لم يعلن بعد ما اذا كان سيعيد اطلاق خططه الاصلاحية من خلال المنافسة في السباق القادم ان الوعكة المالية لا يمكن معالجتها الا بعد اجراء اصلاح سياسي كبير. وفقد خاتمي دعم الكثير من الايرانيين لعدم اتخاذه موقفا اكثر حزما من المتشددين الاسلاميين خلال السنوات الثماني التي قضاها في الحكم.

ولا يزال احمدي نجاد يتمتع بشعبية قوية في البلدات الصغيرة والمناطق الريفية. لكن حلفاء خاتمي يقولون ان استطلاعات الرأي في عدة مدن تظهر دعما قويا له غير أنه لا توجد استطلاعات رأي مستقلة أو يمكن الاعتماد عليها في ايران.