دكار: صادق صانعو السياسات في المجال الإنساني على معايير متفق عليها دولياً لإعادة بناء قطاعات التعليم التي قطّعت الأزمات أوصالها، وذلك في خطوة تُظهر، بحسب الخبراء، بأن التعليم قد أصبح ضمن الإجراءات التي تهدف للحفاظ على الحياة.

وقد اعتمد مشروع quot;اسفيرquot; معايير التعليم في حالات الطوارئ والتي وضعتها الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ، وهي شبكة تتكون من 3,000 عضو ممن يدعمون التعليم في حالات الطوارئ ويمثلون وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والجهات المانحة ومعلمين وطلاب.

وقالت أليسون جوينر، مديرة مشروع اسفير: quot;نحن نعتقد أن تبني التعليم داخل أسرة اسفير يظهر إجماع المجتمع الإنساني على ضرورة اعتبار التعليم كقطاع ضمن عمليات الاستجابة لحالات الطوارئquot;.

وقد صادق مشروع اسفير الذي يعنى في الأساس بوضع حد أدنى لمعايير الإعانات الغذائية والمأوى والقطاعات الإنسانية الأساسية الأخرى على معايير الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ في أكتوبر/تشرين الأول 2008، وهو ما شكل تحولاً في منهج المشروع. وأضافت جوينر أنه قبل ذلك، لم يكن مشروع اسفير يركز على موضوع التعليم لعدم اتفاق جميع أعضائه على اعتباره quot;منقذاً للحياةquot; وبالتالي إدخاله ضمن المكونات التقليدية للعمل الإنساني.

هل تنجح المعايير؟

بدورها، قالت أليسون أندرسون، مديرة الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ أن quot;الهدف من الحد الأدنى للمعايير هو تعزيز مستوى الجودةquot;، مضيفة أن quot;أفضل ما يمكن فعله هو إعطاء الناس هدفاً يسعون لتحقيقه ومساعدتهم على بناء استراتيجيتهم الخاصة للاستجابة للطوارئquot;.

وتحدد معايير الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ كيفية توظيف المدرسين والقيام بالتقييم التعليمي ووضع قواعد السلوك الخاصة بالمعلمين والعمل مع المجتمعات على تطوير البرامج التعليمية. وأضافت أندرسون أنه quot;كلما كانت المعايير عملية أكثر كلما كانت أكثر فائدةquot;.

وقالت جوينر مديرة مشروع اسفير أنه من الصعب قياس أثر المعايير بسبب كثرة المتغيرات كالتمويل والأمن. ولكنها أضافت أنه بالرغم من ذلك فإنه quot;يوجد دليل متزايد على أن الحد الأدنى من المعايير كان له أثر ايجابيquot;.

وقد أشارت الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ إلى مثال المجلس النرويجي للاجئين الذي استخدم المعايير لوضع مدونة لسلوك المعلمين في الصومال عام 2005، وبعد ذلك قامت السلطات بفرض مدونة السلوك هذه على جميع المعلمين في البلاد.

وقد قامت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) عام 2007 بتطبيق معايير الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ في الأراضي الفلسطينية المحتلة لتشجيع المجتمعات على المساعدة في تصميم أدوات التدريس. وطبقاً لما ذكرته اليونيسف، فإن استخدام المعايير قد أعطى الوكالة وضعاً تفاوضياً أفضل مع وزارة التربية والتعليم.

المعايير ليست دواء لجميع الأمراض

وذكرت جوينر مديرة مشروع اسفير أنه في بعض الحالات وحتى مع توافر النوايا الحسنة لبعض المنظمات لتطبيق المعايير فإنها- أي المعايير- قد تظل غير فعالة.

وعن ذلك، قالت ديبورا هاينز، مستشارة التعليم في حالات الطوارئ بمنظمة إنقاذ الطفولة أن quot;الناس بحاجة إلى تذكر أن المعايير هي هدف يطمحون إليه ولكن - وكما حدث مع اسفير - لا يمكن دائماً تلبية جميع المعاييرquot;، مضيفة quot;أن تلك المعايير تبقى بمثابة نموذج نسعى إلى تحقيقهquot;.

ومن التحديات التي تواجه تطبيق معايير الشبكة المشتركة لوكالات التعليم في حالات الطوارئ، وفقاً لهاينز، حقيقة أن العديد من الحكومات والوكالات قد تكون على دراية بالمعايير ولكنها لا تملك الفهم الكامل لكيفية تطبيقها.

فعلى سبيل المثال، بعد العنف الذي اندلع في أعقاب الانتخابات في كينيا في يناير/كانون الثاني 2008، قامت المنظمات غير الحكومية التعليمية واليونيسف جنباً إلى جنب مع وزارة التربية والتعليم باستخدام المعايير للتخطيط للتعليم في حالات الطوارئ. وقالت هاينز أن quot;الوزارة كانت حريصة جداً على استخدام المعايير ولكن لم يكن لديها فكرة واضحة عن كيفية وضع تلك المعايير موضع التنفيذquot;.

وأردفت قائلة: quot;لقد طالبوا بتدريب عاجل على المعايير وهو ما فعلناه بشكل مستمر مع مساعدتهم على استخدام أدوات الشبكة المشتركة للاستعداد لحالات الطوارئ في المستقبلquot;.

ولكن رفع الوعي له تكلفته أيضاً، حيث قالت هاينز أن quot;التمويل يسمح للمنظمات بتطبيق المعايير والحصول على نتائج جيدة والتي بدورها تجذب المزيد من التمويل. ولكن ليس من السهل الحصول على الدفعة الأولى التي تمول عملية التعليم في حالات الطوارئquot;.

التعليم في حالات الطوارئ يفتقر إلى التمويل

ووفقاً لبحث أجرته منظمة إنقاذ الطفولة، تلقى التعليم في حالات الطوارئ 1.9 بالمائة فقط من موازنة المساعدات الإنسانية العالمية في عام 2007، في حين لم تتم تلبية سوى 27 بالمائة من المتطلبات العالمية لتمويل التعليم في العام نفسه والتي جاءت من أربع جهات مانحة فقط.

كما قامت خمس جهات مانحة فقط بإدراج التعليم كجزء من سياستها لتمويل المساعدات الإنسانية.

وقد ذكرت منظمة إنقاذ الطفولة في تقريرها أن quot;توفير التعليم الجيد في حالات الطوارئ لا يزال يُنظر إليه كأمر ثانوي إذا ما قورن بتقديم الغذاء والمياه والمعونة الطبية والمأوىquot;، مضيفة أن quot;توفير التعليم للأطفال في حالات الطوارئ هو جزء من حملتها العالمية لتحسين الاستجابة لاحتياجات التعليم في حالات الطوارئquot;.

وقد ذكرت جانيس دولان، رئيسة قسم التعليم بمنظمة إنقاذ الطفولة أن وجود معايير متفق عليها يمكن أن يساعد المنظمات في الدعوة إلى جمع المزيد من الأموال. وأضافت أن quot;المعايير مفيدة في لفت انتباه الحكومات والهيئات لإدراك أن التعليم أيضاً يجب أن يكون أولوية. كما أن هناك حاجة للمزيد من التمويل لجعل ذلك واقعاًquot;.

وعلى الرغم من اعتباره منخفضاً نوعاً ما، إلا أن تمويل الجهات المانحة للتعليم في حالات الطوارئ قد زاد في السنوات الأخيرة. وقد شكل هذا التمويل 1.5 بالمائة من موازنة المساعدات الإنسانية الدولية في عام 2006،و1.9 بالمائة في عام 2007 ومن المتوقع أن يرتفع إلى 2.3 بالمائة عام 2008.

وقد تم تشكيل مجموعة التعليم في نوفمبر/تشرين الثاني 2006 جنباً إلى جنب مع القطاعات الإنسانية الأساسية الأخرى كالصحة والمياه والإصحاح، كجزء من عملية إصلاح المساعدات الإنسانية والتي تم البدء بها لتطوير القدرة على التنبؤ والمحاسبة والتنسيق في مجال المعونة الإنسانية.

المصدر: شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)