تهديدات متبادلة بينهما
إسرائيل وحماس... من يعلن إنهاء التهدئة أولاً!!؟
نجلاء عبد ربه من غزة:
لم تشأ إسرائيل حتى اللحظة إعلان إنتهاء التهدئة التي أبرمتها مع حركة حماس قبل خمسة أشهر رغم الصواريخ الفلسطينية التي تسقط على مدنها وبلداتها المحاذية لقطاع غزة.
الأمر ذاته عن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، فهي لا زالت تتمسك بالتهدئة مع إسرائيل، على الرغم من قتل الأخيرة لخمسة عشر فلسطينياً في الآونة الأخيرة، فضلاً عن إجتياحها لأطراف الحدود في قطاع غزة.
القاسم المشترك بين الطرفين، إضافة لتخوف الطرفين سواء إسرائيل أو حركة حماس من إعلان فشل التهدئة، هو التهديد المستمر للطرف الآخر من مغبة الإقدام على تصعيد الوضع المتأزم أصلاً، فكلا الطرفين يستخدم التهديد للطرف الآخر كورقة ضغط أخيرة يمكن اللعب بها في حال إنهيار التهدئة التي أسمتها إسرائيل في الفترة الأخيرة بـ quot;نصف تهدئةquot;.
ودعا وزير المواصلات الاسرائيلي شاؤول موفاز من أقطاب حزب كاديما الحاكم، والذي عمل رئيسا لهيئة الأركان العامة في الجيش الاسرائيلي وبعد ذلك وزيرا للأمن في حكومة رئيس الوزراء السابق ارييل شارون، إلى وقف المفاوضات مع الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، والبدء بتنفيذ سياسة الاغتيالات من جديد. وقال لوسائل الإعلام الإسرائيلية أنه يجب وقف الكلام والبدء بتنفيذ سياسة الاغتيال الشخصي ضد قادة حماس ويجب تجهيز خطة وعرضها فورا على الحكومة.
وأضاف موفاز أن على الحكومة أن تقرر البدء بحرب ضد حماس واغتيال قادتها لمعالجة الأمر. وانتقد في معرض رده على سؤال سياسة إسرائيل المعتمدة على عقوبات البضائع والمعابر. وقال إنها لا تقود إلى نتائج حيث تظهر إسرائيل وكأنها هي التي تطلب التهدئة.
وتساءل موفاز بغضب، هل مسموح لحماس أن تخرق التهدئة وممنوع على إسرائيل أن تحمي منازل ومزارع وعمال وجنود إسرائيل من الخطف؟ وحين تفعل إسرائيل ذلك تستقبل الصواريخ والجراد على عسقلان.
وتابع قائلاً إن أعمال التصفية التي يجب أن تقوم بها إسرائيل يجب أن تشمل جميع قادة التنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة، لافتا إلى أن استمرار الوضع على ما هو، يؤدي إلى فقدان قوة الردع الإسرائيلية ضد حماس والتنظيمات الإرهابية الأخرى، على حد تعبيره.
ولم يؤيد الوزير الاسرائيلي قيام الجيش باحتلال قطاع غزة في الوقت الحالي، ولكنّه أكد أن الدولة العبرية ملزمة الآن بوضع خطة كاملة ومتكاملة للقضاء على قادة حماس في قطاع غزة، ودعا المجلس الوزاري الأمني والسياسي المصغر إلى الاجتماع فورا للإيعاز للأجهزة الأمنية الإسرائيلية بوضع خطة اغتيالات مكثفة والشروع بتنفيذها فورا ودون تأجيل.
في المقابل هددت كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس من مغبة إقدام إسرائيل على تنفيذ عمليات إغتيال لقادتها في قطاع غزة. وأعتبرت أن أي إغتيال لقيادات سياسية في حماس سيفجر الوضع وستشعل فتيل بداية صراع على مستوى أكبر من ذي قبل.
وتراهن حماس التي تسيطر على قطاع غزة قبل عام ونصف، على عشرات الأنفاق التي حفرتها على الحدود مع إسرائيل، بينما تتخوف الأخيرة من عمليات لخطف جنودها على غرار جلعاد شاليط الذي خطفته حماس وفصيلين آخرين فلسطينيين في قطاع غزة قبل سنتين تقريباً.
ورغم إعلان القادة السياسيين في حماس عن تمسكهم بالتهدئة، إلا أن الأجهزة الأمنية التي تعمل داخل القطاع، تغض البصر عن عمليات إطلاق الصواريخ التي تطلقها فصائل فلسطينية أخرى. وهي إشارة لإسرائيل بحسب مراقبين ومحللين سياسيين قالوا لإيلاف أن quot;حماس تبين لإسرائيل أنها قادرة على وقف تلك الصواريخ في حالة عودة الهدوء من جديد ووقف عمليات الإجتياحات المتكررة للجيش الإسرائيليquot;.
وكان رئيس حكومة غزة إسماعيل هنية أكد مساء أمس الأربعاء عقب إجتماعه بفصائل الممانعة، أن الحصار المفروض على قطاع غزة دليل على إفلاس إسرائيل وكل من يقف في مربعها في محاصرة الشعب الفلسطيني.
وقال quot;اجتمعت مع فصائل الممانعة اليوم، والفصائل تؤكد على أنها تلتزم بالتهدئة ما أن التزم الاحتلال بهاquot;.
وبحسب الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، فإن إسرائيل تبدو quot;حائرة بين الاستمرار بالتهدئة وتمديدها في التاسع عشر من كانون الأول القادم، حيث يكون قد مر ستة أشهر على إعلانها، وبين التصعيد العسكري بكل أشكاله بدءا بالحرب الشاملة وإعادة احتلال قطاع غزة مرورا بالاجتياحات الجزئية ووصولا إلى الاكتفاء بالمبادرة بتوجيه ضربات محدودة والرد على النار بالمثلquot;.
وأعتبر المصري أن وزير الجيش الإسرائيلي ايهود باراك يحاول أن يحسن من موقف حزبه في الانتخابات الإسرائيلية المبكرة القادمة في العاشر من شباط القادم، بعد أن أشارت الاستطلاعات إلى أن حزب العمل سيتلقى ضربة كبيرة من خلال تراجع عدد المقاعد التي سيحصل عليها وسط انتقادات شديدة من داخل الحزب وخارجه وصلت إلى استقالة عامي ايالون أحد قادة الحزب لأن حزب العمل فقد قدرته على البقاء، وفقد خطه السياسي ولأنه لا يستطيع أن يدافع عن ايهود باراك ويطالب بأن يكون رئيس الحكومة الإسرائيلية القادمة.
وكانت وزارة الداخلية في حكومة غزة أكدت أن تهديد إسرائيل بقصف المراكز والمقار الأمنية، والمؤسسات الحكومية التابعة لها لن يعيق عملها في تقديم خدماتها للمواطنين موضحة إنها ستستمر في عملها مهما كانت التهديدات أيا كان حجم التصعيد الإسرائيلي.
وقال إيهاب الغصين الناطق باسم الوزارة أن لدى الداخلية quot;خططاً وأماكن بديلة بحيث يتم توزيع أفراد الأجهزة الأمنية في الميدان وخدمة المواطنين كل في منطقته وفى أماكن معرفة لديهم، مبيناً أن الداخلية تسعى لخدمة المواطنين بكل الإمكانيات المتاحة لديهاquot;.
التهدئة التي أبرمت برعاية مصرية كان ينقصها بالمثل في الضفة الغربية، وهو ما أثر عليها في قطاع غزة، فإغتيال إسرائيل وإعتقالهم لنشطاء من الضفة الغربية، وتّر الوضع في قطاع غزة، ودعا منظمات فلسطينية لإعادة النظر في التهدئة، الأمر الذي شكل ورقة ضغط على مسار التهدئة.
ويقول الفلسطينيون أن التصعيد الإسرائيلي الأخير لقطاع غزة لا يمكن تفسيره إلا في سياق بدء المنافسة الانتخابية الإسرائيلية، حيث يتنافس قادة إسرائيل على من هو الأكثر تطرفا ضد الفلسطينيين، والأقدر على ممارسة العدوان والقتل والاستيطان ضد الشعب الفلسطيني.
من يشعل النار أولا ويعلن إنتهاء التهدئة، سواء إسرائيل أم حركة حماس، فالضحية عادة المدنيين الذين وجدوا أنفسهم بين حجري رحى. لكن السؤال يبقى، هل يستطيع معلن إنتهاء التهدئة وإشعال الوضع أن يكون قادرا على إطفائها أو التحكم بلهيبها!!؟