لندن: إستحوذ إحتمال إختيار الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما لهيلاري كلينتون كوزيرة للخارجية على إهتمام الصحف البريطانية التي أفردت جميعها أكثر من موضع لتحليل وعرض الموضوع. ففي صحيفة الاندبندنت نجد تقريرا بعنوان quot;سعي هيلاري للحصول على حقيبة الخارجية يواجه صعوباتquot; أعده ليونارد دويل مراسل الصحيفة في واشنطن.
ويستهل دويل تقريره بالقول ان هناك مخاوف من أن يشكل تولي هيلاري حقيبة الخارجية مركز قوى منافسا لأوباما. ويتابع دويل قائلا ان المفاوضات بين معسكري كلينتون وأوباما وصلت الى درجة تنذر بحدوث أزمة. ويرى التقرير ان الأزمة ترتكز على عاملين: نشاطات بيل كلينتون وشخصيات المتبرعين لمشاريعه الخيرية ولمكتبته، ومنهم من ينتمون لدول أجنبية مما قد لا يكون مقبولا لو تولت هيلاري منصب وزير الخارجية.
أما العامل الثاني فهو طبيعة التوتر الذي ساد العلاقة بين باراك أوباما وهيلاري كلينتون خلال تنافسهم على من سيفوز بترشيح الحزب الديموقراطي لانتخابات الرئاسة. وفوق كل ذلك، ربما تخوف معسكر أوباما من أن تشكل هيلاري مركز قوى منافس لأوباما في حال توليها المنصب.
ولكن هل سيختار أوباما هيلاري للمنصب ؟ تقول السيناتور كلير ماكاسكيل ان استعداد أوباما لتعيين شخص اصطدم معه في الماضي في منصب مهم كهذا هو ما دفع الكثيرين لانتخابه بالدرجة الأولى.
quot;انسوا الموضوعquot;
أما المقال الذي كتبه جيراراد بيكر حول نفس الموضوع في صحيفة التايمز فيحمل العنوان quot;لا مشاكل ؟ بوجود هيلاري ؟ انسوا الموضوع! يقول بيكر انه لو اختار أوباما هيلاري وزيرة للخارجية فماذا سيكون دور نائب الرئيس بايدن الذي اختير بسبب خبرته في مجال السياسة الخارجية تحديدا.
ويتساءل كاتب المقال: لماذا لا تكون هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية ؟ أليست مؤهلة لذلك ؟ ويجيب بأنها مؤهلة فعلا لتولي المنصب، ثم يتساءل : اذن ما المشكلة ؟ وهنا يورد مشكلتين: أولاهما أن هيلاري ستحاول فرض شخصيتها على الحلبة السياسية اذا تسلمت المنصب، وثانيهما انها لو فعلت ذلك فستسير السياسة الأمريكية بغير الاتجاه الذي يرغبه أوباما الذي يختلف معها في كثير من القضايا، منها استعداده للقاء شخصيات تعتبرها الولايات المتحدة شخصيات ديكتاتورية، دون شروط مسبقة.
هيلاري والشرق الأوسط
أما صحيفة الديلي تلغراف فتتناول الموضوع من زاوية مختلفة في مقال كتبه كون كولين بعنوان quot;حتى بوجود هيلاري كلينتون (كوزيرة للخارجية) سيجد باراك أوباما السلام في الشرق الأوسط مخادعاquot;quot;.
يقول الكاتب في بداية مقاله :quot;ما زال أمام باراك أوباما بضعة أسابيع قبل أن يؤدي القسم ليصبح الرئيس الرابع والأربعين للولايات المتحدة، ولكن الآمال قد انتعشت بأنه سيتوجه مباشرة لإجراء مفاوضات للتوصل الى حل نهائي للنزاع في الشرق الأوسطquot;..
ولكن هل سيعلن أوباما في خطاب تنصيبه التزامه بالتوصل الى تسوية نهائية في الشرق الأوسط وهل ستحاول هيلاري كلينتون كوزيرة للخارجية السير على خطى زوجها في محاولة اقناع الاسرائيليين والفلسطينيين بتوقيع اتفقاقية سلام؟ الاجابة على هذا السؤال غير معروفة حتى الآن، كما يقول الكاتب.
ويتابع كاتب المقال قائلا: quot;حين ننظر الى الوضع الحالي للنزاع الفلسطيني-الاسرائيلي ونرى الجدار الأمني الأسمنتي من الصعب أن نتصور أن ثماني سنوات فقط تفصلنا عن ما نجح به الرئيس بيل كلينتون تقريبا في إقناع الطرفين المتحاربين بتوقيع اتفاقية سلام في كامب ديفيد عام 2000.
تلك الاتفاقية كانت ستعيد للفلسطينيين 90 في المئة من الأراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967، ولكن ياسر عرفات رفضها، مما ترتب عنه موجة عنف حددت شكل العلاقات بين الفلسطينيين والاسرائيليين منذ ذلك الوقت، حسب المقال.
كاتب المقال يقول ان الأمال انتعشت بعد عودة الديموقراطيين الى البيت الأبيض، ولكنه يعدد بعض الظروف التي تجعل التفاؤل المفرط مبالغا به، منها قول الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخميس ان الموقع السوري الذي دمرته اسرائيل العام الماضي يشبه مفاعلا نوويا، وهو ما يشير الى إمكانية أن تكون سورية قد انخرطت في برنامج نووي. ومنها أيضا كون تنظيم القاعدة الذي اصدر بيانا يصف فيه الرئيس المنتخب أوباما بأنه quot;عبدالبيتquot;، وهناك أيضا ايران وبرنامجها النووي. لكل ذلك يمكن القول ان الظروف الدولية التي ينصب فيها أوباما مختلفة عن تلك التي عاصرها سلفه، كذلك لن يتمكن من تجاهل القاعدة وايران حين يفكر في صنع سلام تاريخي.
التعليقات