صناعة السيارات الاميركية امام انهيارها الوشيك
عقبة جديدة امام وفاء اوباما بوعوده
بلال خبيز من بيروت:
بدأ فريق الرئيس المنتخب باراك اوباما مواجهة المشكلات الجدية التي ستواجه ادارته مباشرة من قبل تسلمه مهامه في البيت الابيض بعد حوالى الشهرين. احدى ابرز هذه المشكلات تتعلق بصناعة السيارات الأميركية التي تعاني مصاعب مالية قد تجعلها تنهار في غضون اقل من شهرين. وغني عن القول ان انهيار واحدة او اكثر من الشركات الكبرى الثلاث سيترك آثاراً مدمرة على الاقتصاد الاميركي مثلما انه يطاول من دون شك سائر دول العالم. ففي بريطانيا وحدها، ثمة اكثر من عشرين الف عامل ومهندس يعملون في مصانع تملكها جنرال موتورز، فضلاً عن مصانع هذه الشركة في السويد واليابان والمانيا، حيث تمتلك هذه الشركة شركات سيارات يابانية والمانية وسويدية. لكن الأثر الاكبر سيكون من دون شك على الاقتصاد الأميركي. إذ تشكل صناعة السيارات احد الأسس المهمة التي يقوم عليها هذا الاقتصاد. إذ ان وظيفة واحدة من اصل كل عشر وظائف في الولايات المتحدة تعتمد بصورة مباشرة او غير مباشرة على صناعة السيارات. وقد بدأت الشركات بتقليص عدد ساعات العمل والانتاج ليتلاءم مع الانخفاض الحاد على الطلب. كما انها قلصت كثيراً موازناتها التي كانت تعتمدها للمشاركة في المعارض السنوية في انحاء الولايات المتحدة الاميركية وعلى امتداد العالم.

تطالب الشركات الثلاث بقرض ميسر من اموال خطة الانقاذ الحكومية التي اقرتها حكومة الرئيس جورج بوش، يبلغ حجمه 25 بليون دولار، لكن وزير الخزانة هنري بولسون يفضل ان يتريث في إنفاق المبالغ المرصودة من الحكومة الاميركية إلى ان يحين موعد التسلم والتسليم بين الإدارتين، من جهة اولى، فيما يرى الكونغرس ان مثل هذا القرض سيعتبر من الديون الهالكة ما لم تقدم الشركات الثلاث خطة تضمن لها المنافسة في السوق الأميركية مع الشركات الاخرى، من قبيل انتاج سيارات صديقة للبيئة يتم تشغيلها بالكهرباء او الوقود الهجين. وهو ما لا تسطيع الشركات انجازه في هذه المهلة القصيرة. ويعتقد مدراء الشركات الثلاث على نطاق واسع ان الانهيار المالي هو الذي سبّب الأزمة التي تعانيها شركاتهم، ويقع على الحكومة التزام المساعدة اسوة بالبنوك الكبيرة التي تم اقراضها، ولم يحل هذا الإقراض دون تفاقم الأزمة. في حين ان دعم صناعة السيارات قد يحول فعلاً دون انهيارها. وبكلام آخر يرى صانعو السيارات في الولايات المتحدة ان الحكومة أنفقت مبالغ كبيرة في غير محلها، فما زالت الانهيارات المالية تتوالى، وليس آخرها الأزمة التي تعاني منها سيتي غروب، في حين ان دعم صناعة السيارات يبقيها على حلبة المنافسة، خصوصاً ان الازمة التي تعانيها ليست محصورة في الصناعة الاميركية بل ان شركات السيارات في العالم كله بدأت تعاني أزمات مماثلة.

الرئيس جورج بوش والبيت الأبيض يميل عموماً إلى انقاذ صناعة السيارات، نظراً إلى عمق الازمة التي قد يخلفها انهيارها. والرئيس اوباما ليس بعيداً من هذا التوجه ايضاً. لكن الرأي السائد في الاوساط السياسية الاميركية يفيد ان الازمة الحالية التي تعانيها هذه الشركات ليست جديدة، وان الانهيار المالي لم يفعل اكثر من تعجيلها وتظهيرها. فهذه الشركات كانت تسير نحو انهيارها من دون حصول الأزمة، لأنها تعاني منافسة شديدة في السوق الاميركية نفسها، فضلاً عن عجزها عن اقناع المستهلك الاميركي بشراء ما تصنعه في مصانعها.
ما يخشى منه الجميع في فريق اوباما ان يتزامن الانتقال إلى البيت الابيض مع انهيار هذه الشركات، ما يضع الإدارة الجديدة في مواجهة مهمة عسيرة تضاف إلى المشكلات المعقدة التي تواجهها على اكثر من صعيد.