محمد حميدة من القاهرة: قالت صحيفة quot;هأرتس quot; الإسرائيلية ان مشكلة بدو سيناء لم تعد مشكلة داخلية خاصة بمصر فقط , بل تمثل أيضا أهمية خطيرة لإسرائيل . وأضافت الصحيفة انه عندما تطالب إسرائيل مصر بمنع تهريب الأسلحة عبر الإنفاق على الحدود، فإن مغزى الرسالة التى تريد إيصالها الى مصر هى ان تأخذ quot;حذرها من البدوquot; . لأنه بدون تهريب الأسلحة لا تمثل هذه الأنفاق تهديدا ، ولكن من المستحيل ان تقول إسرائيل للمصريين quot;أحسنوا رعاية البدوquot; .
وقالت الصحيفة فى تقرير لها حمل عنوان quot; حرب الجيران في صحراء سيناءquot; , أن الاشتباكات الأخيرة التي حدثت بين بدو شمال سيناء والشرطة بالقرب من الحدود لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة . وألقت باللوم على الحكومة المصرية بسبب تجاهلها للبدو وعدم اكتراثها بأحوالهم التى ساءت إلى حد كبير , مشيرة الى ان بدو سيناء البالغ عددهم 360 ألف quot;يشعرون بأنهم منفصلين عن الدولة التي يفترض أن توفر لهم الخدمات والتعليم والحماية. quot; وجردتهم الحكومة من سبل عيشهم التقليدية quot; السياحةquot; واستوردت بدلا منهم عمال من القاهرة وقرى دلتا النيلquot; , حتى ان نظام التعليم تجاهل تقاليدهم ويطلب من الطلاب دراسة تاريخ الفراعنة , وعندما يسألون المدرسين عن تراث البدو ، يتم استدعاء أولياء أمورهم للدردشة مع المعلمينquot; .
وقد بدأت المواجهات الأخيرة بين الطرفين اثر مقتل احد المواطنين من البدو على يد الشرطة , قيل انه حاول الاقتراب من الحدود المصرية الإسرائيلية بالقرب من بلدة مدفونة . وردا على ذلك حاصر المئات من البدو مركز شرطة محلي وحجزوا 11 شرطي وخطفوا 25 آخرين, أطلقوا سراحهم بعد ساعتين. و بعد أيام قليلة قتلت الشرطة ثلاثة من البدو خلال اشتباك مسلحة بينهما. لكن ما أغضب البدو إلقاء الشرطة للجثث فى أماكن لتجمع النفايات. ويطالب البدو الآن الحكومة بإقالة محافظ شمال سيناء الذي لم يحملوه فقط مسئولية الاشتباكات بل لاتهامهم أيضا بالعمالة لإسرائيل.
وتبذل الشرطة حاليا جهودا مضنية لاستعادة 72 بندقية آلية وعدد 20 ألف رصاصة وأجهزة اتصالات ومعدات رؤية ليلية استولى عليها البدو من مستودع ذخيرة بالقرب من منطقة الوادي الأزرق بشمال سيناء.
والمواجهات بين الشرطة والبدو في شمال سيناء مستمرة منذ هجمات طابا عام 2004 . بعد اقتحام الشرطة لمناطقهم بالقرب من العريش واعتقال الآلاف منهم دون محاكمة. وقد اعتقلت الشرطة بعد عام مئات العشرات من البدو بتهمة الاشتباه فيهم بالانتماء الى منظمات إسلامية مثل جماعةquot; التوحيد و آل الجهادquot; التى يشتبه بتورطها في ارتكاب هجمات شرم الشيخ فى 2005 ودهب في أبريل 2006.

وانتقاما لسجنهم لمدة قاربت العام دون محاكمة ، قرر البدو الرد على ذلك . و في سبتمبر 2007 استولوا على مدينة العريش ، وأضرموا النار في مكاتب الحكومة ، وأطلقوا الرصاصات في الهواء , ودمروا الصور و مكاتب الحزب الوطني . وعزت السلطات المصرية هذا الحادث الى نزاع بين اثنين من القبائل البدوية ، لكن البدو أوضحوا بعد ذلك أن النزاع بينهم وبين السلطات وقاموا بإغلاق الطريق الرئيسي المؤدي إلى شرم الشيخ.
وأوضحت الصحيفة ان الجهود التي تبذلها الحكومة لتحقيق quot;المصالحة الوطنيةquot; مع البدو لم تكلل بالنجاح , مشيرة الى ان وعود الاستثمار و مشاريع التنمية فى المناطق التى يقيم البدو فيها لا تزال حبر على الورق ، حتى تدهورت أحوالهم الاقتصادية تدريجيا ودفعتهم إلى مهن المخدرات وتهريب الأسلحة. تهرب البعض من هذه الأسلحة عبر الأنفاق إلى قطاع غزة ، ويستخدم البدو بعضها في التجارة الداخلية. والمشكلة هي أن السلطات المصرية تجد صعوبة في رصد أنشطة البدو ، لأن هناك مناطق لا تستطيع قوات الأمن المصرية اقتحامها خوفا من تعرضهم للهجوم و الاشتباكات ، ومناطق بدوية اخرى يعتبر البدو أكثر دراية بتضاريسها الصحراوية من الشرطة.