بهية مارديني من دمشق، وكالات: بدأ مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يضم 35 عضوا الخميس في فيينا إجتماع نهاية السنة المكرس خصوصا للملفين النوويين السوري والإيراني. وخلال هذا الإجتماع الذي يستمر يومين، سيدرس مجلس حكام الوكالة خصوصا امكان تقديم مساعدة لسوريا لدراسة جدوى بناء مفاعل نووي مدني فيها. وقال دبلوماسيون انه على رغم تحفظ الدول الغربية التي تشتبه بان دمشق قامت بنشاطات نووية سرية في موقع الكبر الذي قصفته اسرائيل العام الماضي، يمكن ان تمنح هذه المساعدة التي تندرج في اطار مهام الوكالة للترويج للطاقة النووية المدنية.
وكان المدير العام للوكالة محمد البرادعي حدد في تقرير ستدرسه الوكالة نقاط تشابه بين موقع الكبر حيث عثرت الوكالة على اثار يورانيوم ومنشأة نووية، ودعا دمشق الى التعاون. ويؤكد التقرير من جهة ثانية رفض ايران المستمر تجميد نشاطها لتخصيب اليورانيوم المدان من مجلس الامن الدولي، وكشف كل برنامجها النووي المثير للجدل.
ويعتبر إقرار مجلس محافظي الوكالة طلب سوريا في إنشاء مفاعل نووي نجاحاً لسوريا خاصة في ظل الخلاف الذي احيط بهذا القرار قبل الموافقة عليه وقوبل هذا الاقرار في دمشق بارتياح شديد رغم طلب الوكالة السماح لها بان تقوم بزيارة الاماكن التي يوجد فيها حطام المبنى واية معدات ازيحت من موقع دير الزور لغرض اخذ عينات جديدة منها خاصة ان هناك مطالب مماثلة لاسرائيل بتقديم معلومات فيما يخص بادعاءات سوريا المتعلقة بمنشا جزيئات اليورانيوم والقائها على موقع الكبر النائي اثناء تدمير اسرائيل له في سبتمبر من العام الماضي.
وكانت سورية طلبت من الوكالة إجراء دراسة جدوى لإنشاء مفاعل نووي للأغراض السلمية واختيار الموقع المناسب لإنشائه وهو مشروع الدراسة تبلغ تكلفته 350 ألف دولار ويبدأ تنفيذه العام المقبل على أن ينتهي في 2011 . ووافقت الوكالة على الطلب السوري بعد ان توصلت الى صيغة حصلت الوكالة بموجبها على تطمينات بأن يظل الأمر قيد التدقيق فيما يجري التحقيق في مزاعم عن وجود أنشطة نووية سرية في سورية في حين اشار تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول موقع quot;الكبرquot; السوري في وقت سابق الى إن النتائج التي تم التوصل إليها بعد زيارة المفتشين للموقع في حزيران الماضي والعثور على آثار لمادة اليورانيوم ليست كافية لاستنتاج وجود نشاط نووي في الموقع.
واحتوى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا الخلاف الذي أثاره طلب سوريا من الوكالة المساعدة في بناء المفاعل النووي السلمي بسبب رفض الدول الغربية لهذا الطلب ولكن بعد ان اعدت سكرتارية الوكالة صيغة توافق بين مطالب الدول الغربية ومطالب دول عدم الانحياز وسوريا.
وهذه الصيغة تؤكد ضرورة تقديم الوكالة المساعدة في اعداد دراسة جدوى حول انشاء مفاعل في سوريا لتوليد الطاقة الكهربائية مع تنفيذ هذه المهمة على خطوات تتناسب واعمال التفتيش والتحقق التي يقوم بها مفتشو الوكالة الذرية في موقع الكبر السوري للتاكد من عدم وجود مواد او انشطة نووية غير معلنة.
وعارضت الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة بشدة المشروع السوري بدعوى انه سيكون من غير المناسب ان تقدم الوكالة الذرية معلومات فنية حساسة لدمشق التي لاتزال خاضعة للتحقيق بسبب الاشتباه ببناء مفاعل نووي الا ان دولا اخرى من بينها الصين وروسيا وعددا من الدول النامية وصفت احتجاج الدول الغربية على الطلب السوري بانه تدخل سياسي يقوض برنامج الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتعزيز تطوير الطاقة النووية لاغراض مدنية.
بينما اعتبر المدير العام للوكالة الذرية الدكتور محمد البرادعي بان حرمان سوريا من تلقي المساعدات في مشروع الطاقة النووية كما طالب بذلك الدول الغربية لا يستند الى اسس قانونية وهو ما اثار حفيظة الدول الغربية والولايات المتحدة التي دخلت في مشادة قوية مع البرادعي الذي قال ان هناك ثلاثة حالات محددة يمكن فيها حرمان دولة عضو من بعض حقوقها quot;الاولى هي حالة عدم الانصياع .. عندما تكون للمجلس سلطة تعليق التعاون الفنيquot;. والحالة الثانية هي quot;عندما يحصل انتهاك مستمر لقوانين الوكالةquot; والثالثة كما قال البرادعي، هي عندما يصدر مجلس الامن الدولي قرارا ضد حكومة معينة واضاف ان اجراء التحقيقات في اي بلد لا يعني انه مذنب..
واكد quot;يجب ان نكون حذرين للغاية عندما نتحدث عن تحقيق. هناك شيء اسمه مزاعم وتحقيقات وشيء اخر اسمه دليل قاطع على البراءة او الذنبquot;. ونيابة عن دول عدم الانحياز قالت نورما غويكوتشيا سفيرة كوبا انه لا يوجد اي اساس قانوني للوكالة لحرمان سوريا من المساعدة في المشروع. وقالت انه quot;يجب عدم منع او تاخير او عرقلة تقديم برامج التعاون الفني لاي دولة عضو لمجرد وجود اشتباه او مزاعم غير مؤكدةquot;. بينما انتقد مندوب ايران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي اصغر سلطانيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومؤسسات الامم المتحدة الاخرى لصمتها عن قيام اسرائيل بتدمير المنشات السورية في سبتمبر العام الماضي والتركيز عوضا عن ذلك على محاولة حرمان دمشق من اية دعم تقني.
يذكر ان اللجنة الفنية المنبثقة عن الوكالة تتخذ توصياتها عادة بتوافق الاراء بين اعضاء مجلس المحافظين المؤلف من 35 دولة. ورغم ان الاجتماع السنوي للجنة لا يحظى في العادة باي اهتمام خارج الوكالة الا ان الطلب الذي تقدمت به سوريا هذا العام ادى الى انقسام الدول الاعضاء وقال دبلوماسيون حضروا اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المؤلف من 35 دولة ان الولايات المتحدة وفرنسا وكندا والاتحاد الاوروبي ككل دعوا الى تجميد المشروع. بينما رفضت الصين وروسيا والدول النامية الاعضاء في مجلس المحافظين ذلك واكدت انه تدخل سياسي.
وطلبت سوريا مساعدة الوكالة الدولية quot;لاجراء دراسة جدوى فنية واقتصادية واختيار موقع لمحطة طاقة نوويةquot; طبقا لقائمة الطلبات التي نشرها موقع الوكالة على الانترنت. وقدمت طلبات مساعدة ل 629 مشروعا في الفترة من 2009 الى 2011 حسبما ذكرت انا ماريا كيتو نائبة مدير الوكالة امام اللجنة في اليوم الاول من اجتماعها السنوي. وتتراوح هذه المشاريع ما بين تطوير الادوية العلاجية المشعة وتكنولوجيا هيدرولوجيا النظائر او مساعدة الدول التي ترغب في الحصول على الطاقة النووية.
وفي بيان مشترك قدمته فرنسا طالب الاتحاد الاوروبي بquot;اليقظةquot; فيما يتعلق بمشاريع التعاون الفني مع دول خاضعة لتحقيقات الوكالة. وقالت في البيان انه quot;نظرا لتأكيد امانة الوكالة الدولية للطاقة الذرية انها تحترم كافة اجراءات التقييم فان الاتحاد الاوروبي يعتقد بانه من الافضل تاجيل هذا المشروع من اجل منح البلد المعني وقتا للرد على كافة اسئلة الوكالة وضمان الالتزام بانظمة الوكالة . وتشعر الدول الغربية بالقلق بسبب تقرير لوكالة الطاقة الذرية قال الاسبوع الماضي ان مبنى في سوريا قصفته اسرائيل عام 2007 يشبه المفاعلات النووية من بعض الاوجه وان المفتشين عثروا على كميات كبيرة من جزيئات اليورانيوم في رمال الصحراء هناك.
ولكن لفت التقرير ان ذلك لا يكفي للجزم بأن الموقع كان به مفاعل نووي ذو تصميم كوري شمالي اقيم سرا لانتاج البولوتونيوم لصنع قنابل ذرية كما تشير المخابرات الأميركية. واكد ان الامر يحتاج الى مزيد من التحقيق في الموقع وزيارة ثلاثة مواقع اخرى ومزيد من الشفافية من جانب سوريا.
وتنفي سوريا تعاونها مع كوريا الشمالية ووجود مثل هذه الاستخدامات للموقع وتقول سوريا ان المواقع الاربعة كلها مواقع عسكرية تقليدية وان جزيئات اليورانيوم مصدرها الصواريخ التي استعملتها اسرائيل في القصف وان قيام الوكالة بزيارات اوسع نطاقا واكثر ايغالا للمواقع السورية أمر غير مقبول لاسباب تتعلق بالامن القومي مشيرة الى انها في حالة حرب مع اسرائيل.
التعليقات