تشكيل 4 لجان عراقية أميركية لتنفيذ الاتفاقية الامنية
الصدر حزين والسيستاني متشكك واليعقوبي متذمر


أسامة مهدي من لندن:
اثار تصديق مجلس النواب العراقي على الاتفاقية الامنية العراقية الاميركية ردود افعال متباينة بين اصحاب النفوذ من رجال الدين العراقيين ففي حين تخوف المرجع الشيعي الاعلى اية الله السيد علي السيستاني من آليات التنفيذ مؤكدا ان سيادة البلاد ستبقى ناقصة مادام هناك جندي اميركي في العراق فيما اعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الحداد لثلاثة ايام واصفا يوم التصويت بأنه خميس اسود في حين عبر المرجع اية الله الشيخ محمد اليعقوبي مرشد حزب الفضيلة عن خيبة امله .. في وقت اعلنت السفارة الاميركية في بغداد أن الجانبين العراقي والاميركي سيشكلان لجان مشتركة على اربعة مستويات لتنفيذ بنود الاتفاقية .

الصدر يعلن الحداد

وقد اعلن الصدر اليوم الحداد لمدة ثلاثة ايام واغلاق جميع مكاتبه في المدن العراقية ونشر السواد في انحاء البلاد واقامة مجالس العزاء في المساجد احتجاجا على توقيع الاتفاقية الامنية التي وصفها بانها quot; النكبة التي ألمت بالعراقquot; وquot;اتفاقية الذل والهوانquot; مشددا على انها quot;غير ملزمة للشعب العراقيquot;. واعتبر اليوم الذي وافق مجلس النواب فيه امس على الاتفاقية بأنه quot;الخميس الاسودquot; . وفي مؤتمر صحافي اكد مساعد للصدر هو لواء سميسم ان مقاومة الاتفاقية ستتم حاليا بالطرق السياسية والدستورية من اجل الطعن بها . واوضح ان مقاومة الاتفاقية عسكريا متروك للصدر الذي كان شكل مؤخرا لواء quot;اليوم الموعودquot; لمقاومة الجنود الاميركيين بالسلاح اذا وقعت الاتفاقية .

وقد صوت التيار الصدري ضد الاتفاقية امس وحمل نوابه في جلسة مجلس النواب شعارات تنادي بسقوط الاتفاقية وحاولوا التشويش على الجلسة بضرب الطاولات والهتاف المعادي . وأقر مجلس النواب العراقي الاتفاقية امس بأغلبية ساحقة بلغت 144 صوتا مقابل 35 صوتا معترضا.
المرجع الشيعي اليعقوبي يعبر عن خيبة امل
ومن جانبه عبر المرجع الشيعي اية الله الشيخ محمد اليعقوبي المرشد الروحي لحزب الفضيلة الاسلامية الذي صوت لصالح الاتفاقية عن خيبة امله من التوقيع عليها quot;دون الأخذفي الاعتبار وجهات النظر الوطنية المخلصة التي قُدّمت لهم ولم تلتزم بكل الشروط التي وضعتها المرجعية الدينية في النجف الأشرف للتوقيع عليهاquot; .. وهي:

أولاً- عدم الإخلال بالسيادة العراقية والتفريط بمصالح أجياله. فقد تضمنت الاتفاقية انتهاكات خطرة للسيادة من حيث إقامة القواعد وحصانة الجنود الأجانب وعدم ولاية القضاء العراقي على الجرائم التي ترتكب على أرضه وضد شعبه وعدم تفتيش الخارج والداخل إلى القوات الأجنبية والسيطرة على الأجواء العراقية والإذن بالقيام بما يلزمه الدفاع عن النفس وهو عنوان مطاط يمكن أن يبرر الكثير من الجرائم. بل قد يدخلنا في مشاكل مع دول الجوار بضرب عمقها تحت هذا العنوان.

ثانياً- تحقق الإجماع الوطني، وهو ما لم يتحقق في جلسة التصويت اذ لم يوافق إلا أكثر من نصف أعضاء البرلمان بقليل وهي أغلبية لا تحقق توافقاً وطنياً في مثل هذه القضايا المصيرية التي ترهن مستقبل الأجيال، وأود هنا تصحيح معنى الإجماع الوطني، فانه لا يكفي في تحقيقه توافق عدد من الكتل الكبيرة التي تنتسب إلى مكونات الشعب العراقي الرئيسة، بل لابد لتحقق معنى الإجماع الوطني أن يكون هذا التوافق مستندا إلى المصالح الوطنية العليا وليس إلى الصفقات المتبادلة والمصالح الحزبية والفئوية. وقد اتضح للقاصي والداني أن التوافق بُني على مثل هذه الصفقات قبل التصويت.
ثالثاً- الشفافية، وقد كانت غائبة عن مجريات المفاوضات حيث لم يعلم أعضاء البرلمان فضلاً عن الشعب بنص الاتفاقية إلا قبل التصويت بأيام وأُعلموا بأن النص نهائي ولا يمكن التغيير فيه، ولقد أخفيت النسخة الانكليزية التي قال عنها خبراء أميركيون إن فقراتها تفرّغ الأجزاء المهمة من الاتفاقية من محتواها.

رابعاً- تهيئة الظروف الموضوعية والمناخات السياسية الملائمة للدخول في مثل هذه المفاوضات المعقدة مع دولة كبرى مثل الولايات المتحدة، بأن تتوفر عملية سياسية رصينة مستندة إلى قاعدة شعبية واسعة ليكون المفاوض العراقي في وضع قوي يمكنه من تضمين الاتفاقية كل ما ينسجم مع مصالحه، لكن الذي حصل أن الأيام التي سبقت التصويت على الاتفاقية شهدت تشظياً وتشتتاً بين أطراف العملية السياسية بلغ الذروة، ووصلت الاتهامات المتبادلة بين الأحزاب الحاكمة إلى حد الجرائم الكبرى كاتخاذ مكاتب الأحزاب مقرات للقتل والتعذيب وانتهاك الدستور ومقاتلة قوات الحكومة وتشكيل الميليشيات والدكتاتورية وصرف المال العام للدعاية الانتخابية ووصلت إلى التهديد بالانقلاب وانقسمت المؤسسات الدستورية على نفسها حيث وصل التخندق الى ما بين مجلس رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة.

واشار الى ان الجانب الاميركي استغل هذه الانقسامات ليرمي إليهم النسخة التي يريد ويغلق باب التعديل ويطلب منهم المصادقة وإلا فالتهديد بالويل والثبور. وقال ان البعض اصر على توقيع الاتفاقية لا لقناعة بها وإنما لحرصه على التمسك بالمغانم التي حصل عليها ولم يستطيعوا إقناع المواطن بايجابيات فيها إلا قضية جدولة الانسحاب، وهو كما يعلم الجميع مطلب أميركي قبل أن يكون عراقياً وقد منحتهم الاتفاقية مدة (36) شهراً وهي أطول مما وعد به الرئيس الأميركي الجديد، مضافاً إلى عدم كون هذه المدة ملزمة لهم لان قادتهم السياسيين والعسكريين صرحوا بأن الانسحاب مرهون بالوضع على الأرض.

واوضح ان هذا البعض سعى إلى تسويقها بخلط الأوراق وإخفاء الحقائق وأجروا تعديلات لذر الرماد في العيون كتبديل اسمها من (الاتفاقية الأمنية) إلى (اتفاقية الانسحاب) وهو ليس انسحاباً بل إعادة انتشار وتحوّل من الاحتلال العسكري الظاهر إلى الهيمنة على مقدّرات الأمور، ولو كان انسحاباً حقيقياً لما احتاج إلى اتفاقية ولحصل الانسحاب فيه بلا قيد ولا شرط سوى ما تتطلبه العملية لوجستياً ويمكن حينئذ أي بعد الانسحاب قيام حكومة وطنية حرة بتوقيع أي اتفاقية تراعي مصالح الدولتين. وقال ان مما حاولوه ضمن عملية التسويق حصر الكتل السياسية بين خيارين: أما توقيع الاتفاقية أو تمديد الاحتلال ولا أحد شريف حر يرضى بوجود الاحتلال فيكون ملزماً بالخيار الأول.

ودعا اليعقوبي السياسيين الى ان يتذكروا انهم quot;لم يتبوأوا هذه المواقع إلا بدعم المرجعية الدينية وان الشعب لم ينتخبهم بأشخاصهم وإنما أعطى صوته لقضية ائتمنهم عليها فإذا لم يفوا للمرجعية وللشعب فإنهم يصبحون فاقدين للشرعية ولينتظروا الانتخابات المقبلة لينتخبهم الشعب بأسمائهم.
ان الفرصة لم تفت إذ يمكن للكتل السياسية أن تصحح المسيرة وتطالب بصوت واحد بتعديل الاتفاقية بما ينسجم مع المصالح الوطنية العلياquot;.
السيستاني يؤكد ان السيادة منقوصة بوجود الجنود الاميركيين
اما ممثل المرجع السيستاني السيد احمد الصافي فقد قال في خطبة الجمعة في كربلاء إن سيادة العراق خلال فترة وجود القوات الأجنبية لا تكون سيادة كاملة بل ناقصة من نواح عديدة .

واضاف أنه اذا كانت اغلبية النواب قد صوتت الى جانبها ايضا فان أعدادا غير قليلة منهم ممن حضر الجلسة او غاب عنها كان مخالفا للاتفاقية وبالتالي فان الشعب العراقي لا شك ولا ريب هو الذي سيكون الحكم عليها بالقبول او الرفض بالاستفتاء الذي من المقرر اجراؤه في منتصف العام المقبل . واضاف ان الامر الواضح هو ان سيادة العراق خلال فترة وجود القوات الاجنبية لا تكون سيادة كاملة بل هي سيادة ناقصة من عدة نواح أولها ناحية الحصانة القضائية للجنود، وعدم تفتيش البريد الرسمي ومن ناحية اخرى تلك الحرية غير المحدودة بالنسبة الى حركة القوات الاجنبية في الدخول والخروج في داخل البلد وخارجه وان المؤيدين للاتفاقية متفائلون بأن هذه الاتفاقية تؤدي في النهاية الى السيادة الكاملة والبعض متشائم بذلك والسبب هو بحكم التجارب التاريخية المماثلة التي تكون شبيهة لهذه الاتفاقية.

واشار الى قضيتين مقلقتين في هذا المجال متسائلا : هل انه خلال فترة نفاذ الاتفاقية ستمارس الحكومة العراقية سيادتها بالمقدار المنصوص عليه في الاتفاقية ام ان القوات الاجنبية ستضع العراقيل امام ذلك؟ . وقال بالنسبة إلى القضية الاولى ان وحدة الشعب العراقي وقواه السياسية على اساس رؤية وطنية شاملة هو شرط اساس لممارسة السيادة ولو بالحد الادنى المنصوص عليه بالاتفاقية، وان السيادة كسائر الحقوق مما يؤخذ وليس مما يعطى، ولا يمكن اخذها الا بوحدة الكلمة والابتعاد عن المصالح الضيقة الحزبية والفئوية وتقديم مصلحة العراق على باقي المسائل.

واشار الى القضية الثانية بقوله ان هذه الاتفاقية ليست فيها ضمانات قانونية للتنفيذ في ما يتعلق باخراج العراق من الفصل السابع وحماية أمواله والغاء ما كبّل به بموجب القرارات الدولية بعد عام 1990 وهناك قلق من عدم وفاء الولايات المتحدة الاميركية في هذا المجال لكن في الوقت نفسه على الحكومة العراقية ان تكون جادة وتتخذ الاجراءات المناسبة للاسراع في تنفيذ هذه الوعود لتحقيق مصلحة الشعب العراقي.

وأضاف quot;نحن الان في خندق واحد والشعب العراقي سيقول كلمته منتصف السنة المقبلة ومن الان كل ماعلينا هو تحديد اين تكمن مصلحة العراقquot; . ثم تحدث عن العراقيين خارج البلاد فقال ان هناك بعض المعاناة لهؤلاء في خارج العراق والذين يصطلح عليهم الان بالمهجرين او المغتربين quot;ووجود هؤلاء الاخوة الاعزاء هناك يحتاج الى اعادة نظر خاصة وان البلد في هذا الظرف الحساس يحتاج الى كل كوادره وطاقاته مع غض النظر عن خلفية هذه الطاقاتquot;. ودعا الى العمل من اجل تشجيع العراقيين على العودة الى وطنهم وقال إن على الدولة ان تضع نصب أعينها توفير ما يعينهم على مواجهة اوضاعهم المعيشية الصعبة .
تشكيل 4 لجان عراقية اميركية لتنفيذ الاتفاقية
اعلنت المتحدثة باسم السفارة الاميركية في العراق اليوم أن الجانبين العراقي والاميركي سيشكلان لجانا مشتركة على اربعة مستويات لتنفيذ بنود أتفاقية سحب القوات الأجنبية من العراق بعد أن تصادق من قبل مجلس الرئاسة.
وقالت آنا آسكروهيما لوكالة quot;أصوات العراقquot; إن ldquo;السفارة الاميركية والحكومة العراقية ستشكلان لجانا مشتركة على اربعة مستويات لتنفيذ بنود أتفاقية سحب القوات الأجنبية من العراقrdquo; لافتة إلى أن ldquo;السفارة الأميركية تنتظر مصادقة مجلس الرئاسة العراقي على الاتفاقية لتدخل حيز التنفيذ للبدء بتنفيذ بنودها في الاول من كانون الثاني ( يناير) من العام المقبلrdquo;.

وأقر مجلس النواب العراقي امس الخميس الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة بأغلبية 144 صوتا مقابل 35 صوتا معترضا . وأنهى اقرار الاتفاقية التي تنظم وضعية القوات الاجنبية في العراق وتمهد لانسحابها بحلول العام 2011 جدلا سياسيا واسعا شهدته الساحة العراقية منذ أشهر.

واوضحت اسكروهيما أن ldquo;اللجان المذكورة ستكون على المستوى الاداري ومستوى العمليات العسكرية ولجانا مشتركة من الجانبين، اضافة الى اللجان الفرعيةrdquo;، مشيرة إلى أن ldquo;مهمة كل لجنة تختلف عن الاخرى من حيث المسؤوليات وطبيعة الواجبات التي ستكلف بهاrdquo;.

ولم تحدد آسكروهيما تفاصيل عمل كل لجنة، إلا أنها ذكرت أن ldquo;الجانبين وضعا الترتيبات اللازمة لعمل كل لجنة بصورة مشتركة يضمن تحقيق هدفها خلال برنامج معد مسبقا يلزم الجانبين بالوقت المحدد حسب الاتفاقيةrdquo;. وفي ما يخص أتفاقية الاطار الاستراتيجي قالت المتحدثة باسم السفارة الاميركية في العراق إنrdquo;الجانبين العراقي والأميركي اتفقا ايضا على تشكيل لجنة واحدة مشتركة لتنفيذ بنود اتفاقية الاطار الاستراتيجي، ونحن في انتظار المصادقة على الاتفاقية من قبل مجلس الرئاسةrdquo; مبينة أن ldquo;اللجنة ستتولى مهمة تنظيم التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والامنية والسياسية والاجتماعية والصحية والتعليميةrdquo;.

وحول تنفيذ احد بنود الاتفاقية القاضي تسليم القوات الاميركية المسؤولية الامنية الخاصة بالمنطقة الخضراء في وسط بغداد في الاول من كانون الثاني المقبل ذكرت آسكروهيما أن ldquo;قوات الامن العراقية ستتولى مهمة المسؤولية الامنية للمنطقة وفق ما ذكر في الاتفاقية، أضافة الى تسليم مسؤولية الاجواء والبحر والبرrdquo; معربة عن إستعداد ldquo;القوات الأميركية لتقديم المساعدة للقوات العراقية إذا طلبت الحكومة العراقية من الادارة الاميركية ذلكrdquo;. أما في ما يخص إنسحاب القوات الاميركية إلى خارج المدن العراقية خلال شهر حزيران (يونيو) من العام المقبل فقد أشارت آسكروهيما أن rdquo; بنود الاتفاقية واضحة، فالقوات الأميركية ستسلم المسؤولية الأمنية لقوات الأمن العراقية من القصبات والمدن وفق الزمن المحدد على أن تنسحب بالكامل حتى نهاية عام 2011Prime;.