الدوحة: في سياق الاحتفالات باليوم الوطني القطري، خرجت صحيفة quot;اللوموندquot; الفرنسية، في عددها الصادر اليوم السبت، بمقال مطوّل عن قطر، وقيادتها، تحت عنوان رئيس quot;إمارة شريكة مفضّلة لدى ساركوزيquot;، يشدّد فيه الصحافي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط جييل بارس على الدور العملاق الذي تبوأته لقطر، باعتبارها قوة الوساطة والواسيطية والمخارج السلمية لإشكاليات المنطقة.

وأكّد بارس أن قطر تحظى بمكانة خاصة لدى الرئيس نيكولا ساركوزي. حتى إن الأخير زار الدوحة مرتين، في أقل من عام.

كما لفت إلى أن أمير قطر، أو من وصفه بـ quot;شخصية المنطقة العملاقةquot;، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، لم يبخل من جهته على باريس بزياراته المعنية. مشيراً إلى أن قطر، التي تستند إلى مخزون هائل من الغاز الطبيعي، يجعل منها ثالث أهم احتياطي عالمي للغاز، أصبحت منذ عام ونصف عام، الصديق الصدوق للرئيس الفرنسي ساركوزي، والتي لا تتردد لأن تهرع لنجدته في الوقت المناسب، كلما احتاج الأمر.

وعدّد جييل بارس في مقاله المواقف التي وقفت عبرها قطر إلى جانب الرئيس الفرنسي، وأخرجته، وحكومته، من إشكاليات أكثر من صعبة: EADS في أزمة. وهنا يشير الكاتب إلى إعصار اقتصادي كاد يعصف ببنية مشروع ايرباص بكامله، وخاصة مشروع الناقلات العابرة للمسافات A350؛ أحد أهم أعمدة الاقتصاد الفرنسي الحالي- لا خوف.

فالطلبية التي بعثتها قطر في إلى فرنسا في مايو 2007 بحسب الصحافي كانت كافية لإنقاذ ايرباص A350، حيث عاد بعدها مشروع طائرات المسافات الطويلة للتحليق من جديد بعدما كاد يتحطم على الأرض.

أما عندما كان ساركوزي في حاجة إلى دعم جهة مانحة، وذلك بعد نجدة الإيرباص بشهرين، من أجل إيجاد حل إنساني لقضية الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني المهددين بالإعدام في ليبيا، ذكّر بأن قطر سارعت من جديد لنجدة ساركوزي، ومد يد العون له، في تكتم يليق بالمعاملات المتعلقة بالمال.

أما عندما تعلق الأمر بأزمة تحتاج إلى حل في لبنان، حيث كانت الأسلحة تتقارع رغم محاولات ومساعي الوساطة الفرنسية، فنّوه الصحافي بنهوض أمير قطر لنجدة ساركوزي، ودعوته جميع الفصائل، والفصائل الفرعية اللبنانية المتنازعة، إلى طاولة محادثات في الدوحة. قادت إلى إمكانية انتخاب رئيس للجمهورية بعد شغور المنصب لأكثر من 6 أشهر.

وعرّجت اللوموند على أن ما يربط قطر بفرنسا، ليس فقط العلاقة الحميمية التي تجمع الأمير بساركوزي، بل العلاقة كانت قديمة وتعود إلى تاريخ تأسيس دولة قطر.

وحول هذه الخصوصية التي تطبع العلاقات القطرية الفرنسية، حللت اللوموند إلى أن ذلك يعود إلى إرادة سياسية، ومشاعر حميمية تربط الأمير بفرنسا وبالثقافة الفرنسية، وهو ما سمّته بفرانكوفونية الأمير.

مؤكّدة أن هذه الفرانكوفونية والميول الفرنسية، جعلت منه، بعدما حافظ على علاقة متميزة مع فرنسا، يبرز في الأشهر الأخيرة على هرم الدبلوماسية السياسية الساركوزية في الشرق الأوسط، بدلاً من المملكة العربية السعودية، التي كانت المفضلة لجاك شيراك.

واعتبرت اللوموند أن التأسيس العسكري لنجل الأمير الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني والشيخة موزة بنت ناصر المسند، التي تراها الصحيفة الفرنسية المرأة الأكثر تأثيرا في المنطقة العربية، جرى على يد قادة عسكريين فرنسيين في الأكاديمية العسكرية الفرنسية سانت سير، والتي صارت تملك اليوم فرعا لها في قطر.

وأوضحت الصحيفة أن النشاط الدبلوماسي غير العادي لفريق الدبلوماسية القطرية في الدوحة، وشهيته لتحقيق الضربات السياسية الكبرى، مع الحفاظ في الوقت نفسه على برجماتية واقعية واضحة، هو ما يجذب الرئيس الرئيس الفرنسي إلى الدوحة.

حيث ان ساركوزي يستوعب بشكل عقلي ما يمكن أن يفهم على أنه تركيبة من التناقضات؛ تلك التي تحضنها الأراضي القطرية. وحيث إن الدوحة تحضن في الوقت نفسه كل من مقر القيادة الوسطى الأميركية وقناة الجزيرة الفضائية، التي تعد من أقوى المنابر العربية المعادية للسياسية الأميركية.

وشددت اللوموند على انه منذ نجاح الدوحة في الوصول إلى تحقيق الوفاق اللبناني، الذي جمع شمل الأطراف اللبنانية المتخاصمة، برعاية الدوحة، فإن قطر صعدت إلى مرتبة الوسيط الإقليمي. وهو الدور الذي رأته تلعبه بمهارة مرة أخرى من خلال نجاحها في ترتيب اجتماع القمة الثلاثي برعاية الأمير الذي عقد في العاصمة القطرية أواخر نوفمبر، وجمع بين ساركوزي والرئيس السوداني عمر البشير، الذي تهدده مذكرة توقيف دولية متعلقة بدارفور.

وختمت اللوموند بتحليلها quot;يبدو أن قطر تسعى إلى أن تلعب دورا مضافا في هذا الاتجاه، يقصد لفك فتيلة الخلاف بين الأطراف الفلسطينية المتخاصمة الآونة، وذلك بالتنسيق مع الدول العربية ذات الثقل في هذا الميدان، مثل مصر والسعوديةquot;.