أسامة مهدي من لندن: وافق مجلس النواب العراقي بالاغلبية الليلة على استقالة قدمها رئيسه محمود المشهداني تجنبا لاقالته من قبل عدد من الكتل البرلمانية الكبرى اثر وصفه للمجلس بالتافه وتهجمه على اعضائه مشترطا اختيار بديل عنه من جبهة التوافق السنية نفسها التي ينتمي اليها مهاجما المحاصصة الطائفية والسياسية ومشيدا بالصحافي منتظر الزيدي ومعترفا بزلات لسان اقترفها .. كما وافق المجلس على قرار حكومي حول انسحاب القوات الاجنبية غير الاميركية من العراق منتصف العام المقبل.

واعلن المشهداني استقالته في جلسة استثنائية مطولة لمجلس النواب قائلا انها تاتي حفاظا على المصلحة العامة وذلك اثر مداولات مطولة عقدها قياديون في جبهة التوافق السنية اسفرت عن اقناعه على الاستقالة موضحين له صعوبة الاستمرار بمنصبه اثر توتر علاقاته مع معظم الكتل البرلمانية . وقد اشترط المشهداني لاعلان استقالته اختيار بديل عنه من جبهة التوافق السنية التي ينتمي اليها . وهاجم المشهداني في كلمة له المحاصصة الطائفية والسياسية التي قال انها عرقلت مسيرة العملية السياسية . واشاد بشخصيات عراقية سابقة قال انها خدمت العراق وانجبت ابنها البار منتظر الزيدي (الذي رمى الرئيس الاميركي جورج بوش بحذائه) . واضاف انه استخار البقاء في منصبه او تركه في الروضة المحمدية بمدينة المنورة لدى ادائه فريضة الحج مؤخرا.

واشار الى ان جميع ممارساته كانت تستهدف صالح مجلس النواب ومهماته وعمله لكنه اوضح انه لم يستطع انجاز ذلك . واقر بانه كانت له زلات لسان لم يمنحه الله حصافة الترفع عنه . واستعرض مسيرته السياسية السابقة وفترات سجنه وقال انه لم يبق له صديق سوى شخصين . وطلب من المجلس قبول استقالته واحالته على التقاعد . وقد رفع المجلس اجتماعاته الى التاسع من الشهر المقبل .

يذكر أن المشهداني ينتمي إلى مجلس الحوار الوطني احد مكونات جبهة التوافق التي تضم الحزب الإسلامي ومؤتمر أهل العراق، ولديها 38 مقعدا من مقاعد البرلمان الـبالغة 275، وسبق لجبهة التوافق العراقية أن تقدمت العام الماضي بمقترح يوصي بعزل رئيس المجلس محمود المشهداني على خلفية مشادة تخللتها اشتباكات وضرب بالأيدي بين حراس المشهداني وأحد نواب البرلمان عن الائتلاف الموحد.

وقد تصدر الدعوة لاقالة المشهداني الائتلاف الشيعي الموحد والتحالف الكردستاني وجبهة التوافق لكن مجلس الحوار الوطني احد مكونات جبهة التوافق السنية الذي ينتمي اليه المشهداني والتجمع التنسيقي الذي يضم 12 كتلة صغيرة رفضا ذلك على اساس ان رئيس البرلمان قدم اعتذارا السبت الماضي عن تصرفه كما تحفظت القائمة العراقية والتيار الصدري على مشروع الاقالة .

وفي جلسة استثنائية لمجلس النواب امس تبادل المشهداني الشتائم مع النائب عن حزب الامة العراقية مثال الالوسي الذي طالبه بالاستقالة ووصفه بانه ابن اسرائيل في اشارة الى الزيارة التي قام بها الاخير لاسرائيل مرتين خلال الاعوام الثلاثة الماضية . ثم دخل المشهداني في مشادة كلامية مع رئيس الكتلة الكردية فؤاد معصوم الذي دعاه الى الاستقالة مهددا باقالته من قبل النواب . وقد شهد مبنى البرلمان فوضى واشتباك بالايدي بين افراد حماية المشهداني والقوات الامنية العراقية التي انتشرت في جنبات مبنى المجلس للحفاظ على الامن .

وجاءت هذه التطورات على خلفية مشادة كلامية قد نشبت بين المشهداني وأعضاء لجنتي الأمن والدفاع والقانونية في جلسة الأربعاء الماضي حول قانون انسحاب القوات الأجنبية من العراق وحول قضية الصحافي منتظر الزيدي الذي رمى الرئيس جورج بوش بذائه مطلع الاسبوع الماضي هدد المشهداني اثرها بالاستقالة من منصبه. وقد وصف المشهداني مجلس النواب اثرها بالتافه وقال ان اعضاءه مجموعة من الكاولية (الغجر) ولا يصلح لهم الا رئيس كاولي quot;غجريquot; .

وقدم المشهداني اعتذاره الى النواب بعد ان هددت كتل سياسية بحجب الثقة عنه في حال عدم اعتذاره عن الاتهامات التي وجهها الى نواب ورؤساء كتل . فقد اعتذر المشهداني عما بدر منه خلال جلسة الاربعاء الماضي التي احتدم فيها النقاش بين عدد من الاعضاء من لجنتي الامن والقانونية على خلفية قضية الصحفي العراقي منتظر الزيدي الذي رمى الرئيس الاميركي بحذائه والخلافات التي نشبت بين النواب حول الموقف من العملية والتي هدد المشهداني خلالها بتقديم استقالته من رئاسة المجلس .

وفي جلسة السبت الماضي القى النائب عقيل الخزعلي بيانا باسم التجمع التنسيقي اشار فيه الى ضرورة تواصل مسيرة العمل البرلماني بما يخدم المصلحة الوطنية وايجاد ورقة اصلاح برلماني ينضج العمل التشريعي والرقابي . وطالب المشهداني بالعزوف عن قراره بتقديم الاستقالة لمنع حدوث فراغ سياسي لأن ذلك لا يخدم المرحلة الراهنة كما دعاه الى الاعتذار عما صدر منه في جلسة الاربعاء الماضي والكتل البرلمانية الاخرى الاعتذار عما حصل بحق المشهداني من اتهامات كما أعلن طلب التجمع التنسيقي بايجاد ورقة اصلاح برلماني.

وقدم النائب خلف العليان باسم مجلس الحوار الوطني الذي ينتمي اليه المشهداني الاعتذار لمجلس النواب فيما اذا بدر منه من غير قصد موقفا سلبيا وطالب من الجميع ان يكونوا متسامحين وقال quot; نحن بحاجة الى توحيد الموافق quot;.واستجابة لطلب التجمع التسنيقي قال رئيس مجلس النواب محمود المشهداني :quot;اقدم الإعتذار الشديد لما بدر مني الآن او في الماضي والاعتذار لا ينقص من احد بل يرفعه بين اخوانهquot; وطالب النواب جميعا بتحمل المسؤولية كما يتحمل هو مسؤوليات كبيرة.

والدكتور محمود المشهدانى من مواليد منطقة الكاظمية في بغداد وتخرج من كلية الطب بجامعة بغداد عام 1972 برتبة ملازم أول طبيب وتدرج فى الرتب العسكرية حتى رتبة طبيب رائد . وبعد نشوب الحرب العراقية الايرانية عام 1980 القي القبض عليه ومجموعة من الناشطين فى التيار الاسلامى بحجة معارضة الحرب تمت محاكمته وصدر الحكم بالسجن لمدة عامين امضى منها عام ونصف العام ثم افرج عنه لحسن السير والسلوك وتم طرده من الخدمة العسكرية ومصادرة أمواله ومنعه من المغادرة . وزاول المشهداني مهنة الطب بعيادته في بغداد حتى عام 1998 ،ثم توجه الى اقليم كردستان وفي عام 2000 تم الحكم عليه من قبل النظام السابق بالاعدام ثم تم تخفيفه الى 15 سنة . وقد اعطى المشهداني رئيس محكمة الثورة 123 مليون دينار رشوة لتخفيف الحكم ثم صدر قرار بالعفو على المعتقلين شمله قبيل الحرب الاميركية على العراق عام 2003 . وساهم المشهداني عقب خروجه من السجن في انشاء الهيئة العليا للدعوة والارشاد ثم انضم الى جبهة الحوار احدى ثلاث مكونات تتشكل منها جبهة التوافق العراقية .

وقد اعتقل المشهداني من قبل القوات المتعددة الجنسيات عام 2004 ومن ثم من قبل سلطات وزارة الداخلية العراقية عام 2005 بتهمة تأييده للمقاومة العراقية .. ثم انتخب رئيسا لمجلس النواب العراقي عام 2006 ورئيسا للاتحاد البرلماني العربي عام 2008 وصدر له عام 2007 ديوان شعر بعنوان quot;عندما تذبل ورود الزعفرانquot;.

مجلس النواب يوافق على انسحاب القوات غير الاميركية

في غضون ذلك/ وافق مجلس النواب العراقي في الجلسة الاستثنائية نفسها على قرار حكومي عراقي حول مغادرة القوات الاجنبية غير الاميركية للبلاد منتصف العام المقبل .

ووجود هذه القوات الاجنبية في العراق كان ينظمه تفويض صادر عن الامم المتحدة قد انهاه مجلس الامن الليلة الماضية نهاية العام بحسب ما صادق على ذلك مجلس الامن الدولي مساء الاثنين الماضي .

ووافقت الحكومة العراقية على مشروع قانون انسحاب قوات المملكة المتحدة وايرلندا الشمالية واستراليا ورومانيا واستونيا والسلفادور وحلف شمال الاطلسي (ناتو) من العراق وتنظيم انشطتهم خلال فترة وجودهم المؤقت فيه. وأعلن الناطق الرسمي بإسم الحكومة العراقية علي الدباغ ان مجلس الوزراء قد اقر مشروع قرار إنسحاب قوات المملكة المتحدة وايرلندا الشمالية واستراليا ورومانيا واستونيا والسلفادور وحلف شمال الأطلسي من العراق حيث سيتم إحالة المشروع الى مجلس النواب للمصادقة عليه.

وأضاف الدباغ في بيان صحافي تسلمت quot;ايلافquot; نسخة منه أن حكومة العراق وحسب مشروع القرار ستسمح لقوات المملكة المتحدة وايرلندا الشمالية بالبقاء في العراق لإستكمال المهام المكلفة بها في موعدٍ أقصاه 31 أيار (مايو) 2009عام وتنسحب كلياً من العراق في موعد أقصاه 31 تموز (يوليو) عام 2009، بينما يسمح لقوات استراليا ورومانيا واستونيا والسلفادور وحلف شمال الأطلسي بالبقاء في العراق كي تنهي المهام الموكلة لها وتنسحب بشكلٍ كلي في 31 تموزالمقبل .

وأكد الدباغ بأن الغرض من القرار هو توفير غطاء قانوني للوجود المؤقت لتلك القوات في العراق تمهيداً لإنسحابها بشكلٍ كامل في موعد أقصاه 31 تموز 2009 حيث لاتزال الحاجة مستمرة لتلك القوات في الوقت الحاضر لإستكمال المهام المنوطة بها ويتيح القرار لحكومة العراق الطلب من أي من القوات المشار اليها في أعلاه الإنسحاب المبكر أو تمديد مدة البقاء بعد التاريخ المحدد للإنسحاب لإغراض التدريب أو المساعدة الفنية حيث سيخضع أفراد هذه القوات وأفراد وزارات الدفاع لقوات تلك الدول الى الولاية القضائية للعراق بإستثناء الجرائم المرتكبة أثناء تأديتهم الواجب من دون قصد أو غير الناجمة عن إهمال جسيم وتلك المرتكبة من قبلهم داخل المنشآت والمعسكرات المتفق عليها والمشغولة من قبلهم حيث سيخضعون في تلك الحالات الى الولاية القضائية للدول التي ينتمون اليها.

واشار الدباغ الى أن مشروع القانون يحدد طبيعة ومهام وأنشطة تلك القوات ومنشآتها ومعسكراتها خلال فترة وجودها المؤقت في العراق من خلال حكومة العراق بالإتفاق مع الحكومات والأطراف ذات العلاقة كما يمنع مشروع القانون أية عمليات أو أنشطة عسكرية على أراضي وأجواء ومياه العراق من دون موافقة مسبقة من قبل حكومة العراق كما ستقوم تلك القوات بإعادة كافة المعسكرات والمنشآت والأبنية المشغولة من قبلها الى حكومة العراق بعد إنسحابها من دون ديون أو أعباء مالية.

وقد صادق مجلس الامن الدولي مساء امس في قرار جديد على انهاء تفويض القوات المتعددة الجنسيات تحت قيادة اميركية في العراق في 31 من الشهر الحالي بناء على طلب العراق.

واعتبر القرار الذي حمل الرقم 1959 واقر بالاجماع ان مهمة القوة quot;انتهتquot; في 31 كانون الاول (ديسمبر) 2008. والقرار مرفق برسالة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي يذكر فيها بان بغداد طلبت في رسالتها الاخيرة في كانون الاول (ديسمبر) عام 2007 تمديد تفويض هذه القوة quot;للمرة الاخيرةquot;.

واضافت هذه الرسالة المؤرخة في السابع من الشهر الحالي quot;بما ان العراق وقع مع الولايات المتحدة اتفاقا على انسحاب القوات الاميركية من العراق وانشطتها خلال وجودها الموقت في العراق، فاننا نرحب بانتهاء تفويض القوة المتعددة الجنسية في العراق في 31 كانون الاول (ديسمبر) 2008quot;.

وقد وقعت واشنطن وبغداد رسميا الشهر الماضي اتفاقا ثنائيا يحدد اطار الانسحاب الشامل ل 146 الف جندي اميركي من العراق بحلول نهاية 2011 لذلك سيضع هذا الاتفاق نهاية للوجود العسكري الاميركي في العراق. واكد المجلس أن العراق ما زال في حاجة الى الدعم الاقليمي والدولي وأهاب بالمجتمع الدولي ولا سيما بلدان المنطقة وجيران العراق دعم الشعب العراقي.