دمشق: كان العام 2008 عام فك العزلة عن سوريا، التي بدأت مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بوساطة تركية ،وشهدت اختراقات أمنية كبيرة أهمها اغتيال المسؤول العسكري لحزب الله عماد مغنية في دمشق في 13 فبراير /شباط الماضي،واغتيال المستشار العسكري للرئيس السوري العميد محمد سليمان في مطلع أغسطس /آب الماضي . وقد نجحت سوريا في عقد القمة العربية في دمشق ،و عادت بعد انقطاع لاستقبال الرؤساء والوزراء الأجانب ،فاستضافت قمة رباعية سورية فرنسية قطرية تركية،وذلك بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى باريس في يوليو /تموز الماضي.

ويعد انعقاد القمة العربية العشرين في دمشق في آذار / مارس الماضي والتي أطلقت عليها سوريا عنوان quot; قمة التضامن العربيquot; الحدث الأبرز خلال العام التي يوشك على الانتهاء كونها أول قمة عربية تعقد في سوريا. و سبق انعقاد القمة الكثير من النقاشات والمداولات التي دعت الى تأجيلها أو نقل مكانها أو تخفيض مستوى تمثيل الدول العربية فيها ،الأمر الذي دفع بوزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى الإعلان أن quot;القمة تعقد بمن حضرquot;.

وقال معاون وزير الإعلام السوري طالب قاضي أمين ليونايتد برس انترناشونال quot; التحديات السياسية التي سبقت عقد القمة انعكست على مستوى الحجم الإعلامي الذي رافق أعمالها، وهي أول قمة عربية من حيث عدد الإعلاميين الذين تابعوا أحداثهاquot;. وأضاف quot; كل ما سبق القمة من تلك الأحداث حوّل القمة الى قمة غير عادية ،ومن وجهة نظر سورية فان من غاب عن القمة هم الذين خسروا وليست سوريا quot;.

واستضافت سوريا أيضا في الرابع من سبتمبر /أيلول الماضي قمة رباعية جمعت الأسد ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي وأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. وقال رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية وزير الإعلام السوري السابق مهدي دخل الله ليونايتد برس انترناشونال ان عقد القمة quot; تأكيد لدور سوريا في السياسة الدولية وهو اعتراف أوروبي بهذا الدور quot;.

بدوره قال المحلل السياسي الأستاذ في كلية الإعلام بجامعة دمشق مروان قبلان quot; أن كسر العزلة الأوربية جاء بعد زيارة الرئيس بشار الأسد إلى باريس ما ساهم في عودة العلاقات مع معظم الدول الأوربية ،أثمرت التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقية الشراكة السورية الأوربية، وكل هذا جاء بسبب ما لسوريا من موقف سياسي مستقل في منطقة عزا فيها الاستقلال السياسي الفعلي quot;. من جهة أخرى أشار دخل الله الى الدور quot;السوري الكبيرquot; في التوصل إلى اتفاق الدوحة الذي جمع الفرقاء اللبنانيين وقال quot; هذا الاتفاق يعتبر تأكيداً للموقف السوري الذي يصر على التوافق والوحدة اللبنانية بين مختلف القوى اللبنانية quot;.

واستقبلت دمشق خلال العام 2008 الرئيس اللبناني ميشال سليمان ، وشهدت التوقيع على انطلاق العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ،والزيارة التاريخية لرئيس كتلة الإصلاح والتغيير في مجلس النواب اللبناني العماد ميشيل عون. وشهد العام 2008 كذلك حركة دبلوماسية كثيفة باتجاه دمشق لاسيما خلال الشهور الأخيرة تمثلت بعودة العلاقات السورية الفرنسية ،وزيارة الرئيس الروماني ترايان باسيسكو وكذلك الرئيس الكرواتي ستيبان ميسيتش ووزير خارجية بريطانية ديفيد ميليباند ،بالإضافة الى زيارتين للرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر .

و يرى رئيس مركز الشرق للدراسات الإستراتيجية الدكتور سمير التقي ان quot; العالم كله متفائل بالمتغيرات المقبلة وخاصة في السياسة الأميركية بعد وصول باراك اوباما إلى رئاسة الولايات المتحدة .هذه الإدارة التي تسعى للحوار بدل المواجهة quot;. وأضاف quot;إذا صدقت هذه الإدارة فأن العام المقبل سيشهد سياسة الحوار وتكون السياسة السورية حققت نجاحاً في هذا المضمار quot;.

لكن أستاذ القانون الدولي في جامعة دمشق الدكتور إبراهيم دراجي اعتبر ان quot; سوريا ما تزال تواجه صعوبات كثيرة في علاقاتها الدولية والعربية ، برغم انها عملت على تحسين العلاقات وخاصة مع بلدين عربيين هامين هما مصر والسعودية ولكن يبدو أنها لم تنجح في هذا المجال quot;. وبالرغم من الانجازات الدبلوماسية سجل العام 2008 على الصعيد الأمني اختراقين كبيرين ،الأول اغتيال مغنية في دمشق .ومع ان وزير الخارجية السوري وليد المعلم أعلن أن التحقيقات ستكشف خلال أيام الفاعلين ،لم يعلن حتى الآن عن شيء .

وقال قبلان quot; قد لا يكون السوريون مسؤولين عن تحركاته (مغنية) وان جهات أخرى لها دور في عملية الاغتيال، ولم يفصح السوريين عن الفاعلين ويتركون هذه الورقة بيدهم كعادتهمquot;. وتمثل الاختراق الأمني الثاني باغتيال المستشار العسكري للرئيس السوري العميد محمد سليمان في مطلع أغسطس /آب الماضي.ولم يتم الكشف حتى الآن عن هوية الفاعلين.

بالإضافة الى ذلك قتل 17 سوريا في عملية تفجير القزاز التي نفذتها مجموعة من تنظيم quot;فتح الإسلامquot; والتي ألقت قوات الأمن السورية القبض على الفاعلين في وقت قياسي . و شهدت قرية السكرية بالقرب من مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية غارة أميركية أودت بحياة تسعة أشخاص.