مراقبون: نصرالله خسر شعبيته في الشارع المصري بلغته التحريضية
حملة إعلامية شرسة في مصر ضد خطاب أمين عام حزب الله
نبيل شرف الدين من القاهرة: ظل السيد حسن نصرالله، أمين عام quot;حزب اللهquot; اللبناني يتمتع بشعبية جارفة في الشارع المصري طيلة الأعوام الماضية، خاصة بعد تلك الحرب التي شنتها إسرائيل على الجنوب اللبناني، حتى تغير هذا الأمر تماماً حينما ألقى خطابه التحريضي يوم أمس الأحد، والذي حرض فيه المواطنين والقوات المسلحة المصرية على التمرد، وهنا انقلبت هذه الشعبية للاتجاه المعاكس، وأصبح شيطاناً تكيل له وسائل الإعلام الاتهامات الغليظة بأنه تجاوز حدود اللياقة والحصافة السياسية وتورط في ما لا ينبغي التورط فيه . نصر الله ولد هجومًا على العربية !
quot;يبدو أن المصريين خدعوا به ومن ظنوه موسى طلع فرعونquot;، بهذه العبارة استهل الكاتب والمحلل السياسي صلاح عيسى حديثه عن نصر الله في مستهل حملة إعلامية مصرية بالغة الشراسة انطلقت في كل الصحف الحكومية والمعارضة والمستقلة فضلاً عما تبثه شاشات التلفزيون التابعة للدولة والفضائيات الخاصة من مقابلات مع محللين سياسيين ومعلقين وكتّاب ومسؤولين، وقد تسابقوا جميعاً في تأليب الرأي العام ضد خطاب حسن نصر الله الأخير .
وبالفعل يبدو الشارع المصري مصدوماً من تصريحات حسن نصرالله، فما قد لا يعرفه الكثيرون عن المصريين أنهم ربما يقبلون، بل ويرحبون بمهاجمة السياسيين وتوجيه أقسى الاتهامات إليهم، لكن ثمة مؤسسات وفي الصدارة منها القوات المسلحة، لا يقبل مصري الزج بها في أتون السجالات السياسية، ناهيك عن التحريض الفج الذي تضمنته كلمة نصر الله حين خاطب quot;ضباط وجنود القوات المسلحة المصريةquot;، قائلاً إننا quot;نعرف أنهم ما زالوا على أصالتهم العربية وعداوتهم للصهاينة رغم مرور عشرات السنين على اتفاقية كامب ديفيد، وأنا لا أدعو لانقلاب في مصر، لكنني مع أن يأتي الضباط للقيادة المصرية ويقولوا لها إن شرف بزاتنا العسكرية والنجوم التي على أكتافنا تأبى أن نكون حرساً لحدود إسرائيل في ما يقتل الفلسطينيون في غزةquot;، على حد تعبيره .
ومازاد الطين بلة مصرع ضابط مصري برصاص مسلحين فلسطينيين عند معبر رفح، فضلاً عن المظاهرات العنيفة قبالة السفارة المصرية في بيروت والتي ردد فيها متظاهرون ـ يرجح انتمائهم لحزب الله ـ هتافات من نوع : quot;يا طنطاوي عامل إيه، بايع غزة بربع جنيهquot;، quot;حسني مبارك صبرك صبرك، أطفال غزة حتفتح قبركquot;، وغير ذلك من الهتافات التي يجمع المراقبون على أنها تركت انطباعات سلبية في مجملها على نفوس المصريين الذين قد يحتجون على سياسات حكوماتهم، لكنهم يرفضون الاصطفاف مع الآخرين في هذا السلوك باعتباره quot;خيانة وطنيةquot;، فهذا جانب تقليدي من الخارطة النفسية للمصريين .
ردود فعل
من جانبه، تحدث الدكتور عبد المنعم سعيد رئيس مركز quot;الأهرامquot; للدراسات السياسية والاستراتيجية ووصف كلمة نصر الله بالتحريضية الفجة التي تفتقد لأبسط قواعد اللياقة والحصافة السياسية، وأضاف أن حسن نصر الله إذا كان قد نجح في أن يفرض إرادة جماعته التي تمثل quot;أقليةquot; على الأغلبية في لبنان، فإن ذلك يبدو مستحيلاً بالنسبة للوضع المصري، فجيش مصر هو جيش احترافي مهمته الدفاع عن شعبها وأراضيها، وليس مقبولا الزج به لصالح أجندات إقليمية كما يحدث بالنسبة لمقاتلي حزب الله، وأضاف د. سعيد أن نصر الله مازال يعيش أسيراً لحرب أفضت إلى احتلال دولي لجنوب لبنان، فلم يعد هناك احتلال إسرائيلي فقط للجنوب بل احتلال دولي يعلم الله وحده متى وكيف يمكن أن ينتهي.
وتحدثت quot;إيلافquot; مع عينات عشوائية من المصريين حول انطباعاتهم عن كلمة حسن نصر الله، وكانت الردود في معظمها تدور حول استنذكار اللغة التحريضية التي استخدمها، خاصة في ما يتعلق بحديثه الموجه للقوات المسلحة، وقال حاتم السقا، وهو أستاذ جامعي إن حديث نصر الله جعله يخسر الكثير من التعاطف الشعبي المصري، فالرجل لا يفهم مدى حساسية الإقدام على توجيه خطاب تحريضي للضباط والجنود، فهذا أمر غير مقبول من أي أحد، خاصة لو كان شخصاً غير مصري ولا يدرك الحسابات المصرية الدقيقة في هذا الشأن، فالسيد نصر الله منح نفسه حقاً ليس له، وخاض في أمور بالغة الحساسية، ولا أحسب أن مصرياً عاقلاً يمكن أن يبرر أو يتفهم تلك اللغة التحريضية الفجّة التي تورط فيها نصر اللهquot;.
وفي صحيفة quot;المصري اليومquot; الليبرالية كتب أحمد الصاوي تحت عنوان quot;ولا أحد يلوم حماسquot;، قائلاً quot;الذين أحرقوا غزة هم أولئك المراهقون سياسياً، والمدججون بكل ما يملكه العرب من خطب حنجورية، الذين أفشلوا الحوار وتطاولوا على الكبار، ورفضوا النصيحة وقامروا بشعبهم، وأهدروا مصالحه فى صراع سياسى رخيص، لا يهتم بقضية ولا بأرض، السلطة فيه أولاً وقبل كل شئ، حتى قبل تحرير الأرض التى سيقام عليها الوطنquot;.
وتحدث نصر الله في كلمته غير المسبوقة قائلاً إن quot;المطلوب من النظام المصري ألا يستغل الحرب للضغط على حماس وعلى حركات المقاومة في غزة لقبول الشروط الإسرائيلية، بل يجب أن يساعد أهل غزة على إيقاف الحرب من دون قيد أو شرطquot;، كما توجه نصرالله إلى المسؤولين المصريين قائلاً : quot;حتى الآن كنا نتكلم بلياقة ونتحدث عن مناشدة، ولكن بعد الذي جرى نقول للنظام المصري: إن لم تفتحوا معبر رفح وتنجدوا الفلسطينيين فأنتم شركاء في الجريمة والقتل والحصارquot;، وطالب الشعب المصري بفتح المعبر بصدورهمquot;، على حد زعمه .
التعليقات