كامل الشيرازي من الجزائر: شهدت منطقة جانت الجزائرية (2300 كلم جنوبي شرق العاصمة)، توافدا كبيرا للسياح الأجانب وكذا الجزائريين خلال الأيام الأخيرة، حيث فضّل هؤلاء قضاء عطلة نهاية السنة والاحتفال برأس السنة الميلادية الجديدة بمهد الطاسيلي، ووسط جماليات هذه المنطقة الساحرة بأقاصي جنوب البلاد، سيحيي هؤلاء السياح ليلة رأس السنة تحت ضوء القمر في أكثر من موقع طبيعي بمدينة جانت الآسرة.

وعشية رحيل العام 2008 وقدوم العام 2009، عرف مطار quot;تيسكاquot; الدولي حركة نشطة ميزها إقبال مستمر لقوافل من السياح الأجانب وحتى السكان المحليين الذين تحملوا مشاق السفر من مدن بعيدة من أجل معانقة فضاء جانت المغري، وأفاد مسؤول محلي بأنّ أكثرية الوافدين هم من جنسيات أوروبية مختلفة إضافة إلى سياح يابانيين، بلغ عددهم بالإجمال زهاء 3540 سائحا بينهم 2318 سائحا فرنسيا و330 ألمانيا، وأكثر من 270 إيطالي، إضافة إلى المئات من دول أخرى، إلى جانب الأعداد الهائلة لجزائريين من الداخل وكذا مغتربين قدموا من فرنسا وإسبانيا على وجه الخصوص لتملّي روائع المنطقة على متن ظهور الجمال وإشباع نهمهم من المناظر الطبيعية الخلابة حيث الرمال الذهبية والصخور المنقوشة التي تعود إلى آلاف السنين.

وينظر مسؤولو القطاع السياحي لهذا الغزو على أنّه مدعاة لاستعادة السياحة الصحراوية جنوب الجزائر لوهجها المفقود، خصوصا مع الحيوية التي تتمتع بها حاليا عديد المرافق كالفنادق والمحلات ومكاتب وكالات الأسفار السياحية بالمنطقة، وهو ما جعل كثير من مسئولي هذه الوكالات يبدون ارتياحهم، خصوصا وأنّ السياحة تعدّ موردا هاما من موارد البلاد الاقتصادية. وبالتزامن، مع الوفود السياحية الكثيرة المتجولة عبر كثبان ومعالم جانت، يعرف قطاع الصناعات التقليدية هناك نشاطا محسوسا وازدهارا كبيرا، حيث يتهافت السياح الأجانب على كل ما تعرضه أسواق ومحلات المدينة من مختلف أصناف المنتجات الحرفية التي تعكس حضارة وعراقة ثقافة وأصول موطن الرجل الأزرق.

بهذا الصدد، يقول quot;صالح تكاويquot; الذي يملك محلا للصناعة التقليدية بمدينة جانت، أنّ الرحلات الجوية الكثيرة التي يشهدها مسقط رأسه منذ بداية الشهر الجاري، لهي دليل قاطع بأنّ الأمور قد تغيرت بفضل توفر عدد من العوامل وما تبذله السلطات أيضا من جهود من أجل الترويج للسياحة الصحراوية، هذه الأخيرة باتت بحسب المدير الفرعي للسياحة على مستوى ولاية إيليزي، مرشحة لأن تدرك انطلاقة جديدة خلال هذا الموسم، خصوصا بعد الاتفاقية التي تمت ما بين المتعاملين السياحيين والمديرية في هذا الاتجاه لتطوير عموم المنتجات السياحية وإيجاد أنشطة لمن يُعرفون بـquot;الحرفيين الصغارquot;.

وتوجد أكثر من 30 وكالة سياحية معتمدة بالمنطقة، وتشتغل كل واحدة منها على التكفل بمئات السياح وتمكينهم من استكشاف مواقع سياحية لها قامتها بالطاسيلي، ومعالم quot;ديدرquot; وquot;إسنديلانquot; وquot;تادرارتquot; وquot;إسوانquot; ومواقع مجاورة لها شهرة عالمية كـquot;قمة أسكرامquot; الأسطورية. يشار إلى أنّ الصحراء الجزائرية، تشهد منذ حلول فصل الخريف، توافدا مكثفا لقوافل من السواح الأجانب الذين يفضلون هذه الفترة عادة لغزو مختلف المواقع السياحية المنتشرة عبر حظيرة الطاسيلي المبهرة، وقالت كشوفات حديثة تلقت quot;إيلافquot; نسخة منها، إنّ نحو 1113 سائحا أجنبيا زاروا صحراء الجزائر خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، سيما الأوروبيين الذين بلغ عددهم أكثر من 890 سائح.

ومنذ انطلاق الموسم السياحي الجديد في الجزائر، تشهد منطقة جانت (أقاصي جنوب البلاد)، حركة سياحية غير عادية يطبعها توافد أعداد كبيرة من السياح الأجانب من مختلف الجنسيات الأوروبية والآسيوية، ما جعل الحركة السياحية تتخلص من روتينها المعتاد، وتنفرد بنوع من الحيوية الواعدة، ولأجل تسهيل حركة السياح في اتجاه المواقع التي يرغبون في زيارتها، تمّ تجنيد وكالات الأسفار والسياحة ومجموعات من المرشدين السياحيين، ويسهر هؤلاء على توجيه السياح الأجانب وإيصالهم برا عبر مسالك طبيعية صعبة إلى مناطق صحراوية نائية تنفرد بتباعد المسافات والتضاريس الوعرة، وهي خصائص عادة ما تستهوي السياح الأجانب.