الاردن سياسا في العام 2009
حاجة ماسة لفريق سياسي يتقن قواعد اللعبة
رانيا تادرس من عمان : يمتاز عام 2009 بزخم الأجندة السياسية الاردنية اضافة الى متغيرات زاخرة تفرض قواعد لعبة سياسية جديدة للتعاطي مع تلك الملفات بحنكة سياسية بما يخدم المصالح الأردنية، وهذا يتطلب فريق حكومي سياسي مدرك تمامًا لقواعد اللعبة السياسية القادمة خصوصًا في ظل قيادة سياسية تتمثل بشخص الملك عبدالله الثاني الذي يقود الدبلوماسية الأردنية الخارجية بإتقان.
فالأردن يواجه إدارة اميركية برئاسة اوباما وما يتبع ذلك من صعوبات في التعاطي مع ادارة الولايات المتحدة في الفترة المقبلة بحكم الصداقة وعلاقات التحالف التي تربيط بين البلدين.
لكن مشكلة الأردن سياسيًا في الفترة المقبلة وفق محللين تكمن في صعود اليمين الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتانياهو الذي يؤمن بسياسية تراسفير والوطن البديل ما جعل الاردن متوجسًا، على الرغم من الرفض الرسمي لهذا الخيار وتأكيدات الملك عبدالله بضرورة قيام حل الدولتين يقابلها رفض شعبي.
فإدارة هذا الملف كما يقول عدد من محللين تفرض على الاردن القيام بدور المصالح بين الفصائل الفلسطينية خصوصًا بعد الانفتاح الأمني الأردني على قادة حماس وما يحمله هذا الخيار من مصلحة مشتركة وحماية لفلسطين والأردن، وكذلك انتهاج سياسية مصالحة مع العراق لأن العائلة الهاشمية مقبولة لدى الأطراف العراقية الحزبية والمذهبية.
إذن الافق السياسي الادرني يحمل متغيرات كثيرة ضبابية تحتاج الى رؤية عمل سياسية مختلفة عن السابق، فالحكومة الاردنية الحالية بحاجة إلى فريق يفهم تداعيات المرحلة والتأثيرات المحتملة لمواجهة التحديات السياسية الخارجية الى جانب ازمة مالية عالمية وأوضاع اقتصادية صعبة تؤثر داخليًا.

بهذا الشأن، يفند وزير الداخلية الأسبق سمير الحباشنة لـ quot;إيلاف المتغيرات الحالية أن تشخيص وقراءة المشهد السياسي القادم يتضمن محاور عدة أهمها فوز باراك اوباما الذي حمل شعار التغير وهذا يعني أن الإدارة الأميركية الجديدة تنتهج نمط تفكير جديد يعارض الحرب على العراق والبقاء هناك، ونقطة محورية تنتهجها الإدارة الأميركية وهي اعتبار أفغانستان مصدر الإرهاب الحقيقيquot; .
ويعتبر الحباشنة ان التغيرات بدأت تظهر ولعل اولها تعيين هيلاري كلنتون التي تمثل سياسة الاعتدال كوزيرة للخارجية ويضيف عن المتغيرات الاخرى في المنطقة quot;المحور الثاني يتمثل بالانتظار إلى حين ظهور نتائج الانتخابات الإسرائيلية في شباط quot;فبراير quot; 2009. هل سيكون صعود اليمين أو كاديما؟ وفي حال فازت كاديما فإن ذلك يعني انفتاح اسرائيلي نحو سوريا بما يخدم مصالح الادارة الاميركية الجديدة بيد أن أهمية الخطوة quot;هو التأثير على التحالف الإيراني السوري بصفته حلف مؤثر وفي المصحلة إضعاف اذرع الحلف حركة حماس وحزب اللهquot;
أما محور المتغيرات الثالث يتمثل في وجهة نظر الحباشنة هو انتهاء الولاية الدستورية للرئيس الفلسطيني محمود عباس في التاسع من كانون الثاني (يناير ) خصوصًا في ظل رفض حمساوي تجديد ولايته وإجراء انتخابات برلمانية واستمرار الانفصال الفلسطيني الداخلي وهذا سيخلق ثلاثة دول: الضفة وغزة إسرائيل. ويضيف quot;مما سبق يتضح أن الرؤية السياسية مغلفة بضبابية تداعيات سياسية وأزمة مالية ما يثير تساؤلات حول خيارات الأردن والتأثيرات التي قد يتعرض لهاquot;. ويعتبر حباشنة أن خيارات الأردن واسعة تنطلق من حل القضية الفلسطينية بتحقيق السلام وإقامة الدولتين وهذا يفرض على الأردن نهجًا وخطابًا سياسيًا قويًا، ومؤثرًا مدعومًا عربيًا وأردنيًا لعرضه على إدارة أميركية غير متشددة ولديها قناعات السلام العادل .

أما الخيار الثاني بالنسبة إلى حباشنة quot;يتمثل بضرورة تحرك اردني في العراق لتحقيق المصالحة العراقية وإعادة الأمن والاستقرار إلى أراضيها بعد الانسحاب الذي حدد بعد عام ونصف أي الانسحاب وشيك .quot;
اما عن قبول الاطراف العراقية للرعاية الادرنية يقول إن quot;مختلف أطياف الشعب العراقي الحزبية المذهبية العشائرية تقبل بدور أردني لجملة أسباب أبرزها أن العائلة الهاشمية ليس لها مطامع في العراق والأطياف العراقية واثقة من ذلك. وعليه فهي خدمة مشتركة ومصالح متبادلة بفائدة مالية ومعنوية لكلا الشعبين واستثمار حقيقي لرأس المال العراقي في الأردن المقدر بملياراتquot;.
ولفت إلى quot;ضرورة قيام الحكومة الأردنية في هذه الفترة بتجديد ما يسمى مجلس العراق الذي كان يجتمع مع العاهل الأردني في وقت سابق (وإشراف شخصي من وزير الداخلية الأسبق حباشنة) خصوصًا انه تمخضت عن المجلس 160 شركة قابضة بمبلغ 600 مليون دينار، ومشاريع تصل نحو مليار وبعد رحيل حكومة فيصل الفايز ذهب المشروع وتم إغفالهquot;.
ويرى حباشنة ان الاردن بدأ فعليًا بتنويع خياراته عربيًا خصوصًا وأن سياسته تقوم على الاعتدال والتوازن مدللاً على ذلك بالانفتاج الاردني السوري والقطري quot; فهدف الاردن بناء علاقات حميمة مع جميع الدول العربية ، ولا يهمه ان يكون الى جانب طرف ضد اخر quot;والأردن يسجل نجاحًا في دور المصالحة وهذا ما حدث منذ عهد الملك الراحل الحسين بن طلال وما حدث على وحدة اليمن والملك عبدالله الثاني قادر على القيام بدور مماثل في الملف الفلسطيني في أحداث مصالحة بين الفصائل الفلسطينية quot;.

ويؤكد ان القضية الفلسطينية تشكل نقطة محورية وهاجسًا لدى الاردن، مشيرًا إلى ان تحقيق السلام هو مصلحة أردنية عليا لذا جاء الانفتاح على حماس عبر جهاز المخابرات الأردنية بقيادة الفريق محمد الذهبي لخلق قاعدة ثقة بين الطرفين. ويرى quot;ان هذه الخطوة تتبع بخطوة تحريك المصالحة بما أن حماس عنوان آخر واقعي وممثل للشعب الفلسطيني إلى جانب السلطة لا بد من تشكيل جدار فلسطيني عبر وحدة معنوية وسياسية بين الفصائل الفلسطينية لحل القضية خصوصًا في ظل إدارة أميركية مناسبة لإنهاء الصراع على الرغم من صعود اليمين الإسرائيليquot;.

إذ إن ملفات سياسية خارجية ساخنة تنتظر الأردن لكن معضلة الملفات كامنة في عدم وجود أدوات بشرية أي فريق سياسي يتقن قواعد اللعبة السياسية بما يخدم المصلحة الأردنية العليا ويعلق الحباشنة على هذه النقطة بالقول quot;ان شخص الملك عبدالله الثاني هو الموجه للسياسية الخارجية ، ووجود مدير مخابرات عامة لكن المطلوب فريق عمل سياسي واقتصادي قوي في الحكومة لمواجهة حجم الملفات الملقاة على عاتقهم .
ملفات سياسية شائكة تواجه الأردن والمطلوب التعامل معها بحكمة وحنكة لتحقيق نتائج في ذات الوقت أزمة مالية ربما تخلق أوضاعًا اقتصادية صعبة على الوضع الداخلي الأردني. وحول ما على الحكومة القيام به بعد إقرار موازنة 2009، يقول الحباشنة إنه عليها وضع موازنة طوارئ تكون تقشفية تأخذ أسوء الاحتمالات والأخذ في الاعتبار مواجهة مسألة المساعدات الخارجية، وعليها مواجهة تداعيات احتمالية ارتفاع النفط بإنشاء صندوق طوارئ وتمويله من أي انخفاض جديد على أسعار النفط quot;.
لكن التساؤل في ظل ظروف اقتصادية يقول مراقبون إن تغيرات في مواقع حكومية أو أمنية أردنيًا هي بيد العاهل الأردني والمؤشرات تدلل على بقاء حكومة الذهبي والتي أمضت عامها الأول لكن التحديات السياسية والاقتصادية اكبر، وتتطلب فريق عمل سياسي مختلف يؤمن بالإصلاح السياسي الحقيقي داخل الأردن، ويملك قواعد اللعبة السياسية في المرحلة المقبلة .