رودجر كوهن من غريليفيل، كارولينا الجنوبية:تحولت الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة إلى تيار شبابي يترأسه باراك أوباما. وقد أثر التحول على الجميع، حتى في هذه المنطقة النائية من البلاد، حيث لم يعد القطار يمرّ، والعائلات الفقيرة تسحب الماء من الآبار الشحيحة.
ورغم أنه يتم تنظيم الحملات الانتخابية، الا ان التيارات تتخذ العديد من القرارات الفجائية على غرار إرسال براينت جونز، البالغ من العمر خمس وعشرين سنة، إلى هذه المنطقة النائية. قبل بضعة أيام، ركب جونز، الشاب الأبيض الذي لطالما مال إلى مناصرة الحزب الجمهوري، سيارته وقادها لمدة سبع ساعات حتى وصل إلى العاصمة واشنطن ليقوم بحملة داعمة لأوباما، المرشح الأسود عن الديموقراطيين.
وقال جونز، وهو طالب في جامعة واشنطن، quot;لقد أثرت فيّ رسالته الشاملة وأشعر بأنه سيحقق لي مطالبيquot;.
باراك أوباما خلال إحدى حملاته الانتخابيَّة مطلع شباط (فبراير) |
حقق أوباما نجاحا باهرا في الانتخابات الرئاسية التمهيدية في كارولينا الجنوبية لصالح الديموقراطيين محرزا 55% من الأصوات أي ما يقارب ضعف الأصوات التي نالتها هيلاري كلينتون. وقد صوت له أكثر من 80% من الشعب الأفريقي الأميركي في هذه الولاية التي لطالما عانت من التفرقة العنصرية، بالإضافة إلى ربع المجتمع الأبيض.
انها أرقام أولية، وهي بطبيعتها تملأ أوباما بالأمل لكنها لم تحبط من عزيمة هيلاري كلينتون التي تعتمد على نتائج الولايات الأخرى حيث، يختلف التوزّع السكاني. هل خسرت في كارولينا الجنوبية لتعطي الانتخابات التمهيدية التي ستجرى في 22 ولاية في الخامس من شباط (فبراير) طابعاً عرقياً؟
وبالطبع، لم يتوان بيل كلينتون عن ذكر العرق، بالإشارة إلى فوز جيسي جاكسون في الانتخابات التمهيدية الديموقراطية التي أجريت في العامين 1984 و1988. وكأنه يحاول التقليل من أهمية نجاح أوباما بتصنيفه في خانة جاكسون الهامشية. ويبدو أن quot;أول رئيس أسودquot;، كما لُقب في إحدى المرات، يحاول أن يضع الحدود للمرشح الأفريقي الأميركي الأول الذي يملك فرصة حقيقية للوصول إلى سدة الرئاسة.
لكن أوباما اتخذ منحا آخر بعد فوزه بالانتخابات التمهيدية وقال quot;لا يكمن الخيار في الانتخابات بين المناطق أو الأديان أو الأعراق، ولا بين الغني والفقير، أو بين الشاب والعجوز، أو بين الأسود والأبيض. فهذه الانتخابات هي فرصة الاختيار بين الماضي والمستقبلquot;
وقد ذكّرت عبارات أوباما هذه الناس بشعاره الموحّد الذي أعلن عنه في خطابه في المؤتمر الديموقراطي الوطني الذي نظم في العام 2004 مضيفا ملاحظة أصبحت في ما بعد مهمة جدا للتيار الشبابي متعادلا مع كلينتون في هذا الأمر.
وقد أعجب جونز بالوعد بمستقبل جديد ومختلف فأصبح من مؤيدي أوباما بعد أن كان من مناصري الحزب الجمهوري.
وينحدر جونز من ولاية أيداهو وقد اوضح أنه انتخب الرئيس بوش أكثر من مرة، لكنه اليوم ضاق ذرعا بسياسة quot;إما طريقتي أو لا شيءquot; وبالوجوه نفسها.
ويقول quot;أنا في الخامسة والعشرين من عمري، ومنذ أن فتحت عيناي كان الرئيس أو نائب الرئيس إما من عائلة بوش أو كلينتون. والولايات المتحدة لا تقوم على توارث المناصبquot;.
وقد أعجبه برنامج أوباما البيئي وصراحته ونزاهته وما وصفه بـ
quot;الواقع أنه بترشيحه أوضح أننا وصلنا إلى مرحلة لم نعد نفكر بلون البشرة بعد اليومquot;. وأضاف أن بعضا من رفاقه الجمهوريين يميلون للتصويت لأوباما.
يمثل هذا الشاب شريحة مهمة جدا، جيل جديد، لا يهمه العرق ويعتبر من يرغب بزيادة النسل كمن يحارب طواحين الهواء وأن طريقة التفكير السائدة بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) لا بد أن تختفي اما طريقة التفكير ما بعد بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر). جيل جديد متعطش للأمل ومستعد للذهاب إلى أكثر الأماكن تعاسة ليبرهن وجهة نظره.
ويهزأ أوباما بمن يعتبره quot;بائع أملquot; بسيط وبمن يصفونه بأن الأمل يطفح منه. وكان مارتن لوثر كينغ يقول ان هذا البلد المهدد بالكساد ومعلن الحرب الدائم يواجه quot;ضرورة العيش في الحاضرquot;. وهذا ما يشعر به مناصر الجمهوريين الأبيض فينضم إلى الفريق الآخر كما فعل الآلاف من قبله.
و في مركز حملة أوباما في غريليفيل، التقيت بسبعة طلاب من جامعة هارفرد أمضوا ست عشرة ساعة في السيارة ليجمعوا الأصوات لصالح مرشحهم المفضل. وقال كيشوري موشيبوتلا البالغ من العمر 27 عاما والذي يحضر شهادة الدكتوراة في الفيزياء الحيوية quot;أتيت لأنني أؤمن أن أوباما سيحقق نجاحا عظيماquot;.
أما هانا فرايد طالبة الحقوق البالغة من العمر 26 عاما، فتقول quot;كلينتون هي ماضي بلادنا، إنها لا تمثل مستقبلنا الذي نراه أكثر تنوعا وشمولاً وأقل تطلعا إلى أهمية لون البشرة. وهذا ما وجدناه لدى أوباما الذي تربى بطريقة حضاريةquot;.
حين تتحول الحملات الانتخابية إلى تيارات شبابية تسقط الحواجز. ولم تعتد بلدة غريليفيل رؤية سبعة طلاب من هارفرد يأكلون البطاطا المقلية بقشرها قبل أن يتوجهوا إلى منازل أفرقية أميركية تستعمل مياه الآبار ومن هناك سيعودون إلى صفوفهم يوم الاثنين.
وهذه البلدة الصغير هي خير مثال على أن أوباما قد نظم quot;أكبر اتحاد أميركي أكثره تنوعا منذ زمن طويلquot;. ومن المتوقع أن ينضم السيناتور إدوارد كينيدي إلى هذا المسار. وستكون نتائج الانتخابات التمهيدية في كارولينا الجنوبية طبيعية جدا نظرا لكون هذه الاتحاد قد تخطى مشكلة العرق خلافا لما راهنت عليه هيلاري كلينتون.
التعليقات