(مصدر) مدينة لا تعتمد على الكاربون تحاكي التجارب العالمية
محمد بن زايد يقود العالم نحو الأمان

زيد بنيامين: رغم ما يعرف عن الشيخ محمد بن زايد ولي عهد ابوظبي من تواضع جم.. وقرب ملامحه من ملامح والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان مؤسس دولة الامارات وهو امر ينطبق على جميع تصرفاته وصفاته القيادية .. فأن الرجل قد اضاف الى مهماته التي يقوم بها مهمة جديدة وهي دعمه اللامتناهي لمدينة (مصدر) التي ستقود العالم الى مستوى جديد من المعايير القائمة على حماية البيئة. تقول صحيفة الهيرالد تربيون انترناشونال ان العالم قد وصل الان لحدود النضوب في كل شيء وبات يدفع باتجاه ايجاد طرق بديلة قبل ان يقع المحظور سواء في ميدان الطاقة، الماء او الارض وكل المصادر الاخرى .. وهنا تأتي ابوظبي لتقدم مثالاً هو الاول من نوعه تمتزج فيه (التجارة) مع (البيئة) لتتحول البيئة الى صناعة وبالتالي تجد من الانسان العامل الاهم لكي يعتني بها ولا يظل الامر .. تطوعياً فقط.

مدينة مصدر تتسع لـ 50 الف ساكن وتقع بالقرب من مطار ابوظبي الدولي وفيها يستقر الاكاديميون والمؤسسات المتخصصة من اجل ايجاد تكنلوجيا خاصة بالطاقة .. تلك الطاقة التي تخدم الانسان 100% دون ان تؤذيه وذلك على مساحة تمتد لـ 2.3 ميل مربع ..

المدينة الجديدة ستكون خالية من السيارات بحسب (فوستر اند بارتنرز) الشركة البريطانية التي تؤسسها والتي تعتبر بارعة في هذا النوع من الابنية التي تتصف بانها تعمل على توفير الطاقة برغم ان المدينة الجديدة ستقام بقرب مطار العاصمة بكل ما يعنيه ذلك من كثرة وعلو الاصوات وفي قلب صحراء تعرف بشدة حرارتها خصوصاً اثناء الصيف.

شوارع المدينة التي ستكون بحجم جزيرة فينيس وبنفس ضيق حارات هذه المدينة الايطالية ستسمد انارتها من نور الشمس ، بينما ستأتي مياهها ايضاً من خلال طاقة الشمس. وسيتم التعامل مع مياه المجاري من خلال محطات تعمل بطاقة الشمس ايضاً حيث سيتم اعادة انتاجها من جديد لتكون صالحة للشرب.

وبحسب ما هو مخطط للمشروع فان المرحلة الاولى منه ستنتهي في خلال السنتين القادمتين وسيتضمن اكاديمية مصدر وهو مركز بحثي اكاديمي يقام بالتعاون مع معهد ماستشوسيتس للتكنلوجيا تليه البدء بالمرحلة الثانية.

العالم قدم عدة محاولات في هذا المجال.. انتهت بنتائج متضاربة منها قرية (اركوسانتي) في صحراء اريزونا والتي انطلق العمل بها قبل ثلاثة عقود من الان ومازال العمل بها جارياً يهددها التوسع الحاصل في ضواحي مدينة فونيكس.

اما الصين فقد قررت التركيز على بناء ابنية صديقة للبيئة بدل اطلاق مدن مخصصة لهذا الغرض ربما حتى لا يهددها التمدد السكاني كما هو حاصل في التجربة الامريكية ولكن الكثير من التقارير الاخيرة اشارات الى وجود مشاكل في هذه الابنية.

ولكن ما يختلف في مدينة مصدر ان جميع القائمين على المشروع يبشرون بنتائجه لانه يأتي ضمن مخطط عام للقيادة في الامارات لتقديم دعم لا محدود لهذا النوع من المشاريع ومؤخراً اعلن الشيخ محمد بن زايد ولي عهد ابوظبي تخصيص 15 مليار دولار كاستثمار في هذه المدينة الجديدة ستقدم من خلال حكومة ابوظبي.. وفي نفس المؤتمر الذي شهد هذا الاعلان السخي قال جان بول جينارود المدير التنفيذي لمبادرة الحياة في الكوكب الواحد ان من الواجب توفير مراقبة عالمية للمشروع لاهميته ولكي يكون قد قدم بالمقابل ما صرف عليه من جهد ومال.

يذكر ان مدينة ارغوسانتي تأسست في عام 1970 في مركز صحراء اريزونا على بعد 110 كيلومترات من مدينة فونيكس ووضع تصميماتها المهندس باولو سوليري من خلال الاستعانة بمبدأ جديد اسمه (اركولوجي) وهو مبدأ مشتق من (المعمار) والايكولوجي والاخير هو علم خاص بالتفاعل بين الاحياء ومحيطها ويستخدم هذا المبدأ لتأسيس مدن وبيئة حضارية تستطيع ان تتطور وفي نفس الوقت يقل تأثيرها الضار بالارض.

المشروع يضم قسمين وهما الابنية وهي مقامة على مساحة 0.1 كيلومتر ومحيط لها بمساحة 16 كيلومتر مربع تجعل الساكنين فيها يشعرون انه يعيشون في الريف ويوفر العيش هنا افضل درجات السعادة والتفاعل بين الانسان ومحيطه من خلال عدة انظمة تعمل معاً بطريقة فعالة سواء تعتمد على الانسان او المصادر الاخرى ومن خلال ابنية تتعدد استخداماتها والشمس كمصدر للضوء والطاقة والحرارة والتبريد.

وخلال سنوات عمل المدينة تغير نظامها عدة مرات ليوافق التطورات .. حيث كان عدد السكان الذي صممت المدينة من اجله يبلغ ما بين 3 و 5 الاف شخص بينما يسكنها اليوم بين 70 و 120 وكلهم من الاكاديمين والباحثين والدارسين.