ليديا بولغرين: تجفل فرانسواز جويهن مع كل دقة على الباب ومع كل سيارة تمر وتقف لوقت طويل خلف البوابة الأمامية للمنزل الآمن.فقالت جويهن، وهي أستاذة وعضو في حزب معارض: quot;يشعر كل من يعارض هذه الحكومة بالخوف الآن، اذ انها ترغب بالقضاء على أعدائها كافة.quot;
لطالما تمّ النظر إلى الأزمة في تشاد، التي بلغت ذروتها مؤخرا بعدما أوشك المتمردون على الإطاحة بالرئيس، من منظار تداعياتها على الكارثة في منطقة دارفور في السودان المجاور.

قُتل 200 ألف شخص على الأقل، وتم تهجير 2.5 مليون شخص من منازلهم. ويعتبر العديد من الأشخاص في أنحاء العالم، أن رئيس تشاد، إدريس ديبي، هو الحاجز الذي يقف في وجه الكارثة التي تتسبب بفوضى عارمة في أنحاء المنطقة. فهو يدعم انتشار قوة من الاتحاد الأوروبي لحماية مئات الآلاف من اللاجئين الذين يعيشون على الحدود التشادية السودانية.ويعتبر معارضو ديبي المدنيون أن العالم قد فتح له مجالا واسعا ليأخذ إجراءات صارمة ضد المعارضة في بلده.

وعلى مرّ سنوات عديدة، أطاح أمراء الحرب الإثنيين بعضهم بعضا في تشاد، وحصلوا على دعم البلدان المجاورة أمثال ليبيا والسودان. ولم يكن لمواطني تشاد، البالغ عددهم 10 مليون نسمة، يعيشون في بلد فقير ومحوّط بالأراضي، تبلغ مساحته ثلاث أضعاف مساحة مدينة كاليفورنيا، كلمة في الطريقة التي حُكموا بها منذ الاستقلال عن فرنسا في العام 1960. لرؤساء تشاد تاريخاً طويلا حافلاً بتعذيب معارضيهم المدنيين وقتلهم. معارضة الحكومة لها ثمن، وقد دفعه عدد كبير من الأشخاص.

يغلب الظن أن الرئيس السابق حسين هبري، عذب عشرات الآلاف من المعارضين وقتلهم خلال سنوات حكمه الثمانية، وأحرز بالتالي لقب quot;بينوشيه أفريقياquot;. وحاول ضحايا حكومته إلى جانب العديد من الأشخاص الذين تأذى معظمهم جراء التعذيب على أيادي قواته الأمنية، لسنوات عدة محاسبته بموجب القانون الدولي. يعيش حاليا في المنفى في السنيغال، حيث وافقت الحكومة على أن تحاكمه منذ ثمانية عشر شهرا إلا أن المحاكمة لم تبدأ بعد.ووصف ديبي الذي أطاح بهبري بعد أن خطط للانقلاب في العام 1990 في دارفور وحصل على مساعدة السودان، محاولة المجموعات المتمردة الثلاثة الأخيرة لإبعاده عن السلطة، بأنه تآمر خارجي، تم التخطيط له في السودان ونُفّذ على يد المرتزقة التشادية التي تتقاضى الأموال من السودان.

وتملك الحكومة السودانية أسبابها الخاصة التي تدفعها إلى التخلص من ديبي الذي ساعد المجموعات المتمردة المرتبطة بعائلته، والتي تعمل في منطقة دارفور. كما نفت الحكومة السودانية أي تدخل لها في الانتفاضة المناهضة لديبي.وفيما جاء التنديد الدولي بمحاولة المتمردين إبعاد ديبي عن السلطة، سريعا وقاسيا، وفيما تعهدت فرنسا، السلطة الاستعمارية السابقة، أن تدافع عن حكومته بالقوة إذا لزم الأمر، لم يصدر أي تنديد عام بأعمال القمع التي توشك أن تصل حاليا إلى تشاد.وأعلن عضو في حزب معارض، كان يختبئ في الكاميرون quot;وكأننا غير موجودين، فقد نسي العالم أمرنا، إنها القصة القديمة نفسها. يحتاج الغرب إلى ديبي فيتم التضحية بالمجتمع المدني وبالمعارضة السياسية.quot;

وشعرت جاكلين مودينا، وهي محامية وناشطة في مجال حقوق الإنسان بخوف كبير من أن يتم اعتقالها إلى حدّ أنها راحت تتنقل من منزل آمن إلى آخر على مدى أيام، إلى أن نجح أصدقاء لها في الغرب في إقناع فرنسا بالتدخل لمصلحتها. فتم اصطحابها إلى القاعدة الفرنسية في نجامينا للحفاظ على أمنها.
وقالت فيما كانت تنظر مسؤولا فرنسيا ليرافقها إلى القاعدة quot;أشعر بالارتياح لأنني في أمانquot;. ففي العام 2001، ألقى مسؤول أمني قنبلة عليها بعد أن قدمت شكوى بحقه حول موضوع يتعلق بحقوق الإنسان، مما أدى إلى إصابتها بجروح بالغة. وتم اعتقال المسؤول ومحاكمته ومن ثم تم إبراءه من التهم.
وأعلن رولان مارشال، مسؤول كبير في المركز الوطني للبحوث العلمية في باريس، كان قد أجرى دراسة حول تشاد على مدى عدة سنوات، إن المعارضة المدنية شكلت خطرا حقيقيا على ديبي الذي نجح في البقاء في السلطة على مرّ ثماني عشر سنوات، وهي أطول فترة يبقى فيها رئيس تشادي في الحكم، رغم مجموعة واسعة من الأعداء الذين تمنوا له الأذى.

وأضاف مارشال، quot;شكلت المجموعات المعارضة المدنية موطن ضعف ديبي. فإذا انتقلت هذه المجموعات إلى جانب المتمردين، من الممكن أن تعطي شرعية إلى التمرد. كما يمكنهم أن يغيروا سياسيا التوازن الداخلي وحتى الدوليquot;.ولم يهتم ديبي بالمعارضة السياسية معتبرا إياها خارجة عن الموضوع وأعلن في مؤتمر صحفي في خلال العام الماضي إن اعتقال زعماء المعارضة هو مجرد quot;تفاصيل تافهةquot;، لا تستحق هدر وقته.

وعلى غرار العديد من البلدان الأفريقية، تعتبر تشاد ديموقراطية على الورق وقد شاب الانتخابات التي أجرتها الفساد والعنف. ومنذ أن حاز البلد استقلاله في العام 1960، لم يحظى بأي انتقال سلمي للسلطة. ولا تزال مؤسساتها، خارج الرئاسة القوية، ضعيفة جدا.واعتمدت تشاد دستورا جديدا في خلال استفتاء أجري في العام 1996، وتم انتخاب ديبي مرتين. وفي العام 2005، أجرى ديبي تغييرا دستوريا لإلغاء حاجز الولايتين الرئاسيتين. وعندما ترشح مجددا في العام 2006، قاطعت المعارضة الانتخابات فحقق فوزا ساحقا.

وتتأتى حركات التمرد المسلحة ضد ديبي من مختلف المجموعات الإثنية. إذ يعتبرون أنه لم ينجح في إدارة ثروة البلد النفطية المتزايدة كما أنه تعامل بالأفضلية مع أعضاء مجموعته الإثنية الخاصة، الزغاوة. وبات أفرادا من عائلته معارضين له، فيدير ابن أخيه إحدى حركات التمرد.
وأعلن بلايز موغا، وهو عضو في اتحاد العمل من أجل الجمهورية، وهو الحزب الذي تم اعتقال زعيمه نغارليجي يورونغار في خلال الأسبوع الماضي، إن البلد بحاجة إلى تغيير بأي وسيلة من الوسائل.وأضاف quot;رغم النفط والقطن والأراضي الزراعية في الجنوب، انظروا إلى الفقر المدقع الذي يغرق فيه هذا البلد، نريد تغييرا. فنحن لا نؤيد التمرد لكننا لا نؤيد ديبي بالمقابل. ويعتبر المجتمع الدولي أن ديبي هو أقل الخيارين سوءا، إلا أنهم لا يعيشون معه.quot;