غول يؤكد حرص بلاده على وحدة دولة العراق واستقلالها
طالباني: نسعى لعلاقات استراتيجية قوية مع تركيا

أسامة مهدي من لندن: أكد الرئيس العراقي جلال طالباني أن بلاده تسعى إلى إقامة علاقات استراتيجية قوية مع تركيا ولن تسمح لحزب العمال التركي بشن هجمات ضد الاتراك انطلاقا من اراضيها فيما شدد الرئيس التركي عبد الله غول على حرص بلاده على وحدة الدولة العراقية واستقلالها. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع طالباني عقب مباحثاتهما في أنقرة الليلة أشاد غول بالعلاقات الثنائية بين البلدين وقال quot;علاقاتنا قوية مع الجارة العراق وتباحثنا حول علاقاتنا الثنائية أثناء اجتماعنا quot; . واضاف quot; نرحب بالرئيس طالباني كثيراً، وأود أن أشير الى أننا توصلنا أثناء مباحثاتنا الى أنه علينا الاهتمام بتطوير علاقاتنا بشكل أكثر quot;. وأضاف quot; تناولنا جميع المواضيع بصورة موسعة حيث إن الجارة العراق مرت بكيل من الحوادث الإرهابية وقد ضحى الكثير من العراقيين بحياتهم وأرواحهم خلال تلك المعاناة التي شهدها الشعب العراقي وبهذه المناسبة نتقدم بخالص تعازينا الى جميع ابناء الشعب العراقي وأملنا أن يعم الأمن والاستقرار في العراق quot;.

وأضاف الرئيس غول quot;أن تركيا تأتي في مقدمة الدول التي تهتم بوحدة الأراضي العراقية واستقلاله كدولة موحدة .. وأنا كرئيس جمهورية تركيا وأثناء تولي منصب رئاسة الوزراء قدمت عدة نشاطات في خدمة هذا الجانب ونريد اليوم أن نرى عراقاً سعيداً حراً ومتحاباً بين جميع أطياف شعبه ونهتم كثيراً بتعاوننا وتمتين علاقاتنا بين الدولتين وأنا أؤمن أنه بمقدورنا أن نجعل علاقاتنا مثالية وجيدة حيث تكون العلاقات الجيدة في ما بيننا كفيلة باستقرار المنطقة أكثر فأكثر وفخامة رئيس الجمهورية جلال طالباني يعرف جيداً بأن معاناة الإرهاب قاسية وكبيرة ونرى أن مشكلة الإرهاب مسألة مشتركة في ما بيننا لذا نرى أن هذه الزيارة هي في غاية الأهمية ولها نتائج مثمرة وايجابية بين علاقاتنا ومستقبلنا ونريد أن نعبر عن سعادتنا بقدوم الرئيس طالبانيquot;.

وردا على سؤال لاحد الصحافيين حول ما اذا كانت هناك محاولات من قبل تركيا لحل مشكلة حزب العمال الكردستاني بالسبل الديمقراطية قال غولquot; أريد أن أقول إنه على حزب العمال الكردستاني تسليم أسلحتهم وترك الإرهاب، ونعتقد أن ديمقراطية تركيا بمثابة الديمقراطية الموجودة في أوروبا.

الرئيس العراقي لن يشارك في القمة العربية بدمشق
طالباني في أنقرة مع سياسيين ووزراء لبحث ملفات ساخنة

من جانبه قال الرئيس العراقي خلال المؤتمر الصحافي الذي بث تفاصيله مكتب اعلام الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني quot;أود أن أشكر الرئيس عبدالله غول على حسن ضيافته واستقباله لنا ويذكرني استقباله هذا باستقباله لنا أثناء وجودنا في المعارضة وأشكر جميع من ساعدونا في الدولة التركية وأنا أبلغ تحيات القيادة السياسية العراقية الى الرئيس عبدالله غول وحكومته الموقرةquot;. وأضاف ان quot; هدف زيارتنا هو تمتين العلاقات الاستراتيجية بين الجانبين في شتى المجالات وكما أشار الرئيس غول ان تلك العلاقات ستكون مبعث استقرار المنطقة بأكملها.. وهناك روابط دينية وتاريخية عميقة تجمع شعبينا ولدينا مصالح مشتركة ومعاناة مشتركة ونحاول معاً خدمة مصالحنا والوقوف بوجه معاناتنا وان شاء الله ستكون لنا مع الجارة تركيا علاقات قوية ومشتركة أفضل وأمتنquot;. واشار الى ان الرئيس غول قد قبل دعوة لزيارة العراق..

وعن تواجد حزب العمال الكردستاني على الشريط الحدودي بين تركيا والعراق قال الرئيس طالباني quot; ان موقف العراق واضح والدستور العراقي لا يسمح بوجود أي مسلح على أرضه وهناك اتفاق أمني بين الدولتين وقبل عشر سنوات في دروكيدا كان موقف الكرد واضحاً ورئيس وزرائنا أوضح موقف العراق خلال زيارته لتركياquot;.

وحول قول الرئيس طالباني في أحد المؤتمرات الصحافية في وقت سابق بأنه لن يسلم quot;حتى قطة quot; لتركيا في رفض لتسليم مسلحي حزب العمال الى الحكومة التركية أوضح ان quot;هناك سوء فهم لهذه المسألة وأني قصدت أننا لن نسلم قطة عراقية ولم أقل قطة تركيةquot;. واضاف ان الدستور العراقي يمنع تسليم أي فرد عراقي الى أي دولة جارة quot;ونحن قلنا خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس غول بأن أي دولة في العالم لا تسمح بأن تستخدم أراضيها منطلقاً لفعاليات ضد دولة أخرى حيث إن موقف تركيا كان واضحاً عندما كنا في المعارضة خدمة لأبناء شعبنا. quot;

وكان طالباني وصل الى انقرة بعد ظهر اليوم على رأس وفد وزاري وسياسي كبير في زيارة رسمية لتركيا تستغرق 24 ساعة ستخيم عليها أجواء التوغل التركي العسكري الاخير في شمال العراق والموقف الرسمي العراقي الذي اعتبر ذلك انتهاكا للسيادة الوطنية. وتأتي زيارة الرئيس العراقي الى تركيا بدعوة من الرئيس غول للبحث معه ومع رئيس وزرائه رجب طيب اردوغان العلاقات بين البلدين بمختلف مجالاتها السياسية والامنية والاقتصادية والتجارية والطاقوية والثقافية. وكان الرئيس العراقي تسلم دعوة من الرئيس التركي غول لزيارة تركيا خلال استقباله في بغداد الاسبوع الماضي احمد اوغلو مبعوث الرئيس التركي.

ومشكلة قواعد حزب العمال التركي الكردستاني الانفصالي في شمال العراق والقواعد العسكرية الاربع في هذه المنطقة هي في مقدمة مباحثات طلباني في انقرة اضافة الى بحث قضية كركوك التي ترفض تركيا ضمها الى اقليم كردستان كما يريد الاكراد نظرا للالتزامات التركية تجاه مواطني المدينة من التركمان ولعدم ارتياحها اصلا لوجود اقليم كردي في شمال العراق على حدود اراضيها الجنوبية.

كما ان المسائل الاقليمية ستبحث ايضا خلال زيارة طالباني الذي يرافقه وزراء المالية باقر جبر الزبيدي والنفط حسين الشهرستاني والموارد المائية عبد اللطيف جمال رشيد والصناعة والمعادن فوزي حريري ووكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي. كما يضم الوفد العراقي ايضا رئيس جبهة التوافق العراقية عدنان الدليمي ورئيس ديوان الرئاسة نصير العاني والمستشار الثقافي لرئيس الجمهورية جلال ماشطة والمستشار العسكري الفريق اول ركن وفيق السامرائي والناطق باسم الحكومة علي الدباغ اضافة الى عدد من الخبراء والمستشارين.

وكان برلمان اقليم كردستان العراق في اربيل قد طالب مؤخرا بالعمل على اغلاق اربع قواعد تركية موجودة منذ اكثر 11 سنة في هذه المنطقة . وفي قرار له صادق البرلمان على دعوة quot;حكومة اقليم كردستان الى الاسراع في اغلاق جميع القواعد التركية في الاقليمquot; كما quot;يطالب الحكومة التركية بترك القواعد التي اقامتها في اقليم كردستان بسبب الظروف الاستثنائية التي مر بها الاقليم قبل سقوط النظام العراقي السابقquot;.
وكان القادة الاكراد العراقيون وافقوا في التسعينات في اوج حرب دارت بين الحزبين الكرديين الرئيسين في شمال العراق على ان يقيم الجيش التركي قواعد في كردستان العراق.

واعلن نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة اقليم كردستان العراق ان quot;وجود قواعد تركية جاء بالتنسيق مع السلطات الكردية عام 1997quot;. واضاف quot;نحن سمحنا باقامة هذه القواعد بحسب اتفاقية بيننا وبين الحكومة التركية وجاء فيها ان تحركهم يجب ان يكون بعلمنا لكنهم عندما ارادوا الخروج من قواعدهم من دون ابلاغنا اعتبرنا ذلك خطوة خطرة غير مسؤولةquot;.

وتقع القواعد التركية في غيريلوك (40 كلم شمال العمادية) وكانيماسي (115 كلم شمال دهوك) وسيرسي (30 كلم شمال زاخو) على الحدود العراقية التركية وهي قواعد ثابتة ينتشر فيها جنود أتراك على مدار السنة. ويتضمن برنامج طالباني إجراء مباحثات مشتركة يترأسها مع غول ثم يعقدان مؤتمرا صحافيا مشتركا في القصر الرئاسي في أنقرة .. تعقبه مأدبة غداء رسمية على شرف الرئيس طالباني والوفد المرافق له بحضور سفراء الاتحاد الأوروبي ودول جوار العراق وعدد من رجال الأعمال ورؤساء تحرير الصحف وكبار المسؤولين في الحكومة التركية.

وفي اليوم الثاني من الزيارة غدا سيتم عقد عدة اجتماعات مشتركة بين الوزراء العراقيين ونظرائهم الأتراك .. فيما سيجتمع طالباني صحبة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان مع الهيئة التنفيذية لرجال الأعمال العراقيين والأتراك .. ثم يعقد اجتماع بين الرئيس العراقي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان التركي.

وحول عدم مشاركة وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في الوفد المرافق للرئيس طالباني إلى أنقرة ومشاركة وكيل الوزارة بدلا منه اوضح مصدر في رئاسة الجمهورية سبب ذلك إلى وجود زيباري في القاهرة للمشاركة في الاجتماع الدوري لوزراء الخارجية العرب الذي يعد للقمة العربية المقبلة في دمشق اواخر الشهر الحالي . وقبيل مغادرته الى انقرة ترأس طالباني الليلة الماضية اجتماعا للمكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني الذي تزعمه عن طريق دائرة تلفزيونية مغلقة بين بغداد حيث مقره وقيادة الحزب في السليمانية (330 كم شمال بغداد) بحثت خلاله جملة مسائل سياسية مهمة.

وقال المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للاتحاد ملا بختيار انه قد تم في الاجتماع quot;التباحث حول زيارة رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد محمود احمدي نجاد، الى العراق وما تمخض عنها من نتائج سياسية واقتصادية وامنية وتأثير الزيارة على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والمباحثات المقررة بين الولايات المتحدة وايران حول العراق حيث قيم المكتب السياسي بالايجاب زيارة السيد احمدي نجاد الى العراق معربا عن امله في ان تسخر جميع الاتفاقيات المعقودة بين الجانبين في خدمة العلاقات المتعددة الاوجه بين الجمهورية الاسلامية الايرانية وجمهورية العراق الفيدراليquot;. واضاف ان الاجتماع ناقش ايضا زيارة الرئيس طالباني الى تركيا quot;حيث تم التحضير اللازم لها لتكون اجندة الاجتماعات مثمرة والتي ستصب بلاشك في خدمة علاقات الصداقة بين جمهورية العراق والجمهورية التركية، ولاسيما بعد انسحاب الجيش التركي من اقليم كردستان العراقquot;.

واكد quot;ان الرئيس طالباني سيشدد خلال زيارته الى تركيا على ان حكومة اقليم كردستان تؤيد كما كانت دوما الحوار الاخوي والودي وحل جميع المشاكل بصورة سلمية سواء كانت في الجمهورية التركية او اقليم كردستان العراق او العراق الفيدراليquot;. وقد شدد الرئيس طالباني خلال لقائه المبعوث التركي على أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين الجارين على أساس احترام السيادة والاستقلال الوطني وحرمة الأراضي وتطوير الروابط الثنائية في جميع الميادين.ودعا الى التنسيق بين البلدين لتسوية جميع المشاكل العالقة من خلال الحوار ومنع أي تطاول من أراضي أي طرف على الطرف الآخر.
ورحب الرئيس طالباني الجمعة الماضي quot;ترحيباً حاراً بقرار تركيا سحب قواتها من العراق وقال ان هذا الانسحاب أكد مصداقية الحكومة التركية بان الحملة العسكرية محدودة وموقتةquot; كما قال بيان رئاسي واشار الى ان الانسحاب يدل على صواب سياسة ضبط النفس والتعامل العقلاني و السياسي الهادئ مع الازمة الاخيرة و نجاحها في المحصلة النهائية كما مارستها القيادة الكردية كذلك على اضرار و فشل سياسة الضجيج الاعلامي الصاخب والتشنج و التوتر.

ونقل بيان رسمي عن طالباني قوله انه quot; يتطلع بشوق الى تلبية الدعوة الكريمة الموجهة اليه من قبل فخامة الرئيس عبدالله غول لزيارة الجارة الصديقة تركيا ليساهم بدوره وبالعمل المشترك مع القادة الاتراك الافاضل و خصوصاً الرئيسين غول واردوغان في تعزيز و تطوير العلاقات السياسية و الاقتصادية والثقافية والامنية بين الشعبيين الشقيقين التركي و العراقي بما يحقق أهدافها المشتركة بما فيها درء شرور الارهاب والاعمال العنفية الطائشة أيضاًquot;.

وكان الجيش التركي انسحب في التاسع والعشرين من الشهر الماضي من كردستان العراق حيث شن هجوما واسعا على مدى ثمانية ايام ضد متمردي حزب العمال الكردستاني الذي يخوض منذ عام 1984 عمليات مسلحة ضد تركيا اوقعت حوالى 37 الف قتيل. ويؤكد الجيش التركي ان 240 متمردا من مسلحي حزب العمال قد قتلوا في هذا التوغل الذي اوقع ايضا 27 قتيلا من الجانب التركي.