إعتبروه منهجيا ومنظما على مستوى الدولة العبرية

الفلسطينيون في الداخل: نواجه إجراما سياسيا إسرائيليا

نضال وتد منحيفا : شهدت مدينة أم الفحم الفلسطينية في الداخل ، يوم السبت، مؤتمرا خاصا للحماية الشعبية والدفاع عن الحريات، وذلك في ظل تصاعد الهجمة السلطوية على قيادات وشخصيات سياسية وناشطة في المجتمع الفلسطيني في الداخل، كان أخرها الدعوة التي صدرت عن اليمين المتطرف الإسرائيلي في الأسبوع الماضي، لتصفية إحدى الشخصيات الفلسطينية العاملة في مجال الدفاع عن المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في الداخل.وفي هذا السياق اعترف رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الشيخ رائد صلح، خلال المؤتمر أنه تلقى quot; في الأيام الأخيرة وعبر مؤسسة الرئاسة لإحدى الدول العربية بوجود مخطط من قبل عناصر يمينية يهودية لاغتيالهquot;، بسبب نشاطه الإسلامي والوطني في قضية القدس وفضح الحفريات الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى، والمخططات الإسرائيلية الرامية إلى ضرب أساست المسجد الأقصى تمهيدا لانهياره.

جانب من المتحدثين في المؤتمر .. تصوير إيلاف
وتساءل الشيخ صلاح هل هناك من يفكر بحلق أجواء تناسب دعوات الطرد والترحيل للفلسطينيين في الداخل، تندرج فيها الصراعات والاعتداءات الجسدية على الأقلية الفلسطينية من قبل المجتمع الإسرائيلي، ترافقها فتاوى دينية يهودية وتهديدات متواصلة بغية quot;إرهابنا وإبعادنا عن قضية القدس والأقصى وقضايا شعبنا الفلسطيني.quot;

وقال الشيخ رائد صلاح: نحن امام موقف ونحن مطالبون بان نقف دون تردد وان لا نتنازل عن قناعاتنا مهما ضيقوا علينا. يجب أن يكون لنا موقف وخطاب جماعي لمواجهة هذه التحديات بغية مواجهة ضربة متوقعة. إنني احذر وأقول ما يحدث ليس حدثاوتطوى صفحة من بعدهبل نتحدث عن مرحلة لا ينفع فيها النوم، وإذا خيرنا بين حقوقنا او قتلنانقول مرحبا بالشهادة ولن نتنازلquot;.

وركز المتحدثون في المؤتمر على الأوجه المختلفة للسياسة الإسرائيلية تجاه الأقلية الفلسطينية في الداخل، التي تعتمد عدا عن التميز العنصري والتضييق على الفلسطينيين، على محاولات ترهيب الفلسطينيين وردعهم عن اتخاذ مواقف وطنية، أو التضامن وتأييد الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع، إلى حد اتباع سياسية إجرامية ومنظمة ضدهم.

الشيخ رائد صلاح يتحدث في المؤتمر . تصوير إيلاف
فقد أعلن رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن الحريات في الداخل أمير مخول( الذي تعرض هو الآخر لسلسلة من التحقيقات الاستفزازية من قبل أجهزة الأمن العام الإسرائيلي) أن الأقلية الفلسطينية في الداخل :quot; تواجه إجراما سياسيا منهجيا منظما على مستوى دولة بأعلى مستوياتها، وبكل أجهزتها وعلى المستوى الشعبي الإسرائيلي. فنحن نواجه دولة عرفنا رئيس مخابراتها قبل عام بأننا نحن الفلسطينيين في الداخل نشكل خطرا استراتيجيا على الأمن القومي الإسرائيلي. إننا أمام عملية استباحة لحقوقنا ووجودنا وحتى لحياتنا تتداخل فيها الدولة بأجهزتها المختلفة وعصابات الإجرام السياسي الإسرائيلي من ناحية، وتتقاسم في المقابل الدور مع المنظمات الصهيوينة العالمية التي تغزو مجتمعنا هادفة إلى تجزئتنا وتشتيتنا وإضعاف مناعتنا الوطنية.

المطران عطا الله حنا والشيخ صلاح أثناء المؤتمر .. تصوير إيلاف
وتطرق مخول إلى المخططات المتعلقة بالاعتداء الشيخ رائد صلاح فقال: quot;إن من يخططون للاغتيال السياسي لشخصيات قيادية عربية في الداخل ليسوا هامشيين بل هم في مركز الحياة السياسية الإسرائيلية وضمن التيارات المركزية الحاكمة. فمن يواصل مساعيه لتصفية القيادات الفلسطينية في كل مكان فلن يخرج من حساباته ملاحقة وتصفية قيادات فلسطينية في الداخل.

وأشار إلى الملاحقة التي تعرض لها زعيم حزب التجمع، النائب السابق عزمي بشارة، مشيرا إلى أننا نعتبر أن المنفى هو قسري وقاس وباهظ الثمن، وهو بالنسبة لنا مؤقت مهما طال ونطالب بإلغاء ملاحقة بشارة، ونتصدى لمحاولة السلطة الإسرائيلية تجريم عمله السياسي.

وتحدث النائب سعيد نفاع عن تجربته في هذا السياق مشيرا إلى أن العرب الموحدين الدروز لن يكفوا عن المطالبة وتطبيق حقهم في زيارة أهلهم وأقاربهم في سوريا ولبنان، وسيواصلون رفض محاولات السلطة إرهابهم وتجريمهم لرفضهم الانصياع لمطالب أجهزة الأمن الإسرائيلي بأن يتم تنسيق هذه الزيارات معها. ويرى نفاع أن الترابط والتواصل بين كافة أجزاء الشعب الفلسطيني وطوائفه مع العالم العربي لن يكون يوما مرهونا بموافقة السلطات أو عبر إبرام صفقات معها.

واعتبر محمد زيدان، مدير المؤسسة العربية لحقوق الإنسان إن انعقاد المؤتمر يأتي في ظل التحولات الحاصلة على مسوى المجتمع الإسرائيلي وخاصة زيادة مستوى العنصرية والمجاهرة بها على المستويين الشعبي والرسمي، مما يستدعي توحيد الجهود لمكافحة هذه العنصرية ووضع خطة جماعية لفضحها وكبح جماحها، لأننا أمام حالة من التصعيد الخطير للعنصرية باتجاه التحول نحو خطر فاشي داهم أصبح فيه قمع الحريات الأساسية للفلسطينيين في الداخل هو ناتج عن تكريس وترسيخ الفكر العنصري تجاه الأقلية الفلسطينية ، وهو ما يتجلى اليوم ليس فقط في الممارسة وإنما أيضا على مستوى تشريع هذه العنصرية وقوننتها في قوانين رسمية يتم سنها في البرلمان الإسرائيلي.

جانب من الحضور في المؤتمر .. تصوير ايلاف
وأشار زيدان إلى أن المؤتمر يقترح توجيه وفد عن الفلسطينيين في الداخل إلى كافة المؤسسات الدولية والحقوقية، ومؤسسات المجتمع المدني الدولية ومنظمات التضامن بهدف فضح هذه السياسات والمخططات والعمل سوية لاتخاذ خطوات عملية لمواجهتها.

أما الكاتب والأديب الناقد أنطوان شلحت، الذي استعرض تجربته (حيث كان ممنوعا من السفر من عكا لمدة عامين بأمر صادر عن وزير الداخلية لأسباب أمنية) فقال إن قضيته تمثل نموذجا يفضح طابع الجهاز القضائي الإسرائيلي الذي يعاقب الفلسطيني في إسرائيل ليس على فعل ارتكبه وإنما على خطوة لم يقم بها بعد، وعليه يرى شلحت أن الجهاز القضائي في إسرائيل لم يعد ليشكل عنوانا لتحصيل الحريات التي يسلبها جهاز الأمن العام، وبالتالي يجب عدم تعليق أمال كثيرة على هذا الجهاز.

ويرى شلحت أن هذه الملاحقات تندرج في سياق العداء المتأصل للعرب في إسرائيل، وحقوقهم السياسية والمدنية وموقفهم السياسي، وهو يرى أن المعركة الأساسية هي مع هذا التوجه السياسي الرسمي والشعبي الذي يسقط عن الفلسطينيين في الداخل حقوقهم الأساسية.

أما المحامي رياض الأنيس، من أم الفحم، فيرى أن هذا التصعيد في موقف الدولة العبرية والشارع الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الداخل، هو في واقع الحال تجليات لبداية مرحلة فاشية تخطو نحو فكر تفرقة عنصرية على غرار الأبرتهايد في جنوب أفريقيا، لدولة وأغلبية ترفض القبول والاعتراف بأقلية قومية تختلف عن الأغلبية وترفض أن تسلخ ولاءها عن شعبها وقضيته الوطنية.

واعتبر رياض الأنيس ان الفلسطينيين بالداخل ملزمين بداية بتنظيم أنفسهم قوميا من أجل الحفاظ أولا على وجودهم المهدد، وتحصيل حقوقهم كأقلية أصلانية هي صاحبة الأرض، لم تهاجر إلى الدولة، بل الدولة هي التي هاجرت إليها. من الأهمية بمكان، حسب رأي المحامي رياض الأنيس ترسيخ هذه الفكرة في نفوس الفلسطينيين في الداخل، فالحقوق مشتقة من كوننا أصلانيين، وليس هناك مجال أصلا للمساومة أو للتوصل إلى تسوية مع الدولة بتحصيل حقوق أساسية مقابل التزامات تجاه الدولة مثل الخدمة العسكرية أو ما يسمى بالخدمة الوطنية.

وأضاف أن الخلاف المعلن بين الدولة وبيننا حول هوية الدولة ويهوديتها هو خلاف جوهري وأساسي، حاولت إسرائيل وتحاول نقله إلى الساحة الدولية والدبلوماسية، لابتزاز اعتراف بيهوديتها لمعرفتها بأن هذه القضية ستبقى معلقة في علاقتنا معها وأننا لن نقبل بان تتم تسويتها على حسابنا.

وقد اعتبر المؤتمر في تلخيصاته أن: quot;الملاحقة السياسية ليست هي الهدف لدى جهاز القمع الإسرائيلي، بل هي أداة واستراتيجية عمل تسعى لإضعاف دور هذا الجزء من الشعب الفلسطيني وفرض فك الارتباط بيننا وبين شعبنا، بيننا وبين وطننا وبين قضية شعبنا- قضيتنا الفلسطينية، وفك الارتباط مع البعد العربي والإسلامي، ومحاصرتنا كما لو كنا قضية إسرائيلية داخلية نعمل ضمن معادلة الولاء للصهيونية لا الانتماء للوطنquot;.

ومضى المؤتمر يقول: إن معيار مثل هذا الولاء حدده مؤخرا المجلس الصهيوني ضمن الوكالة اليهودية- وهو القبول بالأسرلة وبالخدمة المدنية ومعاداة نضال شعبنا ومقاومته للاحتلال، والقبول بتصنيفنا بين معتدلين ومتطرفين وبين طوائف وجهات وخلق قيادات وأطر قيادية بديلة تقبل بيهودية الدولةquot;.