الوضع الإنساني في العراق هو الأخطر في العالم
بغداد: عندما تم العثور على جثة وفاء داوود سلمان في شهر أغسطس/آب الماضي، لم تبد مختلفة عن غيرها من الجثث التي تعود لأشخاص لقوا حتفهم في العراق. وقد تم وضع الجثة في كيس بلاستيكي وإرسالها إلى المشرحة ليستلمها أقاربها هناك.

ولكن بعد أيام من ذلك، تم الإعلان بأن وفاء، التي كانت تبلغ من العمر 40 عاماً عند وفاتها، كانت الحالة المؤكدة الأولى للإصابة بالكوليرا في بغداد. وانتشر المرض فيما بعد في كافة أنحاء البلاد وحصد حياة أكثر من 14 شخصاً.

وقد تسبب انعدام الأمن والفساد والإهمال وهجمات المتمردين في تدهور الخدمات العامة في العراق، الأمر الذي أدى إلى نقص الكهرباء والمياه الصالحة للشرب وتدهور خدمات الصرف الصحي. وقد ساهم كل ذلك في انتشار الأمراض وشعور السكان بالإحباط.

وقال عصام أحمد قاسم، 24 عاماً، وهو ابن وفاء الأكبر: quot;لم ندرك أن المياه التي نشربها مخلوطة بمياه الصرف إلى أن توفيت أمي... كنا نعاني من مغص في البطن من وقت لآخر خلال الأعوام الأربعة الماضية، ولكننا لم نعرف أبداً أن ذلك مرتبط بالماء الذي نشربهquot;.

ولا يحصل 65 بالمائة من العراقيين على تمديدات مياه الشرب كما لا يستفيد حوالي 75 بالمائة منهم من أنظمة الصرف الصحي.

نقص المياه الصالحة للشرب

ووفقاً لحازم إبراهيم، نائب رئيس مديرية مياه بغداد، تبلغ الاحتياجات اليومية لسكان بغداد من المياه الصالحة للشرب حوالي 3.25 مليون متر مكعب على الأقل، في حين لا تتعدى الكمية المتوفرة عبر الشبكات مليوني متر مكعب.

كما قال إبراهيم: quot;لدينا أزمة حادة في مياه الشرب، لأن معظم أنابيب المياه قديمة وتعمل منذ ثلاثين عاماً. كما أن بعض العائلات وخصوصاً في الضواحي، يعتمدون على خزانات لا تجلب لهم سوى مياه جوفية ملوثةquot;.

وأضاف قائلاً: quot;تبقى المشكلة الأبرز التي نواجهها هي إهمال الحكومة لتنفيذ مشاريع مائية استراتيجية منذ عام 1985. كما أن الفساد منتشر في كل الوزاراتquot;.

وكان تقرير صدر في شهر يوليو/تموز 2007 عن منظمة أوكسفام ولجنة تنسيق المنظمات غير الحكومية في العراق قد أفاد أن حوالي 70 بالمائة من العراقيين لا يحصلون على موارد مائية كافية، مقارنة بنسبة 50 بالمائة التي تم الإعلان عنها في العام 2003.

وتشمل هذه النسبة أكثر من مليوني شخص ممن اضطروا للنزوح داخل العراق بسبب المواجهات وأجبر العديد منهم على العيش في ظروف غير صحية حيث تؤدي مياه الصرف الصحي إلى تلويث الطعام ومياه الشرب في الكثير من الأحيان وتتسبب في انتشار الكوليرا وغيرها من الأمراض المنقولة عن طريق المياه.

ووفقاً لخولة صالح أمير من مديرية الصحة ببغداد، يتم علاج ما يتراوح بين 200 و250 حالة مصابة بأمراض منقولة عن طريق المياه أسبوعياً في مستشفيات العاصمة. وعن ذلك قالت: quot;كلهم من الفقراء الذين لا يستطيعون تحمل نفقات شراء المياه المعبأة ولا يستطيعون غلي المياه التي يشربونها بسبب ارتفاع أسعار الغاز، ولذلك هم مجبرون على الشرب مباشرة من مياه الحنفيات... كما توجد مشكلة متعلقة بالمجاري المتسربة إلى الشوارع وإلى داخل البيوت، والتي تتسبب بمشاكل خطيرةquot;.

محطة الصرف ببغداد

وإحدى محطات الصرف الصحي الثلاث الموجودة ببغداد متوقفة عن العمل كلياً، بينما تعمل الثانية بأقل من طاقتها، في حين تعاني الثالثة من اختناق في قنواتها مما يتسبب بتشكيل بحيرة كبيرة من مياه الصرف الصحي، وفقاً لتحسين الشيخلي، الناطق المدني باسم خطة أمن بغداد.

كما أفاد الشيخلي أن أنابيب المياه في بغداد، إن وجدت، فهي قديمة جداً لدرجة يستحيل معها ضخ المياه بشكل كاف للاستجابة للطلب، مما يترك العديد من الأحياء في ظمأ كبير.

ويتوجب على جميل محسن، وهو سائق تاكسي يبلغ من العمر 52 عاماً ويسكن أحد أحياء جنوب غرب بغداد، القيام بمهمة إضافية، إذ عليه أن يجد من ينقل مخلفات أسرته من حفرة في الأرض للتخلص منها.

وعن ذلك قال: quot;تم تأسيس نظام الصرف الصحي في أواخر السبعينات، عندما كانت المنطقة في ذلك الوقت صغيرة جداً. ولكن بعد انتقال المزيد من الأشخاص إلى هنا، لم يتم توسيع الشبكة لاستيعابهم...ولذلك قمنا ببناء حفرة من الإسمنت في الأرض، وغطيناها بغطاء معدني لتجميع الصرف والمخلفات التي يتم نقلها مرتين في الشهر مقابل 75,000 دينار [40 دولار تقريباً]quot;.

المصدر: شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)