بلال خبيز من بيروت: أفادت مصادر دبلوماسية عربية في بيروت، ان الاتصالات الجارية في شأن حل الأزمة الرئاسية اللبنانية تكثفت في الأيام القليلة الماضية، وان احتمالات الوصول إلى بدايات حل باتت تلح على جميع الاطراف في محاولة لتمثيل لبنان في القمة العربية المقبلة برئيس منتخب. ذلك ان التحذيرات التي اطلقها رئيس البرلمانيين العرب محمد جاسم الصقر الذي يزور لبنان في جولة استطلاعية، من ان الأزمة اللبنانية دخلت في آخر اطوارها السلمية، وان المراوحة في الوضع الراهن لا تتغذى إلا من الانفجار الأمني الذي يخشى الجميع من تفجره، لما له من تداعيات تتجاوز لبنان إلى جواره. وفي هذا السياق يلفت اكثر من متابع لتفاصيل الأزمة الرئاسية اللبنانية إلى واقع ان القوى السياسية اللبنانية لم تعد تملك ما تفاوض به او عليه، وان الجميع يقف الآن وظهره إلى حائط الانفجار الامني المتوقع.
المصادر الدبلوماسية العربية تشير إلى تقدم في المباحثات مع الرئيس السوري بشار الأسد على صعيد الملف اللبناني. حيث ابدى في الآونة الاخيرة بعض المرونة حيال انتخاب رئيس للبنان يمثله في القمة المزمع عقدها في دمشق، خصوصاً ان الضغوطات التي تمارس على سوريا تتصل بهذا الملف اتصالاً وثيقاً، مما يهدد بتفجر القمة من داخلها واحتلال الأزمة اللبنانية موقعاً اساسياً في جدول اعمال القمة إن لم يتحول الملف اللبناني ملفاً وحيداً، بخلاف ما تطمح سوريا من تحويل القمة إلى قمة فلسطينية بامتياز، خصوصاً في ظل الهدوء النسبي الذي يخيم على خط النار بين قطاع غزة وجنوب اسرائيل، مما يجعل الملف الفلسطيني اقل سخونة من الملف اللبناني في القمة العربية. وليس خافياً على سوريا ان الرأي العام الرسمي العربي يحمّل سوريا شطراً اساسياً من مسؤولية تعقيد الأزمة في لبنان عبر حلفائها فيه. فضلاً عن الموقف الدولي من سوريا والذي عبر عنه بوضوح مفوض السياسة الأوروبية خافيير سولانا حين دعا المجتمع الدولي لممارسة اقصى الضغوط على سوريا من اجل احداث انفراج في الأزمة اللبنانية.
في هذا السياق يمكن فهم الأسباب الكامنة وراء التريث الذي تبديه حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في اتخاذ موقف بمقاطعة القمة العربية في دمشق رغم الدعوات الملحاح للمقاطعة التي اطلقها قطيان بارزان في حركة 14 آذار ndash; مارس هما وليد جنبلاط وسمير جعجع. ذلك ان الحكومة لا تريد التسرع في أخذ موقف قبل ان تتبين نتائج الاتصالات الجارية على قدم وساق. وكان لافتاً في هذا السياق موقف النائب ميشال المر الذي اعلن ما يشبه القطيعة مع تكتل الجنرال ميشال عون المعارض، وحمل هذا التكتل مسؤولية عدم انتخاب رئيس ماروني حتى الآن. ذلك ان مواقف النائب المر غالباً ما تتأثر بميزان التعقيدات والحلول في ما يخص الأزمة اللبنانية. مما يعني ان المعارضة العونية لوصول رئيس غير الجنرال عون نفسه إلى قصر بعبدا، لن تلين قناتها حتى في ظل اتفاق سعودي ndash; سوري على حلحلة العقد في لبنان، الامر الذي يفترض ان يتم الالتفاف عليه عبر وسائل اخرى بحيث تتم التغطية المسيحية لانتخاب الرئيس الجديد عبر انشقاق بعض حلفاء عون في البرلمان عن كتلته، وتالياً اضعاف تكتله البرلماني إلى الحد الأقصى، لأن احتمال تسليمه بوصول رئيس غيره إلى قصر بعبدا بعيد المنال.
ليست المرة الأولى التي يعلن فيها النائب المر اعلاناً مماثلاً، لكن مثل هذا الإعلان يمكن ان يقرأ في لبنان دائماً في وصفه منطلقاً من احتمال جدي لنجاح الضغوط على سوريا من اجل تسهيل عملية انتخاب الرئيس. وفي مثل هذه الحال، ليس مستبعداً ان يزور امين عام الجامعة العربية عمرو موسى بيروت قبل الخامس والعشرين من الجاري لعقد لقاء اخير بين ممثلي المعارضة والموالاة يتم الاتفاق فيه على الخطوط العريضة لحكومة الوحدة الوطنية والبيان الوزاري قبل ان يعقد البرلمان جلسة انتخاب الرئيس.
التعليقات