المعارضة اللبنانيّة تلوّح بتحويل الإضراب إلى عصيان مدني
إيلي الحاج من بيروت : عندما نزل المساء على بيروت كان دخان الإطارات المطاطية المحروقة لا يزال يتصاعد في بعض الأماكن المتاخمة للضاحية الجنوبية التي خرج منها أنصار للحزب الشيعي الأبرز وأقفلوا طريق المطار بالسواتر الترابية وطرقاً رئيسة في العاصمة اللبنانية رسمت ما يشبه خط تماس بين منطقتي الكثافة السكانية للشيعة والسنة . مشهد بغدادي كئيب ولكن بلا ضحايا. بل بعض الجرحى فحسب وكثير من خراب مادي في بعض الأمكنة، ومعنوي عام. المفتي قباني: لبنان يتعرض لمحاولة هيمنة حزب الله تحت غطاء المقاومة
من البداية كان واضحاً أن المرء يجب أن يكون ساذجاً ليصدق أن المسألة تتعلق بإضراب عمالي يسعى إلى مطالب، فالحركة العمالية في البلاد مسيّسة إلى أقصى حد وقيادة الإتحاد العمالي العام المتحالفة مع قوى 8 آذار/ مارس كانت أول الخارجين من المواجهة بعدما لجأت إلى إلغاء، وبالأحرى إرجاء التظاهرة التي كانت دعت إليها ، وكانت فضيحة أن عشرات لا غير من هذه القيادة، إن لم يكن أقل لبوا النداء للتجمع من أجل التظاهر. في حين أن الذين نزلوا إلى الشوارع وباشروا إقفال الطرق بكل ما تيسر كانوا من أنصار quot;حزب اللهquot; الذي اضطر إلى الرد بهذه الوسيلة التي لا يملك غيرها على قرارات للحكومة التي يترأسها الرئيس فؤاد السنيورة، وذلك تحت طائلة أن يدخل نفق خسارات لا تنتهي. فهذه القرارات التي صدرت بعد أطول جلسة في تاريخ مجالس وزراء لبنان واستمرت حتى الرابعة والنصف من فجر الثلاثاء قضت في إحداها بإزالة شبكة إتصالات هاتفية خاصة أقامها quot;حزب الله quot; على امتداد مناطق واسعة من لبنان .شبكة اعتبرتها الحكومة اعتداء على السيادة وعلى الشرعية بينما اعتبرها الحزب الشيعي جزءاً من quot;سلاح مقاومة إسرائيلquot; الذي يرفعه إلى مصاف المقدس . كما قضت بملاحقة مركبي كاميرات مراقبة لأحد مدارج مطار بيروت الدولي ndash; quot;مطار رفيق الحريريquot;.
جندي لبناني جرح خلال الاشتباكات |
المعركة الفعلية إذاً هي معركة السيطرة على مطار بيروت الذي يعتبر الحزب الشيعي أن الأمن فيه هو امتداد لأمن معقله الضاحية الجنوبية. لذلك فتحت أو كادت أن تفتح عند المساء، مع تراجع ( موقت؟) لحدة الإشتباكات في شوارع بيروت المتداخلة مذهبيا، معظم الطرق التي أقفلها أنصار الحزب، في حين كانت الشاحنات والجرافات تفرغ المزيد من حمولات الأتربة والحطام على الطرق المؤدية إلى المطار لإحكام عزله على غرار البقعة التي عزلها- بلا جدوى حتى اليوم منذ نحو سنة ونصف - quot;مخيم اعتصام المعارضةquot; في وسط بيروت على مقربة من السرايا مقر رئاسة مجلس الوزراء.
عناصر من الدرك اللبناني يحرسون مبنى مصرف لبنان |
وفي انتظار أن يوضح الأمين العام لquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله في حديث اليوم الخميس موقف الحزب من هذه التطورات، يمكن القول إن ما شهدته شوارع بيروت كان من أنواع quot;الغزواتquot; التي لا تستمر أكثر من يوم. أما الموضوع الأساس ( المطار) فيحتمل أن يكون معروضاً للمقايضة بمعنى : نفتح الطرق إليه إذا تراجعت الحكومة عن قراراتها . كذلك يحتمل أن يفك أسر المرفق الجوي ليكون في خدمة الناس العاديين. أما الشخصيات أمثال الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس كتلة quot;المستقبلquot; النائب سعد الحريري ورئيس quot;اللقاء الديمقراطيquot; النائب وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية لحزب quot;القوات اللبنانيةquot; سمير جعجع فسيكون عليها إجراء إتصالات للتوصل إلى تفاهم يتيح لها السفر من المطار .
محاولة اخماد الحريق |
وتفكر الحكومة اللبنانية في إعادة تشغيل مطار القليعات الدولي القريب من لبنان شمال لبنان بحماية دولية. وفي مقلب من الأحداث، أصيب quot;حزب اللهquot; بخسائر إضافية ، بعضها موجع ، في المعركة التي استدرج إليها ربما . إذ إن quot;التيار الوطني الحرquot; الذي كان قائده الجنرال ميشال عون يحض بأشد العبارات قبل يوم واحد على النزول إلى الشارع ومواصلة التحرك الضاغط بقوة حتى إسقاط حكومة الرئيس السنيورة لم ينزل أي واحد من أنصاره إلى الطريق، وفوق ذلك لم تشارك في الإضراب المناطق ذات الغالبية المسيحية التي يعتبر quot;التيارquot; ذا حضور فيها من الأشرفية إلى جبل لبنان والشمال. أما المدارس التي أقفلت أبوابها فحرصت إداراتها على التوضيح أنها قررت هذا التدبير خشية على التلاميذ من حوادث وكتبت إلى الأهالي: quot;إنها عطلة قسرية وليست إضراباًquot;.
مسافرون وصلوا مشيا الى مطار رفيق الحريري الدولي |
التعليقات