الشلل يزحف نحو قطاعات مهمة وتخوفات من تطور أشكال الاحتجاج
نار الاحتقان الاجتماعي تهدد بحرق أصابع الحكومة المغربية

أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: بدأ لهيب نيران الاحتقان الاجتماعي تشتعل أكثر فأكثر في المغرب بعد أن أبدت عدد من الهيئات النقابية والجمعوية والسياسية مساندتها للإضراب الوطني في الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، يوم 13 أيار (مايو) الجاري، والإضراب العام الذي أعلنت عنه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل يوم 21 من الشهر نفسه، ما جعل مراقبين يتنبأون بحرق هذه الموجة أصابع حكومة الوزير الأول عباس الفاسي، وبالتالي احتمال مساهمتها في التعجيل بالقيام بتعديل حكومي يعصف برؤوس عجزت لحد الآن عن تدبير القطاعات التي تشرف عليها حاليا.
وينتظر أن يشارك في الإضرابين تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات العمومية وألوان نقابية مختلفة، إلى جانب جماعة العدل والإحسان الأصولية (المحظورة)، وهو ما قد يؤدي إلى إصابة عدد من القطاعات المهمة في المغرب بالشلل.
ويأتي هذا التصعيد احتجاجا على المقترحات التي تقدمت بها الحكومة في الحوار الاجتماعي، إذ اعتبرتها مركزيات بأنها quot;لا ترقى للمستوى المطلوب ولم تأتي بجديدquot;، فيما فضلت أخرى الركون إلى السكون بعد أن خرجت راضية على نتائج الحوار.
وما يزيد من خطورة هذه الأزمة الاجتماعية هو انتقال ألسنتها إلى قطاعات أخرى، في مقدمتها الصحة، إذ أعلنت نقابة الأطباء الداخليين والمقيمين المنضوية تحت النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، عن خوض سلسلة طويلة من الإضرابات في المراكز الإستشفائية الجامعية أيام 06 و07 و08 و13و14و15 و20 و21 و22 و27 و28 و29 من الشهر الجاري، بالإضافة إلى التوقف عن العمل بأقسام المستعجلات والإنعاش، ابتداء من الثاني من الشهر المقبل، ما يهدد حياة مئات المواطنين بالموت، وهو ما يعد تطور خطير جدا ستكون له انعكاسات وخيمة.
وتتمثل مطالب هؤلاء الأطباء، حسب ما جاء في بيان لهم حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه، في تفعيل قرار إدماج الأطباء المقيمين ابتداءا من السنة الأولى مع احتساب سنوات الأقدمية ابتداءا من السنة نفسها، ورفع التعويض عن المهام للأطباء الداخليين والتغطية الصحية الإجبارية، ورفع التعويض عن المهام للأطباء المقيمين الذين ليست لهم صفة موظف أو مستخدم بمؤسسة عمومية أو أجير بمؤسسة خاصة.
ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل امتدت حتى إلى سواحل المملكة بعد أن قررت اللجنة الوطنية لقطاع الصيد الساحلي خوض إضراب عن العمل، في جميع الموانئ، ابتداء من يوم الخميس المقبل، إلى حين تجاوب الحكومة مع مطالب المهنيين.
وذكر بلاغ صادر عن اللجنة، حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه، أن المهنيين لاحظوا أن مقترحات الوزير quot;لا ترقى لطموحاتهم وآمالهم للتخفيف من كثرة الرسوم وتعدد الضرائب، والزيادات المتوالية في ثمن الكازوال الذي يمثل حوالي 65 في المائة من المصاريف العامةquot;.
وكانت الحكومة ردت بشكل قوي على رفض المركزيات النقابية لنتائج الحوار الاجتماعي، وقررت، بصفة أحادية، تطبيق مقترحاتها، حول الرفع من الدخول وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، ابتداء من فاتح يوليوز المقبل.
وستكلف هذه المقترحات 26 مليار درهم، 16 مليارا للرفع من دخول جميع موظفي الدولة، وأزيد من 10 ملايير لترجمة التزاماتها الرامية إلى quot;تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، تنضاف إلى 20 مليار درهم المرصودة في القانون المالي 2008، لتغطية نفقات المقاصة المرتقب أن تتجاوز 30 مليار درهم، ليبلغ الغلاف الإجمالي للنهوض بالأوضاع الاجتماعية أزيد من 46 مليار درهم.
وكثر الحديث في المغرب حاليا حول تعديل حكومي وشيك بعد تفاقم حدة الأزمة الاجتماعية وارتفاع وتيرة الاحتاجاجات.
وكانت ثيقة أعدتها وزارة التشغيل والتكوين المهني كشفت أن النزاعات الجماعية المصحوبة بإضرابات، سنة 2007، بلغ عددها 182 نزاعا جماعيا، تحولت إلى إضرابات، وهو ما يشكل نسبة 21.71 في المائة، من مجموع نزاعات الشغل، وأكد المصدر ذاته أن هذه النزاعات مست 147 مؤسسة، وبلغ العدد الإجمالي للعمال 35 ألفا و730 أجيرا، فيما وصل عدد العمال المضربين إلى 13 ألفا و988 أجيرا، أي بنسبة مشاركة 14.39 في المائة، في حين بلغ عدد أيام العمل الضائعة حوالي 77 ألفا و277 يوم عمل.
وأكدت أن الإضرابات، التي دعت إليها المركزيات النقابية، تشكل نسبة 84.61 في المائة، بما مجموعه 154 إضرابا، يأتي القطاع الفلاحي في مقدمة القطاعات المضربة، بتسجيل 39 إضرابا، بنسبة 21.42 في المائة، متبوعا بقطاع النسيج والألبسة والجلد، الذي شهد 21 إضرابا، بنسبة 11.53 في المائة، ثم الصناعة الغذائية، بتسجيل 25 إضرابا، بنسبة 13.73 في المائة.