قضت باختصاصها في نظر دعوى التعويض لأسر الضحايا
محكمة مصرية تنظر قتل الأسرى المصريين في حرب 67


نبيل شرف الدين من القاهرة : قضت اليوم السبت محكمة مصرية باختصاصها في نظر الدعوى المقامة أمامها من قبل إحدى أسر الأسرى المصريين الذين لقوا حتفهم في حرب 1967 ، وقررت المحكمة انتداب لجنة من خبراء اتحاد الإذاعة والتلفزيون لتفريغ شريط الفيلم التسجيلي المسمى ( روح شاكيد ) الذي عرضه التلفزيون الإسرائيلي لبيان ما تضمنه من مشاهد وصور وما إذا كانت تتضمن وقائع تعذيب وانتهاكات للأسرى المصريين ، وإمكانية تحديد عدد هؤلاء الأسرى ، والحالة التي كانوا عليها ومرتكب تلك الوقائع .

وتضمن الفيلم كيفية تصفية الأسرى المصريين في حرب عام 1967 في شبه جزيرة سيناء وداخل السجون الإسرائيلية ، وتحدث في الفيلم الوثائقي عدد كبير من الجنود الذين خدموا في صفوف وحدة quot; شاكيد quot; وكشفوا عن عمليات القتل التي قاموا بها بدم بارد ضد جنود من وحدة quot; الكوماندوز quot; المصرية وهم في طريق انسحابهم للغرب داخل سيناء بعد توقف القتال .وخلال الفيلم تحدث عدد من الجنود الذين خدموا تحت إمرة بنيامين بن إليعازر وزير البنى التحتية الإسرائيلي ، إنهم قتلوا الجنود المصريين مدفوعين بشهوة الانتقام وتنفيذا لتعليمات عسكرية من قادتهم ، وتخللت الفيلم الوثاقي مقاطع وثائقية مصورة تظهر إطلاق النار على الجنود المصريين رغم كونهم مجردين من الأسلحة ، أو رافعي الأيدي وهم على الأرض .

الحرب والحصانة

وأقام اثنان من أشقاء الشهيد quot;سيد أبو ريةquot; الذي قتله الجنود الإسرائيليين عقب أسره في حرب 1967 دعواهم ضد كل من رئيس وزراء إسرائيل ووزيري الدفاع ورئيس التلفزيون الإسرائيليين والسفير الإسرائيلي بالقاهرة - بصفتهم - مطالبين ب15 مليون جنيه تعويضا لهم عما لحق بشقيقهم من تعذيب أدى إلى قتله حيث كانوا قد أقاموا دعواهم أمام المحكمة عقب عرض فيلم quot;روح شاكيدquot; .وقررت المحكمة استبعاد السفير الإسرائيلي من الدعوى المرفوعة من شقيقي الشهيد ، وذلك لتمتعه بحصانة كفلتها المواثيق الدولية للمبعوثين الدبلوماسيين .

وأكدت المحكمة أن هذه الدعوى خارج نطاق الحصانة وتقع في نطاق اختصاص القضاء المصري لأن الوقائع تتعلق بوقائع حرب وحشية على أرض مصرية، مشيرة إلى أن القانون المصري اختص القضاء الوطني بنظر الدعوى التي ترفع ضد أجانب ليس محل إقامتهم مصر على اعتبار أن الجريمة التي وقعت كانت ضد الأسرى المصريين وعلى أرض سيناء المحتلة وقت ذلك وهي أرض مصرية خالصة .وأوضحت المحكمة أنه لا ينال من اختصاصها بنظر الدعوى ما كفله القانون من حصانة قضائية للدولة الأجنبية ضد القضاء الوطني إذ إن مناط هذه الحصانة قاصر على الأعمال التي تباشرها بصفتها السيادية أو التي تتعلق بأعمال السلطة العامة التي تدور في فلك القانون الدولي والذي قرر هذه الحصانة لكل دولة في محيط العائلة الدولية .

وأكدت المحكمة أن جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية هي أخطر الجرائم في القانون الدولي والافعال المنافية للانسانية الناجمة عن سياسة الفصل العنصري والتي تقع مسئوليتها عن ممثلي سلطة الدولة وليس الأفراد الذين ارتكبوها فقط وكذلك لتسامحهم في ارتكابها.

جرائم حرب

وقالت محكمة تعويضات شمال القاهرة في جلستها المنعقدة اليوم برئاسة المستشار أحمد موافي إن الدولة التي تنتهك مبادئ القانون الدولي وترتكب جرائم ضد الإنسانية تمثل خرقا للاتفاقيات الدولية كاتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بمعاملة أسرى الحرب، وكذا الاتفاقية الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية الموقعة في لاهاي، والتي تنص على وجوب معاملة أسرى الحرب بما يحفظ لهم كرامتهم وآدميتهم الانسانية وكذلك حقوقهم منذ وقت الاسر تحت سلطة حكومة العدو وليس تحت سلطة الأفراد والوحدات العسكرية التي قامت بأسرهم، خاصة إذا كانوا قد ألقوا سلاحهم، حيث يجب معاملتهم بصورة إنسانية في جميع الاوقات، في ما يحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو أعمال غير مشروعة يسبب موت أي أسير في عهدتها .

وأشارت المحكمة إلى أنها ترى معاقبة هذه الفئة من مجرمي الحرب لما ارتكبته بحق البشرية من جرائم نكراء لاتقرها جميع الاديان، معتبرة أن الملاحقة القضائية والمعاقبة لهم تعد عنصرا هاما لتفادي وقوع مثل هذه الجرائم مستقبلاً .وأوضحت المحكمة أن إدارة العدالة بواسطة المحاكم الوطنية مصلحة عامة، تباشرها الدولة في الحدود التي تحقق هذه المصلحة بواسطة قضاتها ومحاكمها، لافتة إلى أن الدولة هي التي ترسم حدود ولاية القضاء فيها لها المقدرة في رسم ما يلزم تحقيق المصلحة العامة الهامة وهو تحقيق العدالة .وينتظر أن تقوم المحكمة بتحديد جلسة لاستكمال اجراءات الدعوى عقب ورود تقرير الخبراء الفنيين الذين انتدبتهم من اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري .