طلال سلامة من روما: لم ينطق سيلفيو برلسكوني بكلمات حديث يخفي سراً خطيراً، لا بإيطاليا ولا ببروكسل. في النهاية، لم يستطع السيطرة على نفسه وهاهو أمام جمع غفير من الشخصيات الصناعية والسياسية البارزة، التي تدفقت الى اجتماع لجنة الصناعيين quot;كونفيزيرشينتيquot;، يبوح بكلام يعكس خوفه من كابوس شبه محتم، يدعى السجن. هكذا، تخطى برلسكوني جميع الحواجز النفسية ليشيع علناً سر خوفه من القضاة الإيطاليين. لرد الصاع صاعين فانه لن يتأخر في صوغ قوانين جديدة، تحميه سوية مع معاونيه، من أي محاولة لزجه بالسجن. ان الخطة القضائية الجهنمية واضحة أمام برلسكوني. فالآلية القضائية تنوي الحكم عليه ست سنوات لإقدامه على دفع مبالغ طائلة للمحامي البريطاني دافيد ميلس مقابل شراء صمت الأخير في ما يتعلق بتهريب ملايين الدولارات من شركة quot;فينينفيستquot; التي تمتلكها عائلة برلسكوني الى الخارج. بالطبع، سيؤدي الحكم على برلسكوني الى استقالته على الأثر، أوتوماتيكياً وإلا فان التداعيات الإقليمية والدولية عليه وعلى الحكومة الإيطالية ستكون ذات ثقل لا يُطاق.

بات واضحاً أمام الجميع أيضاً أن القضاء الإيطالي لن يترك برلسكوني بسلام. لا بل يبدو أن الحكم صدر بحق برلسكوني إنما لم يُعلن بعد بانتظار quot;الفرصة الاستراتيجيةquot;. مع ذلك، لم يتأخر برلسكوني في اتهام القضاء المحلي بأنه يمسك البلاد quot;رهينةquot; منذ زمن سحيق. لا بل انه يذهب الى حد أبعد لوصف القضاة بأنهم قوة جبروتية داخلية خطفت حرية البلاد منذ العام 1994 عندما تولى برلسكوني منصب رئاسة الوزراء. ثم تابعت هذه القوة ممارسة نفوذها على رومانو برودي كي تصطاد مجدداً ضحيتها المفضلة، أي برلسكوني.

ان موقف برلسكوني من القضاة الإيطاليين بمدينة ميلانو، الذين أدخلوه مرماهم، بدأ يسبب تصدعاً في ائتلافه الحاكم. فحزب رابطة الشمال، وحتى مستشار برلسكوني وذراعه الأيمن جياني ليتا، بدؤوا انتقاده لشراسته في خطاباته الأخيرة. صحيح أن برلسكوني يمتلك كل الحقوق في الدفاع عن نفسه، في بلد ديموقراطي، إنما عليه الأخذ بالاعتبار حساسية رئيس الجمهورية جورجيو نابوليتانو إزاء تصريحاته الدفاعية النارية. ويبدو أن الفارس برلسكوني سأم من الاستماع الى أحاديث كبار السياسيين السخيفة، ومنهم جورجيو نابوليتانو. ولعله قادر على صوغ قوانين تحميه quot;حسب الطلبquot; لكن مواصلة خطاباته الاستفزازية من شأنها عرقلة تعاونه مع رئيس الجمهورية أولاً وحواره الشكلي مع أحزاب المعارضة ثانياً.

لذلك، لا يستبعد أحداً مفاجآت غير متوقعة، في الأسابيع القادمة!