محللون يترقبونمراجعة وشيكة للدستور
الجزائر: قرارات مهمة قد يعلنها بوتفليقة السبت
كامل الشيرازي من الجزائر: يُرتقب أن يعلن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، اليوم السبت، عن قرارات مهمة في خطابه للأمة بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني الـ46، ووسط الحسابات والتجاذبات التي تتقاذف الشارع المحلي، يذهب فريق من المراقبين إلى أنّ الرئيس الجزائري الذي تعمّد دوما عنصر المفاجأة في الكشف عن خططه، سيكشف عن quot;مفاجآتquot; تخص تفاصيل مهمة بشأن أفق الدستور الجديد المزمع عرضه على طاولة الحسم قبل نهاية الصيف الجاري.
ولا يستبعد متابعون أن ينهي بوتفليقة في خطابه السنوي التقليدي في وزارة الدفاع الجزائرية، حالة (السوسبانس) التي ظلت تطبع مشروعه الخاص بمراجعة الدستور، بالإعلان رسميا عن عرض مسودة التعديلات الدستورية للمصادقة عليها في مجلس الشعب بغرفتيه، ويتضمن المشروع تمديد ولاية الرئيس لفترة جديدة، وإلغاء لمنصب رئيس الحكومة واستبداله بمنصب وزير أول، إضافة إلى إعادة تنظيم السلطات الدستورية لمصلحة رئيس البلاد.
في سياق ذي صلة، يجمع خبراء الشأن الجزائري على أنّ مؤشرات عدة ترجح quot;إحياءquot; الرئيس بوتفليقة لمشروعه الخاص بمراجعة الدستور بعد أشهر من quot;اللاوضوحquot; ربطه محللون بصراعات الجماعات المؤثرة داخل السلطة الجزائرية، وتبعا لعمليات حسابية وتكتيكية مرتبطة بالزمن المحدود الذي لا يزال يفصل الجزائر عن انتخاباتها الرئاسية القادمة في أبريل/نيسان 2009، يظهر جليا أنّ مراجعة الدستور الخامس في الجزائر، باتت وشيكة.
ووسط جدل لم يهدأ بين من يرى بأنّ المشروع ينتظر آخر الرتوشات، وآخر يذهب إلى أنّ الرئيس الجزائري لم يحسم في صيغة مشروعه، تتساءل مصادر إعلامية محلية، عن سرّ ما يطبع المراجعة الدستورية، إذ بعدما جرى إرجاء الملف عديد المرات خلال العامين المنقضيين، لم تتضح إلى غاية الآن طريقة تمرير تعديلات الدستور، خصوصا مع النأي بها عن أي نقاش عام، ما أضفى غموضا مثيرا للجدل حول مضامينها، على نحو عاكس طروحات سائر الفاعلين السياسيين، ممن دعوا إلى عرض محتوى مسودة الدستور الجديد على الرأي العام للإثراء والنقاش، وتنظيم استشارة جماهيرية حول الموضوع بدل الاكتفاء بالتصديق عليه من طرف نواب البرلمان.
وبعدما أبدت أطراف سياسية قلقا بشأن تأخر البت في القضية، اعتبرت مراجع محلية، أنّ هامش الوقت لايزال في صالح الرئيس الجزائري الذي فضّل إعداد دستوره في هدوء ورويـة، وارتضى عزل فريقه المكلف بإعداد الدستور الجديد عن أي تشويش قد يصدر عن بعض دوائر الممانعة المتنفّذة، لكن الأبواب لا تزال مشرّعة أمام احتمال مغاير على شاكلة quot;جديد قد يطرأquot; لأنّ كل شيء ممكن quot;سياسياquot; في الجزائر، رغم quot;التراجعquot; الذي طرأ فجأة على موقف الحزب العلماني quot;التجمع الديمقراطيquot; وزعيمه أحمد أويحيى الذي تولى رئاسة الوزراء قبل أسبوعين، بما أعطى أنّ ثمة انطباعا بأنّ جهات في الحكم تخلت عن معارضتها للتعديل الدستوري، تبعا لمكانة أويحيى في المشهد السياسي المحلي، وارتباطه بالعصب النافذة في النظام، فبعدما ظلّ التجمع الديمقراطي وزعيمه، يستبسلان في تحفظهما على المشروع وتصنيفه في خانة الـ''اللا أولوية''، انقلب الموقف بشكل مثير 180 درجة، ولم يجد quot;ميلود شرفيquot; المتحدث باسم التجمع الديمقراطي، حرجا من القول إنّ حزبه quot;سيساند هذا المسعى عند عرضه من طرف صاحب المبادرة''!
ويسري اتجاه بأنّ تعديل الدستور، إن حصل، سيقتصر على ترك عدد الولايات الرئاسية مفتوحة، وجعل نظام الحكم quot;رئاسياquot; بزيادة الصلاحيات المخولة للرئيس وتحجيم أخرى متصلة بمنصب quot;الوزير الأولquot;، وقد تمتدّ التعديلات إلى النقطة المتعلقة باستحداث منصب quot;نائب رئيس الجمهوريةquot;، ويرجح مراقبون أن تكون نهاية الصيف السياسي هناك ساخنة، على خلفية استعداد قوى الأكثرية لإبراز quot;فضائلquot; التعديل وترسيمه في أقرب وقت، وإشهار قوى المعارضة لـquot;فيتو متشنجquot; ورفضها أي مراجعة، لتخوفها من احتمال حدوث انسداد سياسي كبير في حال بقاء بوتفليقة حاكما للبلاد إلى غاية 2016، طالما أنّ التعديل يمدّد زمن الولاية الرئاسية إلى سبع سنوات بدلا من خمس المعمول بها حاليا.
ولم يُعرف إلى حد الساعة ما إذا كان الدستور سيعرض للتصويت على مجلس النواب عبر أمرية رئاسية، أم سيجري اللجوء إلى تنظيم ثالث استفتاء شعبي منذ توليه الحكم في ربيع 1999، حتى وإن كان quot;عبد العزيز بلخادمquot; الأمين العام للحزب الحاكم وquot;عبد العزيز زياريquot; رئيس الغرفة البرلمانية السفلى، جزما أنّ التعديلات الدستورية سيتم عرضها على الجمعية الوطنية (البرلمان)، ما يعزز فرضية تمرير التعديلات الدستورية عبر الغرفة التشريعية السفلى، لاسيما في ظل التخوف من احتمال تكرار سيناريو الامتناع القياسي عن التصويت في مواعيد انتخابية سابقة.
وأفرز الإعلان عن تأجيل الاستشارة الشعبية حول مراجعة الدستور عدة مرات، فضلا عن تراجع الحديث عن المسألة، انطباعا مفاده فتور حماس عرّاب المشروع، علما أنّ الرئيس الجزائري ظلّ يؤكد منذ توليه الحكم في ربيع 1999 رفضه الدستور الحالي المعمول به منذ خريف العام 1996، ووصف بوتفليقة مرارا الدستور الحالي بكونه quot;وليد الأزمة التي عاشتها البلادquot;، بالمقابل، هلّل أكثر من مرة لفضائل الانتصار لنظام رئاسي يزيل نهائيا ما سماها quot;هجينية الحكمquot;، رغم رفض معارضين وملاحظتهم بأنّ المعطيات العامة في البلاد ترشح لقيام نظام شبه رئاسي، بجانب اعتبارهم أنّ فرص نجاح نظام رئاسي في الجزائر معدومة.
التعليقات