إيلغار ولي زاده

موسكو: لم تبق حتى انتخابات الرئاسة الجديدة في إيران إلا سنة واحدة. ونشرت صحيفة quot;La Repubblicaquot; الإيطالية، مقالة لعلي أكبر ولايتي، أحد الشخصيات السياسية البارزة سابقا في جمهورية إيران الإسلامية، الذي شغل منصب وزير الخارجية على مدى ما يقارب 17 سنة. وبالرغم من أن ولايتي محروم منذ عدد من السنين من إمكانية ممارسة السياسة الخارجية النشطة، إلا أنه مع ذلك يعتبر مستشارا دبلوماسيا لآية الله خامنئي، الزعيم الديني للجمهورية الإسلامية.

ويعلن الدبلوماسي الإيراني في مقالته، أن الزعيم الديني سيجري المفاوضات بشأن البرنامج النووي شخصيا، أو بعبارة أخرى، أنه يعفي محمود أحمدي نجاد من هذه المسؤولية. ويوضح دافع اتخاذ قرار الزعيم الإيراني هذا بضرورة التوصل إلى حل وسط بسبب القلق العام من الوضع الناشئ حول برنامج البلد النووي.

ويستشف من كلام ولايتي أيضا أن إيران على استعداد بكل جلاء لمراجعة الأحكام الأساسية في رؤية السياسة الخارجية للرئيس الحالي. ولذا فإن التأكيد على أن quot;الزعيم الأعلى ينطلق في إجراءاته من أن السلام على الكوكب يبنى على الاعتراف بسيادة الدول واحترام حدودها الدوليةquot; يدل بكل جلاء على أن خامنئي لا ينوى quot;مسح إسرائيل من الخارطة الجغرافيةquot;. وأنه يعتقد أن quot;المصير السياسي للبلدان الأساسية الموجودة في المنطقة حاليا، يجب أن تقرره انتخابات ديمقراطية يعترف بنتائجها وتحترم إذا شارك فيها الجميع، المسلمون والمسيحيون واليهود، بحريةquot;.

ويميل الكثيرون إلى اعتبار هذه الصيغة تأكيدا على موقف البلد الرسمي بشأن الاعتراف بإسرائيل، الذي طرح منذ عهد الرئيس السابق محمد خاتمي وصاغه بنفسه. ويتلخص جوهره في أنه إذا تمت المصادقة نتيجة اقتراع الفلسطينيين، على معاهدة سلام يرسو في أساسها وجود دولتين، فإن إيران ستشاطر الفلسطينيين رأيهم ومن الممكن أن تعترف بهذه الصورة بإسرائيل.

وإن قرار الزعيم الديني الإيراني المفاجئ، للوهلة الأولى، بأخذ مسؤولية السياسة الخارجية على عاتقه، قد تكون له عدة توضيحات.

أولا ـ تعكف إيران على تهيئة الأرضية لبدء حوار مع الرئيس الجديد للبيت الأبيض، وتود بدء الحديث بشأن كافة القضايا المستعصية الأساسية، مما يسمى quot;بصفحة بيضاءquot;. وبوسع إيران بهذه الصورة، كسب الوقت الضروري لتحقيق انطلاقة في تنفيذ البرنامج النووي، والتخفيف من حدة المشاعر بشأن موقفها الحاد من إسرائيل.

وثانيا ـ بدأ الزعيم الإيراني بالتهيئة لتغيير سيد القصر الجمهوري، ووقع اختياره على أنسب وقت، إذ لم يبق حتى الانتخابات إلا سنة واحدة، وعلى أضعف نقطة في سياسة أحمدي نجاد وبالتالي حرمانه، من حيث الجوهر، من قسم ملموس من صلاحياته. وتكتسب حيوية كبيرة من جديد بهذا الصدد، قضية من سيخلف أحمدي نجاد في هذا المنصب؟

وظهرت في الفضاء السياسي في البلد من جديد شخصيات مثلت إيران على الساحة الدولية قبل بضع سنوات. وبينها على لاريجاني، رفيق أحمدي نجاد سابقا، الذي كان يشغل منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي. كما رأس لاريجاني الفريق المفاوض بشأن البرنامج النووي، ولكنه اضطر للانسحاب من فريق أحمدي نجاد بسبب الخلافات مع رئيسه السابق. وحتى في الربيع الحالي، عندما كان يجري في إيران حساب نتائج الاقتراع في انتخابات برلمان البلد، جرى الرهان على لاريجاني الذي كان يعتبر من المحافظين الجدد، للوقاية سياسيا في حالة انحسار تأييد النظام الحاكم بشكل جامح عشية انتخابات الرئاسة.

وإن هذا التكهن بدأ يتحقق حاليا. ومما لا شك فيه أن شخصية لاريجاني السياسية الذي يعمل على الساحة السياسية بصفة رئيس البرلمان، ستتعزز بعد التطورات الأخيرة.

وعلى أي حال فإن الوضع لا يتيح إلا استخلاص استنتاج قاطع، وهو أن أحمدي نجاد أخذ يفقد تدريجيا مقاليد التأثير على الوضع الدولي. وهل يعني هذا أنه سيرحل تدريجيا من الساحة السياسية، فهذا مناط بالزمن.