غادر منزله الوالدي بعمر 15 سنة بعد إضطراب عائلي
سمير القنطار: الأسطورة غير الواقع
إيلي الحاج من بيروت: من هو سمير القنطار الذي بات أغلى سجين في العالم بعدما تسببت حرب تموز (يوليو) 2006 التي إندلعت تحت ذريعة السعي إلى إطلاقه بمقتل ما لا يقل عن 1200 لبناني وتدمير 101 جسر وآلاف المنازل فضلاَ عن خسائر إقتصادية ومعنوية لا تحصى؟ من هو العائد إلى بلاده بعد 30 عاماً أمضاها في سجون إسرائيل؟ أعلن quot;حزب اللهquot; لدى إطلاقه عملية أسر الجنديين وراء الحدود في 12 تموز( يوليو) 2006 أنه يريد مبادلتهما بأسرى لبنانيين، وسرعان ما تبين في التدقيق أنهم لبناني واحد هو سمير القنطار الذي اعتقلته السلطات الإسرائيلية عام 1979 لدى قيامه بعملية في مدينة نهاريا من ضمن مجموعة من quot;جبهة التحرير الفلسطينيةquot; التي كان ينتمي إليها، وكان عمره 16 عاماً فقط، وبعد ذلك أصرت على الإحتفاظ به لمبادلته برون أراد أو برفاته، وهو طيار سقطت طائرته الحربية في جنوب لبنان خلال الإجتياح عام 1982 واختفت آثاره .
أما الأسير الآخر الذي طالب به الحزب وهو يحيى سكاف فهو من الحزب السوري القومي الإجتماعي ( مؤسسه أنطون سعادة)، وكان يعتبر مفقوداً منذ 1978 وليس لدى أي جهة، ولا حتى quot;حزب اللهquot; دليل على أنه حي ولطالما نفت إسرائيل أن يكون معتقلاً لديها . والثالث نسيم نصر الذي أبعدته إسرائيل إلى لبنان فتسلمه quot;حزب اللهquot; هو إسرائيلي، أمه يهودية وزوجته وأولاده أيضاً ويقيمون في إسرائيل، لكن والده شيعي لبناني ويحمل الجنسية اللبنانية أيضاً ، حكم عليه القضاء الإسرائيلي بالسجن 6 سنوات بتهمة التجسس ل quot;حزب اللهquot; وقد أمضى مدة سجنه كلها قبل إبعاده إلى لبنان حيث لم يسمح له الحزب بالظهور إعلامياً سوى دقائق بعيد وصوله إلى الحدود.
والقنطار من مواليد 1962 من بلدة عبية الجبلية في قضاء عاليه بجبل لبنان. تزوج والده ثانية من إمرأة، هي نفسها التي تقول وسائل الإعلام إنها والدته وتصوّرها حاملة صورته، والواقع إنه ترك منزله الوالدي حاملاً آثار طفولة ومراهقة مضطربة بعد ذلك الزواج وكان بعمر 15 سنة فقط عندما التحق عام 1977 بأحد التنظيمات المسلحة المنتشرة في أجزاء واسعة من لبنان في تلك الحقبة، فبات عنصراً في quot;جبهة التحرير الفلسطينيةquot; ( بقيادة محمد عباس، أو quot;أبو العباسquot; الذي قضى في أحد السجون الأميركية في العراق بعد إسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين) .
اعتقل سمير للمرة الأولى بتاريخ 31 كانون الثاني/ يناير 1978 على يد جهاز المخابرات الأردنية عندما حاول تجاوز الحدود الأردنية الإسرائيلية في مرج بيسان مع عضوين آخرين في quot;جبهة التحرير الفلسطينيةquot; وفي نيتهم اختطاف حافلة إسرائيلية على الطريق الواصلة بين بيسان وطبريا ومطالبة إطلاق سراح سجناء لبنانيين مقابل المسافرين. أمضى القنطار 11 شهرا في السجن الأردني، ثم أفرج عنه في 25 كانون الأول/ ديسمبر 1978 بشرط ألا يدخل الأردن ثانية.
وفي 22 أبريل 1979 تسلل القنطار مع عبد المجيد أصلان، مهنا المؤيد، احمد الأبرص، من أفراد من quot;جبهة التحرير الفلسطينيةquot; عبر الحدود اللبنانية بحرا في قارب مطاطي. وعند وصولهم إلى مدينة نهاريا ، أطلقوا النار على سيارة شرطة وقتلوا شرطيا إسرائيليا. ثم اقتحموا منزل عائلة هاران واختطفوا طفلة وأبيها بينما اختبأت الأم، سمادار هاران، مع طفلتها الأخرى وجارة للعائلة. أخذت المجموعة بقيادة القنطار الأب وابنته إلى شاطئ البحر حيث وجدتهم الشرطة الإسرائيلية. عندما بدأ تبادل إطلاق النار بين الشرطيين وأفراد المجموعة، قتل القنطار المخطوفين قبل اعتقاله، كذلك قتل شرطيا إسرائيليا في تبادل إطلاق النار. و في بيت العائلة ماتت الطفلة الأخرى اختناقا عندما حاولت الأم إسكاتها خشية اكتشاف المخبأ.
قتل أصلان والمؤيد برصاص الشرطة الإسرائيلية التي اعتقلت القنطار والأبرص. في 28 يناير 1980 حكمت المحكمة الإسرائيلية على سمير القنطار بخمس مؤبدات مضافا إليها 47 عام (إذ اعتبرته مسؤولا عن موت 5 أشخاص وعن إصابة آخرين). وأمضى المدة الأخيرة من أسره في سجن هداريم الإسرائيلي. بينما الأبرص في 21 مايو 1985 في إطار صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وquot;منظمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامةquot;.
وفي 28 كانون الثاني من العام1980 حكمت المحكمة الإسرائيلية المركزية في quot;تل ابيبquot; على الأسير سمير القنطار بخمس مؤبدات أضيف إليها 47 عاماً ولم يبق سجن في إسرائيل إلا زاره ، إلى أن استقر في معتقل نفحة الصحراوي في النقب وهو من أقسى السجون الإسرائيلية.
وفي 1984 سعى رفاق القنطار إلى إطلاق سراحه باحتجاز السفينة الايطالية quot;اكيلو لاوروquot; وعلى متنها رعايا امريكيون واسرائيليون، وفي ما بعد سيزور قائد المنظمة quot;أبو العباسquot; إسرائيل والضفة الغربية وغزة علناً فيما بقي مقيماً في بغداد. وفي 2003 رفضت تل ابيب شمول القنطار بصفقة اطلاق الاسرى وربطت باستمرار إطلاقه بالحصول على معلومات عن الطيار الاسرائيلي رون أراد الذي أسقطت طائرته فوق لبنان في عام 1986. معلومات قدمها quot;حزب اللهquot; أخيرا إلى إسرائيل عبر الوسيط الإلماني لقاء إطلاق القنطار، في طريقة كان يمكن اعتمادها منذ 20 عاماً على الأقل.
وخلال مكثه في السجن الإسرائيلي سـُجل القنطار كطالب في الجامعة المفتوحة الإسرائيلية في تل أبيب والتي تستخدم طريقة التعليم من بعيد. وفي أيلول/ سبتمبر 1998 منحته الجامعة المفتوحة درجة بكالوريوس في العلوم الإنسانية والإجتماعية. وفي تموز/أغسطس 1998 طلب متابعة دراسته العليا في جامعة خاصة موجودة في إسرائيل، ولكن إدارة السجن رفضت طلبه معتبرة انه لا يمكنه الدراسة إلا في جامعة عبرية كي تراقب مضمون المواد ، فتابع دراسة الماجستير في مادة quot;الديمقراطية quot; وفي الوقت نفسه تابع من كثب التطورات في لبنان من خلال الراديو والتلفزيون.
وصرح أخيراً أنه لن يترشح للإنتخابات النيابية في لبنان، لكن جهات سياسية تصر من اليوم على ترشيحه ضد مرشحي لائحة quot;اللقاء الديمقراطيquot; التي يترأسها النائب وليد جنبلاط إذا لم يكن هو من ضمن اللائحة. وتنشط حركة قوية سياسية وإعلامية في لبنان لجعله أسطورة على غرار تشي غيفارا. وعندما سئل شقيقه بسام الذي يعمل صحافياً في جريدة quot;الأخبارquot; البيروتية هل يقبل أخوه ( غير الشقيق) كل القتل والدمار الذي نزل بلبنان وشعبه من أجل إطلاقه أجاب إن من يطرحون أسئلة على هذا النحو هم عملاء ومباعون للخارج وتحديدا أميركا.
التعليقات