كامل الشيرازي من الجزائر: يبدأ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة السبت زيارة رسمية إلى إيران تأتي تلبية لدعوة من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي كانت له زيارة مماثلة قادت إلى الجزائر قبل عام.

وتعد هذه الزيارة الثانية من نوعها لبوتفليقة إلى إيران بعد جولة أولى في أكتوبر/تشرين الأول 2003، ما أنهى آنذاك عشرية من قطيعة سياسية مزمنة بين البلدين منذ إقدام الرئيس الجزائري السابق quot;ليامين زروالquot; على قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، بسبب اتهامات الجزائر للجمهورية الإسلامية بالتدخل في شأنها الداخلي إبان الأزمة الأمنية الدامية في تسعينيات القرن الماضي، قبل أن تشهد العلاقات الثنائية انتعاشا لافتا إثر تبادل الزيارات بين مسؤولين جزائريين وإيرانيين بينهم الرئيس الإيراني الاسابق محمد خاتمي وكبير المفاوضين السابق في الملف النووي الإيراني علي لاريجاني ووزير الخارجية منوشهر متكي.

ويرى متابعون أنّ الجزائر وإيران تسعيان إلى تجسيد شراكة في مجال التعاون النووي السلمي، حيث يبدي الجانب الجزائري اهتماما بمساعدة إيرانية في سائر الاستخدامات السلمية للطاقة النووية بغرض تطوير قدرات البلاد في مجال استغلال الكهرباء النووية واستعمال الذرة لأغراض سلمية، قبيل الشروع في بناء عشرة مفاعلات نووية جديدة موجهة لأغراض سلمية على المديين المتوسط والبعيد، فضلا عن إمكانية إنشاء وحدات إلكترونية نووية واستغلال 30 ألف طن من مادة اليورانيوم المخصّب في مضاعفة توليد وإنتاج الطاقة الكهربائية، في سياق بحث الجزائر على تطوير تطبيقاتها النووية على غرار إنتاج معدات إشعاع نووية للاستعمالات الطبية وكذا لأغراض تنموية على غرار الطب والصناعة والزراعة والطاقة الكهربائية.

وتتوفر الجزائر حاليا على مفاعلين نووين صغيرين، هما ''سلام'' بمنطقتي عين وسارة (250 كلم جنوب) و''نور'' بالدرارية (20 كلم شمال)، مع الإشارة الى إنّ الجزائر وقعت على بروتوكولات تعاون في المجال النووي المدني مع الصين والأرجنتين وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا، وتريد النسج على المنوال ذاته مع مصر وجنوب افريقيا لدفع برنامجها النووي الذي افتتحته العام 2006 بالتنسيق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وإذا كان وزير السكن والتعمير الإيراني محمد سعيدي كيا صرّح لدى زيارته الجزائر قبل أسابيع، إنّ طهران تنتظر باهتمام تجسيد زيارة بوتفليقة لتعزيز التعاون الثنائي والتشاور بين البلدين حول المسائل الجهوية والدولية ذات الاهتمام المشترك، فإنّ مراقبين يركزون على سعي طهران للاستفادة من دعم جزائري أكبر، بالتزامن مع ما يشهده الملف النووي الإيراني من تطورات، وستكون الزيارة فرصة للجانب الإيراني لاطلاع الرئيس الجزائري على جديد القضية، علما أنّ الجزائر جددت مرارا اعترافها، بحق إيران في امتلاك الطاقة النووية لأغراض سلمية، وأكدت على لسان رئيسها، أنّه لا يوجد أي مانع للاعتراض على البرنامج النووي الإيراني.

ويٌرتقب أن تطرح ملفات عديدة بين زعيمي البلدين على غرار مشروع إنشاء تكتل quot;أوبك للغازquot;، بينما تسعى طهران لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الجزائر، من خلال وضع إطار قانوني يؤطر المبادلات التجارية بين البلدين، مع الإشارة الى أنّ الأخيرة متواضعة ولا تتجاوز 10 ملايين دولار سنويا، وهو ما يعتبر دون مستوى تطلعات الجانبين، وقالت مصادر قريبة إنّ طهران تريد ترقية استثماراتها بالجزائر، التي تنحصر حاليا في الصناعات الثقيلة والصناعات التحويلية.