طلال سلامة من روما: ثمة سؤال يطرحه المحللون هنا، هو من سيستهدف روبرتو ماروني، وزير الداخلية الإيطالي، في الشهور القادمة؟ على الأرجح، ستطال إجراءاته الأمنية الجالية الصينية التي أسست هنا منظمات مافيوية تتحرك بضراوة وشراسة تحسدها عليها المافيا الإيطالية. اليوم، نجد المافيا الصينية ضالعة محلياً في تجارات ثقيلة المعيار، كما تجارة النفايات السامة، والسجائر المزيفة والبغاء وتبييض الأموال. هكذا، تستعمل التجارات الإجرامية التابعة للمافيا الصينية هذا البلد كموقع أمامي لنشاطاتها غير الشرعية في الدول الأوروبية الأخرى. ولا يرتبط عدم إتقان الصينيين تماماً للغة الإيطالية بتحركاتهم وخططهم الدقيقة المرسومة على الخرائط. لا بل أن ذكائهم يتجاوز الذكاء المافيوي الإيطالي من حيث التفاعل والانتقام.

في هذا الصدد، يتصاعد قلق ماروني أمام ظاهرة المافيا الصينية القوية لا سيما عقب تضاعف التحقيقات حولهم، من شمال ايطاليا(ميلانو) الى جنوبها(أنكونا). كما يجد القضاء الإيطالي نفسه عاجزاً عن فك طلاسم هذه المنظمات وخططها ببساطة. قبل كل شيء، يتحدث الصينيون العديد من اللغات واللهجات المحلية، التي لا تنجح عمليات التنصت الهاتفية من استيعابها وفك شفراتها بالكامل. كما أن أغلب الصينيين يرفض التعاون مع الأجهزة الأمنية مفضلاً هكذا الصمت المفروض عليهم بالقوة. تستوطن أبرز الخلايا المافيوية الصينية بإقليم توسكانا، وتتمتع هذه الخلايا بتفرعات دولية. بما أن محور نفوذ هذه الخلايا يرتكز على إدارة حركة المهاجرين غير الشرعيين فان مكافحة هذه التجارة تنتمي الى وزارة الداخلية وعلى رأسها ماروني.

يذكر أن المهاجرين الصينيين غير الشرعيين لا يدفعون قرشاً واحداً لوصولهم الى ايطاليا، إنما عليهم دفع رحلة سفرهم الباهظة عن طريق العمل سراً لعدة شهور وربما لعدة سنوات في أحد المصانع التي يديرها الصينيون هنا. لإدخال المهاجرين غير الشرعيين، تنجح المنظمات المافيوية الصينية في اختراق الحدود الإيطالية بحراً(عن طريق ألبانيا ومونتينيغرو) وبراً(عن طريق الحدود مع سلوفينيا) وجواً عن طريق مطار تشامبينو بروما الذي يصله صينيون مزودون بجوازات سفر كورية جنوبية أم يابانية، تم تزويرها بطريقة حرفية.