أول زيارة لزعيم عربي إلى العراق منذ عام 2003
المالكي وعبد الله بحثا فتح صفحة علاقات جديدة لتعزيز أمن المنطقة

عائلة عراقية نازحة لدى عودتها الى بغداد من القاهرة

أسامة مهدي من لندن: بحثرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي وصل إلى بغداد فجأة اليوم تعزيز علاقات البلدين، بما يفتح صفحة جديدة من الأمن والإستقرار في المنطقة... بينما وصلت إلى بغداد قادمة من القاهرة عصر اليوم أول طائرة تقل نازحين عراقيين نقلتهم مجانًا طائرة رئيس الوزراء نوري المالكي وعلى متنها 200 عراقي يشكلون المجموعة الاولى من العائدين طوعيًا. وخلال اجتماع المالكي بمكتبه الرسمي في بغداد مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في أول زيارة لزعيم عربي منذ سقوط صدام عام 2003 تم بحث quot; تطوير العلاقات بين البلدين الشقيقين في جميع المجالاتquot;، كما قال بيان رسمي عراقي إلى إيلاف. وغادر العاهل الأردني بغداد بعد زيارة استمرت 6 ساعات.

واستعرض المالكي التطورات السياسية والنجاحات الامنية وتوجه الحكومة نحو مشاريع البناء والاعمار بعد عودة الحياة الى طبيعتها والتخلص من العصابات الارهابية والخارجين عن القانون. كما أكد رغبة العراق في تطوير العلاقات مع الجارة الشقيقة الاردن وجميع الدول العربية شاكراً للملك مواقفه الداعمة للعراق ولحكومته الوطنية المنتخبة . واعرب عن امله في ان تسفر هذه الزيارة عن فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين وبما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين ويعزز الامن والاستقرار في العراق وعموم المنطقة.

من جهته جدد الملك عبدالله الثاني الدعم والتأييد للحكومة العراقية ومساندتها في جهودها الهادفة الى بسط الامن والاستقرار واعادة الاعمار والبناء، واستعداد الاردن للوقوف مع العراق لتحقيق ما يصبو إليه الشعب العراقي من امن واستقرار وازدهار. ورافق الملك عبدالله الثاني الامير علي بن الحسين ورئيس الوزراء السيد نادر الذهبي ووزير الخارجية الاردني وعدد من المسؤولين. وكان من المقرر ان يقوم العاهل الاردني بزيارة الى العراق مطلع الشهر الماضي، لكنه تم تأجيلها فجأة بسبب الاعلان عنها مسبقًا مما اعتبر اخلالاً بأمن الزيارة.

وجاءت الزيارة بعد الاتفاق الذي ابرمه المالكي مع الاردن الشهر الماضي علي تمديد الاتفاق النفطي بين البلدين لمدة ثلاث سنوات والبدء بالتنفيذ فورًا لتزويد الاردن بالنفط الخام بأسعار تفضيلية. وكان العراق يزود الأردن بكميات من النفط باسعار تفضيلية واخرى مجانية فى عهد الرئيس السابق صدام حسين.

وكان منتظرًا ان يفتتح العاهل الاردني خلال الزيارة سفارة بلاده في بغداد ويصطحب معه السفير الجديد نايف فنطول الزيدان الذي كان يعمل قنصلاً عامًا في الامارات بعد ان ادى اليمين امامه الاسبوع الماضي . وتعرضت السفارة الاردنية فى بغداد فى اب (اغسطس) عام 2003 الى تفجير تبناه تنظيم القاعدة ادى الى مقتل 14 شخصًا مما دفع الحكومة الاردنية الى سحب تمثيلها الدبلوماسي من العراق.

وبعد لقائه المالكي اجتمع العاهل الاردني مع نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي الذي أشاد خلال اللقاء الذي حضره رئيس الوزراء الأردني ورئيس ديوان الرئاسة العراقية نصير العاني وعدد من المسؤولين في البلدين quot;بمواقف الملك تجاه العراق مثمنا حرصه الدائم على وحدة الشعب العراقي بجميع مكوناتهquot; كما اشار بيان رئاسي عراقي الى quot;ايلافquot; .

من جهته أكد العاهل الأردني دعم بلاده لحكومة وشعب العراق، مشيدا بالتحسن الأمني الذي تشهده البلاد. وجرى خلال اللقاء استعراض لمجمل تطورات العملية السياسية و التحسن الأمني الذي يشهده العراق. واتفق الجانبان على أهمية تطوير العلاقات بين العراق والأردن في مختلف المجالات وبما يسهم في تعزيز الروابط وزيادة التعاون المشترك بينهما خدمة لمصلحة البلدين.

وقد رتب للزيارة مؤخرًا وفد رمسي من الخارجية الاردنية برئاسة السفير عمر العمد المفتش العام في وزارة الخارجية الاردنية وعبد الكريم ابو الهيجاء مدير ادارة الشؤون الادارية فيها وعدد اخر من مسؤوليها حيث اجرى مباحثات مع مسؤولين في وزارة الخارجية العراقية يترأسهم وكيلها لبيد عباوي الذي اشار الى ان فتح السفارة الاردنية في بغداد يأتي في وقت مناسب ومهم جداً وسوف يساهم السفير الجديد في دفع مستوى العلاقات وتطويرها.

وبعد زيارة استمرت بضع ساعات عاد العاهل الاردني الى عمان بعد ان أجرى مباحثات مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ونائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي.

ويستقر العدد الأكبر من المستثمرين العراقيين الذين غادروا بلادهم منذ فرض العقوبات عليه مطلع التسعينات في الأردن حيث يحتلون الآن المركز الأول عربيا والرابع عالميا في عمليات الاستثمار هناك بحسب الأرقام التي أعلنتها الهيئة الاستثمارية الأردنية.

ويفضل معظم رجال الأعمال الاستثمار في قطاعي الصناعة والسكن حيث يبيح القانون الأردني للمستثمر الأجنبي أن يكون صاحب رأس المال بنسبة 100 في المائة في أي مشروع صناعي ولكنه يحتم عليه اتخاذ شريك أردني في المشاريع العقارية والتجارية والصناعة الغذائية . وعلى الرغم من انخفاض فرص الربح الناتج من استثمار رجال الأعمال العراقيين لاموالهم في الاردن بسبب قلة عدد السكان وصغر حجم البلد الا أن الكثير من المستثمرين يفضلون توظيف أموالهم فيه بشكل عام بسبب استقرار الأوضاع هناك.

وتشير الأرقام التي أعلنتها دائرة مراقبة الشركات الاستثمارية في وزارة الصناعة والتجارة الأردنية مؤخرا فقد بلغت قيمة الاستثمارات العراقية هناك العام الماضي2007 وحده أكثر من 100 مليون دولار موزعة على 720 مستثمرًا. ويشكل الاردن بالنسبة للعالم حاليا البوابة الرئيسية للدخول إلى العراق والمشاركة في عملية إعادة إعماره وتدريب الملاكات العراقية في مختلف الميادين وعقد العديد من المؤتمرات الدولية المتعقة بالعراق .

ويشير اقتصاديون عراقيون الى أن العلاقات العراقية الأردنية التجارية في طريقها إلى قمة فاعليتها خصوصا بعد توجه الاستثمارات الأردنية إلى العراق عبر بنوك وشركات خدمية واستمرار تصدير المنتجات المحلية إلى السوق العراقية.

ومؤخرا بدأت عائلات عراقية تقيم في الأردن بالعودة إلى بلادها حيث أن حالات العودة زادت مع انتهاء الموسم الدراسي في الأردن وبدء العطلة الصيفية الشهر الماضي. وباشرت الكثير من العائلات العراقية بدأت بمراجعة السفارة العراقية في عمان للحصول على تسهيلات بشأن العودة لكنه لم تتوفر بعد إحصائية بعدد العراقيين الذين غادروا. وتعود اسباب هذه العودة الى التحسن الكبير الذي طرأ على الوضع الأمني في كثير من مناطق العراق إضافة إلى الإعفاء من الغرامات التي منحتها الحكومة الأردنية للعراقيين الراغبين بالعودة للعراق.

ووفق تقديرات الحكومة الأردنية يقيم في الأردن حوالي 750 ألف عراقي إلا أن مسحا إحصائيا آجراه معهد فافو النرويجي وأعلنت نتائجه في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أظهر أن عدد العراقيين في الأردن يبلغ نحو 500 ألف شخص يقيم معظمهم في العاصمة عمان. وكانت وزارة الداخلية الأردنية قد أصدرت تعليمات في شباط (فبراير) الماضي أعفت بموجبها العراقيين الراغبين في مغادرة المملكة من غرامات الإقامة مع إعفاء الراغبين منهم في البقاء وتصويب أوضاعهم بنسبة %50. وأعلن المالكي مؤخرا أن حكومته خصصت حوالي 200 مليون دولار لإنفاقها على استيعاب العائلات التي تعود إلى العراق.

وتقدر المفوضية السامية للأمم المتحدة عدد النازحين العراقيين في الداخل والخارج بأكثر من أربعة ملايين شخص بدأت أعداد كبيرة منهم بالعودة إلى العراق منذ تطبيق خطة فرض القانون مطلع العام 2007. ووفق المفوضية فإن الأردن وسوريا تأتي في مقدمة الدول التي تستضيف العراقيين الذين فروا من بلادهم نتيجة تردي الأوضاع الأمنية.

أول مجموعة من العراقيين النازحين تعود من مصر طوعيا

وصلت الى بغداد قادمة من القاهرة عصر اليوم أول طائرة تقل نازحين عراقيين نقلتهم مجانا طائرة رئيس الوزراء نوري المالكي وعلى متنها 200 عراقي يشكلون المجموعة الاولى من العائدين طوعيا. ويأتي وصول هؤلاء النازحين الذين جرى لهم استقبال رسمي في مطار بغداد الدولي على خلفية قرار المالكي بتسهيل عودة النازحين خارج البلاد . واوضح الناطق باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا ان هذه الطائرة تقل 200 نازح عراقي بشكل مجاني حيث ستتبع هذه الرحلة رحلات اسبوعية أخرى من القاهرة وعواصم اخرى بهدف تسهيل عودة العراقيين النازحين إلى ارض الوطن. والمعروف ان في مصر حوالي 150 الف نازح من بين حوالي مليونين ونصف المليون عراقي لجأوا الى دول عربية مجاورة خاصة سوريا والاردن اضافة الى دول اوربية اخرى بسبب العنف الطائفي الذي ضرب العراق خلال السنوات الثلاث الماضية لكن عددا كبيرا منهم بدأوا منذ مطلع العام الحالي عودة الى بلدهم الذي بدأ يشهد اوضاعا أمنية مستقرة. وكان المالكي أوعز بداية الشهر الحالي بتفعيل التعليمات الرسمية القاضية بمنح شهر للساكنين في الدور العائدة للعائلات المهجرة لإخلائها.