برلين: نشر معهد برلين للسكان والتنمية دراسة حول التطورات الديمغرافية في أوروبا دق فيها أجراس الخطر. وأشارت الدراسة إلى أن تراجع أعداد المواليد من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع نسبة الشيخوخة إلى مستويات قياسية وبالتالي تراجع عدد السكان. ويقول اشتفّن كرونيرت من المعهد البرليني إنه من دون الهجرة لا يمكن لأوروبا تحقيق نمو ديمغرافي مستقر.

وأضاف أن عدد سكان دول الاتحاد الأوروبي سيتناقص بنحو خمسين مليون نسمة حتى عام 2050، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن نسبة الولادات في بعض الدول الأوروبية ترتبط بمدى ارتفاع نسبة تشغيل النساء، فإذا كانت نسبة النساء العاملات مرتفعة فإن نسبة الولادات تكون كذلك وذلك بفضل الأمان المالي الذي يتمتعن به هؤلاء العاملات.

كما أظهرت الدراسة أن البلدان الاسكندنافية وفرنسا تمكنت من تحقيق موازنة ديمغرافية جيدة، ذلك أن النساء بصفة عامة في هذه الدول لا يواجهن صعوبة الجمع بين العائلة والعمل معا. ويعود ذلك إلى السياسة العائلية التي اتبعتها حكومات هذه الدول منذ سنوات، حيث إنها قد حرصت على توفير عدد كاف من دور الحضانة المؤهلة لرعاية الأطفال الرضع والأطفال الصغار، وبالتالي تمكين الأمهات من العودة بسرعة إلى الحياة العملية بعد فترة الولادة.

تراجع كبير في عدد سكان ألمانيا الشرقية ودول شرق أوروبا

وأشارت الدراسة إلى أن بعض دول شرق وجنوب أوروبا تُعد من بين أكثر الدول في أوروبا التي تعاني من تراجع كبير في النمو الديمغرافي، ذلك أن مناطق مثل شرق بولندا وجنوب المجر وشمال إسبانيا وجنوب إيطاليا تعاني بصفة كبيرة من تراجع النمو الديمغرافي وهجرة السكان إلى المدن الكبرى بحثا عن عمل وعن حياة أفضل، إلى درجة أنها أصبحت مناطق شبه مهجورة لا يقطنها سوى المتقدمين في السن.

هذا، وأشارت الدراسة إلى أن مناطق في شرق ألمانيا تعاني أيضا من تراجع نسبة الولادات وهجرة الفئة الشبابية منها إلى القسم الغربي من ألمانيا، حيث تشهد مدينتا كامنيتس وتورينغن وولاية سكسونيا-آنهالت تراجعا كبيرا في عدد السكان يعود بالدرجة الأولى إلى تراجع نسبة الولادات في السنوات الأخيرة، خاصة بعد سقوط جدار برلين.

ويعزو خبراء هذه التطورات إلى ارتفاع نسبة البطالة بشكل كبير في عدد من ولايات شرق ألمانيا وبالتالي عزوف النساء عن الإنجاب أو الانتقال للعيش والعمل في غرب ألمانيا. وحسب الدراسة فإن عدد كل جيل سيقل عن سلفه بنسبة خمسة وعشرين بالمائة وذلك على ضوء المعطيات الديمغرافية الحالية، ذلك أن متوسط الإنجاب يبلغ واحدا فاصل خمسة طفل لكل امرأة داخل الاتحاد الأوروبي. وبحلول عام 2050 فإن متوسط الأعمار في الاتحاد الأوروبي سيزيد عشرة أعوام.

قلق من تداعيات تراجع الولادات على الإقتصاد

وتثير هذه المعطيات قلق الاقتصاديين والسياسيين لما لها من انعكاسات سلبية على النمو الاقتصادي الأوروبي نظرا لتراجع عدد الأيدي العاملة وارتفاع نسبة الشيخوخة وبالتالي زيادة الإنفاق على معاشات التقاعد، وهو قد يؤدي ذلك إلى عجز أوروبا عن تحقيق تطور اقتصادي ومنافسة قوى عالمية كالولايات المتحدة أو الصين.

من جهته دعا الخبير في مجال النمو الديمغرافي في أوروبا راينر كلينغهولتس ألمانيا ودول أوروبا الشرقية التي تعاني من تراجع النمو الديمغرافي إلى الاستفادة من سياسات البلدان الاسكندنافية في تشجيع السكان على الإنجاب وذلك من خلال اعتماد سياسات تدعم المرأة العاملة كتوفير دور الحضانة للرضع وللأطفال الصغار. كما طالب خبراء في الاقتصاد الاتحاد الأوروبي بتشجيع هجرة الكفاءات إلى دول الاتحاد وذلك للحفاظ على النمو الاقتصادي الأوروبي.