باريس، دمشق، وكالات: طالبت 26 منظمة حقوقية وإعلامية عربية ودولية الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بطرح موضوع المعتقلين من نشطاء حقوق الإنسان والسياسيين والمطالبين بالإصلاح في سوريا، أثناء لقائه الرئيس بشار الأسد أوائل هذا الشهر، معبرة عن قلقها البالغ إزاء الانتهاكات الجسيمة للحق في حرية التعبير وحرية الصحافة في سوريا.
وذكرت صحيفة quot;السياسةquot; الكويتية أن المنظمات أشارت في بيان لها إلى بعض قضايا الحبس مثل قضية الكاتب والصحافي ميشيل كيلو، وقضية الناشط الحقوقي المحامي أنور البني، وأبدت قلقها إزاء اعتقال الصحافي علي العبدالله وابنه عمر العبدالله، والذي يقضي فترة حكم بالسجن لخمس سنوات نتيجة انضمامه لمجموعة من المدونين الشبان والذين صدرت ضدهم أحكام بالسجن تراوح بين خمس وسبع سنوات سجناً.
إلى ذلك، افادت صحيفة quot;عكاظquot; أن الرئيس السوري بشار الأسد سوف يطلب رسمياً من الرئيس الفرنسي ساركوزي تسليم القضاء السوري نائب رئيس الجمهورية السورية السابق عبد الحليم خدام لتنفيذ الحكم القضائي بالسجن المؤبد.
من ناحية ثانية، اتهمت منظمة quot;نساء سورياquot; الحكومة بحماية quot;سياسة التمييز الجنسي الذي تدعمه ثقافة ذكوريةquot; وأشارت إلى أن بعض رجال الدين quot;يعتبرون أن الإنسان والمرأة خاصة هم عبيد لتصوراتهم المريضة والعنيفة والتمييزية حول الدين والله والعدالةquot;.
وذكرت المنظمة ان الصبية quot;درداءquot; (17 عاماً) من قرية بداما التابعة لمحافظة إدلب إداريا، غرر بها رجل ووعدها بالزواج ثم أعادها إلى القرية فسارع الأب إلى ضربها بفأس حديدية على عنقها فأصيبت إصابة بالغة لم تمت على اثرها كما تهيأ للأب الذي قام بلفها بشرشف ورماها في الحديقة. وسارع إلى تسليم نفسه إلى الشرطة محميا بقانون همجي، يقول ان من حق الذكر السوري أن يقتل المرأة السورية إذا quot;شكquot; بسلوكها وفق سلم قيم باطل ومنحط.
زيارة ساركوزي لدمشق لن تؤثر على موقف سوريا من القوقاز
هذا واستبعد محلل سياسي سوري أن تؤثر محادثات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي يزور دمشق بعد غد الأربعاء في تغيير موقف سوريا من أزمة القوقاز ومن تأييدها المطلق لروسيا ضد جورجيا، واعتبر تصريحات الرئيس الأسد في هذا المجال quot;استراتيجية ثابتة وليس تكتيكاً مؤقتاًquot;، على حد وصفه
ورأى المحلل السياسي السوري سعيد مقبل أن الظروف المحيطة بالزيارة quot;كانت مناسبة جداً بالنسبة لسورياquot;، وأشار إلى أنها تلت الهجوم العسكري الساحق الذي شنته القوات الروسية رداً على محاولة جورجيا استعادة إقليم اوسيتيا الجنوبية الانفصالي، وترافقت مع توقيع الولايات المتحدة على اتفاق مع وارسو بشأن نشر الدرع الصاروخية في بولندا
وأَضاف quot;لا شك أن الرئيس السوري استثمر الوضع المتوتر بين الولايات المتحدة وأوروبا من جهة وروسيا من جهة ثانية ليحاول إيجاد دور لبلاده، وليسد بعض الجميل للمواقف الروسية المؤيدة لسوريا خلال السنوات الماضيةquot;، واستبعد أن تغير سوريا موقفها من حرب القوقاز، وقال quot;أعرب الأسد شخصياً عن دعمه لموقف روسيا في الصراع الروسي الجورجي حول أوسيتيا الجنوبية، واعتبر أن جورجيا هي المعتدية، وأدان أساليب ازدواجية المعايير التي مارستها بعض الدول ضد روسيا في هذا الأمرquot;، وأضاف quot;بالتأكيد فإن كلام الأسد هو استراتيجية ثابتة لسوريا وليس تكتيكاً مؤقتاً لتجميل زيارته لروسياquot;
ووفقاً لمصادر سورية مقربة، فإن الجانبين حققا من الزيارة نجاح على الصعيد السياسي، فـquot;روسيا بعثت برسائل غير مباشرة إلى الولايات المتحدة وأوروبا بأن لها مرتكزات في الشرق الأوسط وحوض المتوسطquot;، وquot;سوريا حصلت على اعتراف روسي بأهميتها الإقليمية، كما حصلت على دعم عسكري جزئي من موسكوquot;.
أما عسكرياً، فقد أعرب الأسد في بداية الزيارة عن أمله في تعزيز العلاقات العسكرية مع موسكو، وأبدى استعداده لمناقشة مسألة نشر صواريخ اسكندر الروسية الدفاعية في الأراضي السورية، واستعداده للتعاون مع روسيا في كل ما من شأنه أن يعزز أمنها، وكانت روسيا حذرة في هذا المجال، وسارعت إلى نفي أن تكون قد عرضت على سوريا نصب الصواريخ كما بادرت دمشق بدورها إلى نفي الأمر حتى لا تفتح على نفسها عين إسرائيل، ولا تُغضب أوروبا والولايات المتحدة.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أعلن أن بلاده مستعدة لبيع سوريا أنواعاً جديدة من الأسلحة الدفاعية التي quot;لا تنتهك بأي شكل من الأشكال التوازن الاستراتيجي للقوى في المنطقةquot;، فيما كانت سوريا تطمح للحصول على صواريخ دفاعية متطورة للدفاع الجوي وصواريخ متوسطة المدى، وتأمل كذلك أن تعتمد روسيا ميناء طرطوس (غرب) كقاعدة عسكرية لها في المتوسط.
ويرى د. كريم عبد الصمد المتخصص بالشأن الروسي أن quot;موسكو لا تنوي تزويد سوريا بأسلحة حساسة، مصلحتها في الوقت الراهن توطيد مواقعها السياسية في الشرق الأوسط وليس إعادة هيمنتها العسكريةquot;. ويضيف quot;كذلك سوريا، لا تنشد التزود بأسلحة روسية هجومية، وليس لديها النيّة لأن تكون مقر قواعد عسكرية روسية، فهي تعمل لكسب ود روسيا دون أن تخسر حليفها المقبل أوروبا، أو تحيد عينها عن الولايات المتحدةquot; الأميركية.
إلا أن ذلك لا يعني برأيه أن سوريا ستغير موقفها من الخلاف الروسي الجورجي الأخير من أجل كسب رضا أوروبا، quot;فأي محادثات بين ساركوزي والأسد في هذا الملف ستقتصر على تبادل وجهات النظر دون أن يحاول أي من الطرفين الضغط على الطرف الآخر لتغيير رأيه أو موقفه، فالعلاقة السورية الروسية تاريخية وهامة وهي أقوى من أن يتم اختراقهاquot;، على حد تعبير عبد الصمد . (آكي)
التعليقات