إجراءات لمحاصرة الكوليرا ونائب الرئيس العراقي يصل إلى طهران
الهاشمي يحذر من مخاطر عدم إدماج الصحوات بالقوات على الأمن

أسامة مهدي من لندن: حذر نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي من مخاطر عدم إدماج عناصر مجالس الصحوات في القوات المسلحة على الأمن الوطني، مشيرًا إلى أن هذه العناصر شكلت دورًا متميزًا في تحقيق الأمن والإستقرار... بينما بدأت السلطات الصحية العراقية اجراءات لمحاصرة انتشار وباء الكوليرا من محافظة بابل إلى محافظات اخرى، إثر ظهور اصابات اخرى في بغداد وميسان .. في حين بدأ نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي زيارة لإيران تستغرق ايامًا عدة لبحث ملفات سياسية واقتصادية وحدودية. وبحث الهاشمي وهو الامين العام للحزب الاسلامي احد المكونات التي تشكل جبهة التوافق السنية مع السفير الاميركي رايان كروكر في بغداد اليوم ملف مسلحي مجالس الصحوات الذين يزيد عددهم على 100 الف فرد، حيث أكد quot;موقفه الثابت في دعم مجاميع الصحوات واستيعابها في القوات المسلحة في إطار اتفاقية مكتوبة تضع حدًا للاجتهادات الخاطئة في التعامل مع هذه المجموعات التي كان لها دور متميز في تحقيق الأمن والاستقرار في العديد من المحافظات المضطربةquot; كما نقل عنه بيان صحافي رئاسي ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot;.

وحذر نائب الرئيس العراقي من quot;أن تنامي شعور هذه المجاميع بالإحباط ستكون له نتائج سلبية على الوضع الأمني الذي يتحسن باضطراد في العديد من المحافظاتquot; خاصة بعد استهداف تنظيم القاعدة لهذه العناصر من خلال عمليات اغتيال وتفجير واعتقال القوات الحكومية لمسؤولين فيها.

ومن المنتظر ان تنتقل مسؤولية عناصر الصحوات التي شكلتها عشائر ومجاميع سكانية في عدد من المحافظات باشراف ودعم القوات الاميركية الى القوات العراقية التي ستبدأ بدفع مرتبات عناصرها ابتداء من الاول من الشهر المقبل. ويأتي هذا الاجراء بهدف حصر السلاح بيد الدولة ومنح الاعتبار لمقاتلي مجالس الصحوات التي واجهت المجاميع الارهابية حيث باشرت الحكومة العراقية مشروعًا وطنيًا من ثلاث مراحل يتضمن اعداد وتدريب وتهيئة حوالى 58 ألفًا من مجموع عددهم البالغ 103 الاف لضمهم الى وزارة الداخلية التحق منهم بمؤسساتها فعلاً 13 ألفًا وانفاق مبلغ 125 مليون دولار لتدريب آخرين على مهن مختلفة ومنح الباقين مرتبات تعينهم على حياتهم المعاشية.

ويؤكد مسؤولون عراقيون ان الدولة لا تسعى من خلال مشروعها هذا الى الغدر بمجالس الصحوات وانما منحها الغطاء الرسمي مشيرين الى انها قدمت للبلاد الكثير من خلال مواجهتها للقوى الارهابية، ولكن قسمًا منها اخترق بصورة كبيرة من قبل الجماعات المسلحة سواء من البعثيين او تنظيم القاعدة بشكل ادى الى تشويه صورة البعض من هذه الصحوات وتشكيل صورة سيئة أرغمت القائمين على الملف الامني في البلاد على التعامل بسلبية معها. كما يشدد المسؤولون على أن الدولة عازمة على عدم الابقاء على وجود السلاح خارج دائرة اجهزتها الامنية اعتبارًا لحقيقة أنها المعنية الوحيدة بإدارة هذه الأجهزة التي تحمل السلاح.

ولذلك، فإنه مع سعي الدولة واتجاهها للقضاء على العصابات الخارجة على القانون لا يمكن ان تبقى أي جهة تحمل السلاح خارج اطارها حتى وان كانت هذه الجهة هي الصحوات من دون وجود غطاء رسمي لها . ويقولون ان الحكومة فرقت بين الصحوات التي تعمل بالتعاون مع الاجهزة الامنية لتحقيق امن المواطنين وبين تلك المخترقة التي تعمل باجندة خاصة شوهت الصورة الحسنة لتلك الصحوات من خلال الاختراق الكبير الذي حصل فيها.

وقال الجنرال ديفيد باركينز كبير الناطقين العسكريين في العراق إن المسؤولين الأميركيين والعراقيين وافقوا بشكل أساسي على خطة متفائلة بتحويل 58.000 من مسلحي الصحوات هذه السنة الى تسلم رواتبهم من الحكومة العراقية وضمهم تحت قيادة مركز عمليات بغداد الذي يتلقى أوامره من رئيس الوزراء نوري المالكي. ومن هذا المنطلق فقد اكد المالكي على أن الحكومة لن تسمح لمجالس الصحوات بالاحتفاظ بسلاحها موضحا انه قد تم التسامح معها لفترة من الوقت لأن سلاحها كان موجهاً إلى صدور الإرهابيين ولذلك فهم يستحقّون التقدير والاندماج في القوات الأمنية .. موضحا بالقول quot;لأننا نعتمد سياسة أنه لا سلاح إلا سلاح الحكومةquot;. وجاء كلام المالكي هذا بعدما شهدت محافظة ديالى مؤخراً اعتقال عدد كبير من عناصر الصحوات بينهم سبعة قياديين وذلك ضمن عمليات quot;بشائر الخيرquot;.

واشارت الرئاسة العراقية في بيانها ايضًا الى ان الهاشمي بحث مع كركر العلاقات بين العراق والولايات المتحدة حيث عرض quot;وجهة نظره في العديد من البنود الحساسة في مسودة الاتفاقية الأمنية محل الخلاف بين الطرفينquot; لكنه لم يشر الى نقاط الخلاف هذه . وكان الهاشمي قداقر يوم الجمعة الماضي بوجود خلافات عراقية اميركية عديدة حول قضايا حساسة ومهمة مازالت تعيق توقيع الاتفاقية الاستراتيجية طويلة الامد بين البلدين رافضًا اي اتفاقية لاتخرج العراق من الفصل السابع لمجلس الامن او لاتضمن سيادة البلاد.

وقال الهاشمي حينما سؤل عن مصير الاتفاقية الاستراتيجية ان quot;الاتفاقية الامنية مع السيادة (نعم) الاتفاقية بلا سيادة (لا)quot;. واضاف quot;المباحثات منقطعة منذ فترة وهنالك خلافات في وجهات النظر حول العديد من المسائل المهمة والحساسة واعتقد اننا لسنا بحاجة الى اتفاقية اذا لم تضمن شروط السيادة وتضمن خروج العراق من الفصل السابع وان تضمن ايضا القانون العراقي جملة وتفصيلا من دون ان يوضح طبيعة هذه الخلافات.

يذكر ان quot;إعلان مبادئquot; وقعه الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء نوري المالكي في كانون الأول ديسمبر الماضي كان من المؤمل التوقيع عليه في نهاية تموز (يوليو) الماضي ليدخل حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني (يناير) من العام المقبل لكن ذلك لم يتحقق. وتحكم الاتفاقية الأمنية طويلة الأمد تواجد القوات الأميركية في العراق بعد عام 2008 حيث يعتمد وجودها حاليًا على تفويض من الأمم المتحدة يجدد عند نهاية كل سنة بطلب من الحكومة العراقية. وكان عدد من المسؤولين والقادة السياسيين العراقيين وفي مقدمتهم طالباني والمالكي قد أعلنوا مؤخرا أن العام 2011 سيكون الأخير لبقاء القوات الأجنبية في العراق فيما لم يصدر من المسؤولين الأميركيين أي تأكيد حول الموضوع.

عبد المهدي يبدأ زيارة الى طهران

بدأ نائب الرئيس العراقي والقيادي في المجلس الاعلى الاسلامي عادل عبد المهدي زيارة رسمية الى ايران لاجراء مباحثات تتعلق بالعلاقات بين البلدين .
ومن المنتظر ان يبحث المسؤول العراقي في طهران تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وبحث الملفات المشتركة التي تتعلق بالموضوعين الامني والاقتصادي كما ستركز الزيارة على بحث تعزيز التعاون بين البلدين لاسيما بعد المناقشات التي تمت في الاسبوعِ الماضي حول موضوعِ ترسيم الحدود كما قال بيان صحافي للمجلس الاعلى. واشار الى ان زيارة عبد المهدي ستكون مقدمة لزيارة سيقوم بها الرئيس العراقي جلال طالباني الى ايران بعد عودته من الولايات المتحدة التي يقضي فيها فترة نقاهة اثر عملية جراحية في القلب وترؤسه للوفد العراقي في اجتماعات الدورة الجديدة للامم المتحدة اواخر الشهر الحالي.

ووقع العراق وايران محضر اجتماع مشترك عقد بين البلدين مطلع الشهر الحالي بشأن ترسيم الحدود بين الجانبين . واتفق الجانبان خلال الاجتماعات على الاسراع بحسم ملف ترسيم الحدود بين البلدين. وقرر الطرفان توفير التمهيدات اللازمة وتنظيم برنامج عمل بشأن عمليات اعادة بناء وتجديد الاعمدة الحدودية في الحدود البرية المشتركة وعقد الاجتماعات التنسيقية لمسؤولي حرس الحدود بين البلدين وعمليات القياس والمسح المشترك في شط العرب لدراسة وضع خط التالوك.

اجراءات لمحاصرة أنتقال الكوليرا من بابل الى بغداد وميسان

بدأت السلطات الصحية العراقية اجراءات لمحاصرة انتشار وباء الكوليرا من محافظة بابل الى محافظات اخرى اثر ظهور اصابات اخرى في بغداد حيث تم تسجيل 7 اصابات وايضًا 6 حالات بمحافظة ميسان الجنوبية ووفاة طفلة وذلك بعد يوم من الاعلان عن وفاة 6 اشخاص بالمرض نفسه في محافظة بابل جنوب بغداد. وفي الوقت الذي اصدرت وزارة الصحة تعليمات صحية الى المواطنين من اجل محاصرة المرض، فإنها عززت من ارسال معونات طبية الى محافظة بابل (100 كم جنوب بغداد) ومنع الدخول والخروج اليها وحث المواطنين على التلقيح ضد المرض . وحذرت الوزارة المواطنين من التهاون مع موضوع نظافة المياه، داعية إياهم إلى تعقيمها بالوسائل المتوفرة.

كما ارسلت وزارة البيئة وفدًا الى محافظة ميسان (356 كم جنوب بغداد) للوقوف على الواقع البيئي هناك بعد ظهور عدد من حالات الاصابة بمرض الكوليرا وظهور اصابات بالاسهال الحاد. وقال بيان رسمي ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; ان الوفد بدأ اجتماعات موسعة في مقر دائرة صحة ميسان بحضور مديرها العام وممثلين عن الدوائر ذات العلاقة لمناقشة الموقف العام للاصابات ومواقع ظهورها وطبيعة الاجراءات المتخذه بصددها . واوصى المجتمعون بقيام قسم المختبرات في دائرة بيئة بغداد بالتعاون مع مديرية بيئة ميسان باجراء مسح شامل لجميع مناطق وقرى المحافظة خصوصًا الاماكن الغير مخدومة بشبكة مياه الشرب واخذ النماذج الخاصة بمرض الكوليرا لغرض فحصها في مختبر بيئة بغداد.

كما وجهوا بقيام مركز الاعلام والتوعية البيئية في وزارة البيئة بالتعاون مع مديرية بيئة ميسان بحملات توعية بيئية مكثفة للمواطنين تتناول طبيعة مرض الكوليرا وطرق انتشاره واساليب الوقاية منه. ومن جهته، أقر وزير الصحة صالح الحسناوي أن وزارته سجلت سبع حالات إصابة بالكوليرا في العاصمة بغداد ذات الكثافة السكانية الأعلى في العراق وميسان التي أكد الحسناوي وفاة طفلة فيها بعد إصابتها بهذا الوباء. وأوضح أنه جرى وفق الفحوصات المختبرية المعتمدة عالميًا تسجيل خمس حالات في منطقة أبي غريب وحالة أخرى في جانب الرصافة من بغداد إضافة إلى حالة أخرى في مدينة العمارة مركز محافظة ميسان.

وكشف الحسناوي عن قلق الحكومة العراقية من انتشار الوباء في محافظتي كركوك والسليمانية شمال البلاد، مشيرًا إلى أن الحكومة العراقية اتخذت إجراءات متعددة لمنع انتشار الكوليرا في المناطق الشمالية. واوضح أن مرض الكوليرا متوطن في العراق وأن منظمة الصحة العالمية تتوقع بروز 600 حالة إصابة سنويًا في البلاد كما قال في تصرح بثه راديو سوا. واكد ان الحل الأمثل لهذا الوباء هو تحسين نوعية المياه المقدمة للمواطنين من شبكات الإسالة، لافتًا إلى أن وزارة الحة تجند كل إمكانياتها للقضاء على هذا الوباء.

ومن جهته دعا الدكتور محمد هاشم الجعفري عضو لجنة الصحة في محافظة بابل إلى اعتبار المحافظة من المناطق المنكوبة بمرض الكوليرا مطالبا الأجهزة الحكومية ولا سيما وزارة الصحة إلى القيام بما يلزم لإنقاذ أبناء مدينة بابل من هذا الوباء. وشدد الجعفري على أن نقص الخدمات الصحية في المحافظة وسوء وسائل الصرف الصحي وندرة المياه الصالحة للشرب وقلة الإجراءات الوقائية تضاعف من مخاطر الكوليرا في المحافظة. وأشار إلى تزايد عدد الإصابات بالمرض، متهما الحكومة بالتكتم على الأرقام المتعلقة بعدد المصابين لأسباب سياسية.

وأكد النائب في لجنة الصحة النيابية باسم شريف نصيف وصول شكاوى من بعض المحافظات لقلة ما يردها من كميات المواد الصحية اللازمة للوقاية من وباء الكوليرا. وقال quot;ان عدم حصول هذه المحافظات على كميات كافية من مادة الكلور ومادة الشب التي تسهم في تنقية وتعقيم مياه الشرب يؤدي إلى انتشار وباء الكوليرا الذي ينتقل عن طريق المياه الملوثةquot; . وحول عدم وجود معلومات رسمية عن عدد الإصابات والإماكن التي ينتشر فيها المرض، أوضح أن الحكومة لا تريد أن تحدث حالة من الهيجان والخوف لدى المواطن والمهم في الموضوع ليس عدد المصابين ولكن السيطرة على المرض
وتقول مصادر عراقية ان الاصابات بالكوليرا قد حصلت في مناطق تستخدم الماء غير الصالح للإستهلاك البشري حيث تستخدم مياه السواقي والأنهار في الشرب والإستخدامات المنزلية الأخرى. واشارت الى ان المرض انتقل عن طريق مياه الشرب التي تكون في معظم الأحيان ملوثة بمياه الصرف الصحي بسبب تقادم شبكات الصرف وتهالك محطات معالجة المياه مما يدفع عددًا من الفقراء إلى الاعتماد على الأنهار والمياه الراكدة.

وكانت مدينة كركوك الشمالية قد شهدت انتشارا للكوليرا في اب (اغسطس) من العام الماضي ثم انتشر المرض بعدها في محافظات السليمانية وأربيل ودهوك وتكريت والموصل وديالى والبصرة وبغداد والأنبار. وشهدت كركوك الانتشار الأكبر حيث اصيب بالمرض 2309 شخصا ثم السليمانية التي شهدت 870 حالة كما سجلت 14 حالة وفاة العام الماضي حسب إحصاءات وزارة الصحة. ثم أعلنت الحكومة العراقية ومنظمات الأمم المتحدة في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي أن انتشار المرض بات تحت السيطرة وأن 70% من الحالات المؤكدة مخبريا قد عولجت بنجاح.