الفيصل وموسى يحذران الفصائل التي لا تستجيب للمصالحة
الوزراء العرب تلقوا طلبًا رسميًا من عباس بإرسال قوة إلى غزة

نبيل شرف الدين من القاهرة: عقد وزراء الخارجية العرب مساء الإثنين في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، اجتماع الدورة العادية 130 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري برئاسة وزيرالخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، وبحضور رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي سربت أنباء عن أنه عرض على الوزراء العرب طلبًا رسميًا بالتدخل لحسم الصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني، وأن الاقتراح السابق عن إرسال قوات عربية لقطاع غزة قد وضع بالفعل على مائدة البحث بين الوزراء العرب، بعد أن تلقوا طلبًا رسميًا من محمود عباس في هذا الصدد .

وفي كلمته الافتتاحية أطلق الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الذي ترأس بلاده هذه الدورة، عدة إشارات تصب في هذا الاتجاه بدعوته الدول العربية إلى quot; اتخاذ موقف صلب وحازم ضد من يريق الدم الفلسطيني، ويعمق الانقسام، ولا يطبق ما اتفق عليه في ما بين الفلسطينيين quot;، مشيرًا إلى أن الاقتتال بين الفلسطينيين لا يقل خطورة على خطورة العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني .

ومضى الفيصل قائلاً إنه قد سبق للجامعة أن اتخذت قرارات واضحة بخصوص إعادة الأمور إلى نصابها داخل البيت الفلسطيني، وكلف المجلس الأمين العام بمتابعة هذا الأمر .

وقال وزير الخارجية السعودي، الذي ترأس بلاده الدورة العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية إن قرارات القمم العربية بخصوص مبادرة السلام العربية تعبر خير تعبير عن ضرورة انتهاج استراتيجية عربية موحدة وأولى الأولويات أن يتحقق ذلك داخل البيت الفلسطيني وهذا يتطلب أن تكون هناك سلطة فلسطينية واحدة وحكومة واحدة تتبعها قوات الجيش والأمن وتملك رؤية واحدة لكيفية إستعادة حقوق الشعب الفلسطيني .

المعنى ذاته ألمح إليه عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية في كلمته الافتتاحية، حين أطلق تحذيرات قوية اللهجة لمن وصفها بالفصائل التي لا تتجاوب مع الوساطات العربية المتكررة، وقال موسى إن جهود المصالحة الفلسطينية والحوارات لا ينبغي لها أن تستمر إلى الأبد .

تفاصيل الجلسة

وبدأت أعمال الدورة بجلسة افتتاحية تسلم خلالها وزير الخارجية السعودي رئاسة الدورة من وزير خارجية جيبوتي محمود على يوسف.

وفي التفاصيل فقد شكلت القضية الفلسطينية وسبل رأب الصدع بين الفصائل والقوى المختلفة محور المناقشات في الاجتماع، حيث شرح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للوزراء العرب خلال الاجتماع جهود المصالحة الوطنية ومسار المفاوضات مع إسرائيل .

كما عقد الوزراء العرب جلسة خاصة لمناقشة تطورات الأوضاع في موريتانيا، حيث استعرض عمرو موسى أمين عام الجامعة العربية تقرير بعثة تقصي الحقائق التابعة للجامعة، والتي زارت موريتانيا عقب الانقلاب الأخير، وذلك بحضور ممثل الاتحاد الأفريقي في موريتانيا مفوض السلم والأمن الأفريقي السفير رمضان العمامرة في ضوء التنسيق بين الجامعة والاتحاد الأفريقي في هذا الأمر .

على صعيد آخر قالت مصادر دبلوماسية عربية إن الوزراء ناقشوا خلال اجتماعهم العديد من الملفات والقضايا من بينها بند يتعلق بمشروع لنقل لاجئين فلسطينيين عالقين على الحدود بين العراق وسورية إلى السودان .

ويقول مراقبون إن هذه الدورة 130 لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، تكتسب أهمية خاصة من كونها تسبق اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة الشهر الحالي، حيث يتوجه إليها الوزراء بموقف موحد حيال حزمة من القضايا المهمة التي تتناولها اجندة الجمعية العامة .

الانقسام الفلسطيني

وتصدرت أعمال الاجتماع الوزاري العربي القضية الفلسطينية وملف الصراع العربي الإسرائيلي، خاصة بعد تعثر عملية quot;أنابوليسquot;، وعدم توصل الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى تسوية على الرغم من اللقاءات المتعددة للجانبين، فالجانب الفلسطيني لن يقبل باتفاقية لا تلبي المطالب الفلسطينية في ما يعرف بوثيقة أولمرت ويرفضها الفلسطينيون .

ويأتي رفض المفاوض الفلسطيني لتسوية اولمرت لانها لا تعطي الفلسطينين الا دولة ناقصة السيادة ممزقة الأراضي فاقدة جوهرتها وهي القدس المحتلة العاصمة التي لا تنازل عنها .

كما يتزامن اجتماع الوزراء مع حوار متواصل للخروج من حالة الانقسام الفلسطيني لخطورته على القضية الفلسطينية من اجل التوصل إلى موقف موحد بشأن القضايا الفلسطينية واستمرار التهدئه بين الفلسطينين وإسرائيل في قطاع غزة .

وقدم أحمد أبو الغيط وزير الخارجية تقريرا لوزراء الخارجية العرب حول مسار الحوار الفلسطيني بين الفصائل والتي ترعاه القاهرة وما تم تحقيقه من نتائج حتى الآن .

وناقش وزراء الخارجية الدور العربي لاستكمال الحوار الشامل بين الفصائل بعد ان تنتهي القاهرة من انجاز الحوار والاتجاه نحو المصالحة بين الفصائل والحلول العربية المطروحة لانهاء الأزمة الفلسطينية لاعادة الوحدة للصفوف الفلسطينية .

لبنان

ويأتي الاجتماع الوزاري في ظل حالة التوتر التي تشهدها المنطقة نتيجة التهديدات الإسرائيلية للبنان بين الحين والآخر ولم تكتف إسرائيل بهذه التهديدات بل واصلت طائراتها انتهاك الاجواء بشكل استفزازي وهذه التهديدات لا تخدم الأمن والاستقرار في المنطقة خاصة في ظل التطورات السياسيةالداخلية سواء في إسرائيل او في لبنان فلبنان تشهد بين الحين والآخر انفجارات وأعمال عنف يهدد السلم والأمن العام في هذا البلد .

وأكد أمين عام الجامعة العربية حرصها على نجاح الحوار اللبناني ـ اللبناني معربا عن أمله بألا ينفرد أي فريق لبناني بقرار مصيري يؤدي إلى تفجير الوضع في لبنان وتؤكد دعمها لكل ما من شأنه تعزيز قوة الجيش اللبناني باعتباره صمام أمن وحدة لبنان .

العراق

كما ناقش المجلس الوزاري للجامعة العربية خلال اجتماعه تطورات الاوضاع في العراق وتوفير كل اشكال الدعم العربي له حتى يتمكن من عبور تلك المرحلة، وقد اشار عمرو موسى الامين العام للجامعة إلى ان الاتصالات مع الحكومة العراقية مستمرة والباب مفتوح لكل القوى العراقية التي ترغب في عرض مواقفها بشأن العراق موضحا المرحلة الخطيرة والحساسة والقلقة في العراق يجب ان تمر من باب المصالحة بمعنى أن يكون هناك جيش وطني يمثل الجميع ولا يقوم على الطائفية ولا العرقية .

وقد بدأت الاوضاع في العراق تأخذ منحى جديدا باتجاه الانفتاح على المصالحة والتواجد العربي تمثل في شكل زيارات مسؤلين عرب وافتتاح السفارات العربية في اشارة إلى تحسن الوضع الأمني بعد قرار رئيس الوزراء نوري المالكي بانهاء ملف الجيش السابق وإعادة مجموعات كبيرة منه إلى الخدمة وكذلك الحديث حول تحديد افق زمني للانسحاب الأميركي من العراق .

وأكد موسى أن العراق افضل مما كان عليه خلال زيارته في اغسطس الماضي، مشيرًا إلى تحسن الوضع الأمني والانفتاح على المصالحة .

وعلى الرغم من ان الوضع الراهن في العراق مستقر من ناحية استمرار التردي، ولكنه عائم من جهة وضع اسس استراتيجية جديدة لأن الامر مرتبط بأميركا في فترة الانتخابات وهو ما يغري الكثيرين على ترسيخ وتقوية حلفائهم ونفوذهم استعدادا لجولة آخري من الصراع يمكن ان تبدأ في أي لحظة لتصب لمصلحة هذا المرشح أو ذاك من المرشحين الاميركيين، لذا يتوقع المراقبون ان تشهد الفترة المقبلة اشتعالا آخر في العراق بين الاطراف المختلفة والمتعدده وذات البرامج المتناقضة لتكون المحصلة هي فوره جديدة من العنف في العراق .

السودان

وتناول الاجتماع متابعة ما قامت به الحكومة السودانية من خطوات واجراءات وفقا للخطة العربية التي وضعها في دورته الاستثنائية في يوليو الماضي لهذا الغرض ولاجل التوصل إلى حل لمشكلة دارفور والاحاطة بمذكرة المدعي العام للجنائية الدولية .

وقال تقرير للجامعة العربية إن تحركها لحل أزمة السودان تمثل في خطة تتضمن 8 نقاط قانونية وسياسية لمواجهة قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية ضد الرئيس البشير، وقبلت الحكومة السودانية الخطة العربية لحل الأزمة وجاءت دعوة وزراء الخارجية العرب لعقد اجتماع دولي لبحث التسوية السياسية لملف أزمة دارفور منسجمًا مع التفكير المصري بأن العدالة الحقيقية في دارفور تتحققغش من خلال التسوية العادلة والسريعة لهذه الأزمة .

ومضى التقرير قائلاً إن جهود الجامعة إزاء الأزمة السودانية أثمرت عن اتفاق مكتوب فيه الكثير من نقاط الحل منها المقاربة السياسية والتعامل مع قضية دارفور في ذاتها والتقدم فيها، وبدأت حزمة الحل في التنفيذ فوضعت الحكومة السودانية خريطة طريق لحل قضية دارفور تتضمن محاكمات داخلية بمراقبة دولية للعناصر المتورطة في جرائم حرب في دارفور ووضع جملة من الخطوات لبدء مفاوضات السلام مع الحركات المسلحة ووقع الرئيس البشير مع حكومة الجنوب اتفاقا في منطقة ايبي الغنية بالنفط وعين مسؤلا جنوبيا لادارة هذه المنطقة للتأكيد على حسن النوايا وفي إطار نجاح الرهان على وحدة السودان باعتبار ان الاستفتاء ستكون نتائجه مع الوحدة وليس الانفصال وقد أراحت هذه الخطوة النائب الاول للرئيس السوداني سلفاكير الذي بدأ يفتح قنوات إيجابية مع الغرب لمنع التصعيد ضد السودان .

ومن هنا أشار عمرو موسى إلى ان قرار مجلس الأمن بشأن التعامل مع قضية البشير ينطوي على جوانب إيجابية بتأجيل البت باتهامات وقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية مما يفتح الباب امام الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية وحل مشكلة دارفور فالجامعة تدافع عن السودان ككل لما ينطوي عليه هذا الاتهام من تداعيات وينذر بنتائج وعواقب خطيرة .

ويجب تكثيف الاتصالات والمشاورات والتنسيق بين الجامعة والاتحاد الافريقي والمنظمات الاقليمية الأخرى للبحث عن وسبل لحل الأزمة .

موريتانيا والصومال

وتضمن جدول أعمال المجلس ايضا تطورات الاحداث في موريتانيا بعد الانقلاب العسكري الذي وقع واطاح بنظام حكم الرئيس محمد ولد عبدالله خاصة في ظل الرفض الاقليمي والدولي والاعتراف بما جري من تغيير برغم وعد المجلس العسكري الحاكم باحترام الديمقراطية وعدم مساسه بالمؤسسات القائمة من احزاب وبرلمان ونقابات وكذا وعده باجراء انتخابات عامة بالبلاد .

وتلقى موسى تقريرًا من مبعوث الجامعة إلى نواكشوط الامين العام المساعد احمد بن حلي جاء فيه أن رئيس مجلس الدولة الموريتاني محمد ولد عبد العزيز ابلغ الجامعة بأن الوضع في موريتانيا انتقالي وانه لن يستمر لفترة طويلة ربما لا تتجاوز بضعة شهور حتى يتمكن المجلس الجديد من توفير اجواء توافقية مواتية لاجراء انتخابات عامة في البلاد .

كما ابلغ ولد عبد العزيز وفد الجامعة بالالتزام بصيانة الديمقراطية في موريتانيا، مشيرًا إلى ان كافة المؤسسات السياسية الموريتانية من البرلمان والنقابات والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني وغيرها تمارس أنشتطها وفعاليتها بصور طبيعية فيما عدا مؤسسة الرئاسة .

كما بحث وزراء الخارجية العرب الوضع في الصومال لانهاء المأساة الصومالية التي جعلت 43% من الشعب (2و3 مليون) يواجهون الموت جوعا وشردت مئات الالاف في الداخل والخارج وراح ضحيتها نصف مليون انسان منذ عام 1991، فالأمل معقود على قرار مجلس الأمن المنتظر اصداره قريبا ليحل المشكلة طبقا لقرارات مؤتمر جيبوتي لتدخل حيز التنفيذ ولعقد مصالحة شاملة في الصومال وبمقتضى هذه القرارات تنسحب القوات الاثيوبية من البلاد خلال 120 يومًا .