خلف خلف- إيلاف: أعربت مصادر إسرائيلية عن قلقها من تحسن العلاقات الروسية الإيرانية في المجالات السياسية والإقتصادية والطاقة، وبخاصة بعدما أعلن الرئيس ديمتري مدفيدف عن معارضته لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران، أو فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية عليها، قائلا: quot;يتوجب عدم اتخاذ خطوات أحادية الجانب حيال برنامج إيران النوويquot;، واصفا أي سيناريو عسكري بغير المقبول، وأن بلاده تؤيد مواصلة المفاوضات مع طهران لثنيها عن مواصلة برنامجها النووي، مقابل عرض حزمة الحوافز الغربية عليها. هذا الإعلان الروسي وجد له مكانا بارزا في وسائل الإعلام العبرية، فتعرضت له العديد من القراءات بالنقد والتحليل، وصولا إلى قياس ميزان العلاقات الروسية- الإيرانية، ولصالح من تميل.

وبينما توجه وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي صباح أمس الجمعة إلى موسكو علي رأس وفد سياسي رفيع المستوى، لبحث التطورات في المنطقة، ودراسة الاتفاقيات التي توصل إليها الرئيسان الإيراني والروسي على هامش اجتماع شانغهاي الأخير الذي عقد في العاصمة الطاجيكيه دوشنبيه. تشترك الولايات المتحدة، وإسرائيل، والعالم الغربي، والوكالة الدولية للطاقة النووية- في محاولة لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي. ومع ذلك، فان الخطوات التي خطتها هذه القوى، ليست تردع إيران، فيما ينتظر الغرب رد إيران على حزمة الحوافز.

وبالنسبة للمخاوف الإسرائيلية المتصلة بموقف روسيا، فهي تزداد كون روسيا مسؤولة عن برنامج إيران النووي منذ بدايته، وتشير التقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية إلى أن موسكو زودت طهران بكتلة من المعلومات الضرورية لتطوير برنامجها الذري، وبحسب هذه التقديرات، فأن الكرملين في التسعينات كان على علم واضح بحجم هذه المخاطرة، ولكنه فضل تجاهلها. لسبب رئيس، هو منع طهران من تعجيل الأسلمة في روسيا.

ويرى كثير من المحللين والخبراء الاستراتيجيين أن الإيرانيين طوروا طرقا محكمة وناجحة لامتلاك المعلومات والمعدات الضرورية، من خلال استغلال الوضع الاقتصادي الصعب الذي ساد المجالات العلمية في روسيا في القرن الماضي، وبخاصة جوقة الفساد التي عمت في مستويات الإدارة الرفيعة في روسيا.

ويقدر خبراء الاستخبارات في إسرائيل أن الكرملين يحاول الآن استغلال ورقة طهران كورقة ضغط حيال واشنطن، ولهذا السبب يمتنع عن الانضمام إلى الولايات المتحدة في مطالب حازمة من إيران. حيث إنه برغم إلحاحات الإدارة الأميركية، لا يوقف الروس عملهم في المفاعل في بوشهر، الذي يعتبر المنشأة الأكثر احتمالا لإنتاج القنبلة النووية الإيرانية.

وبحسب تقديرات إسرائيلية فأن الخبراء الروس موجودون في بوشهر، وتعيش عائلاتهم وراء سور وأبراج حراسة، وتوجد رقابة على كل تحركاتهم، كما أن هناك نحو 1000 طالب، من التقنيين والعلماء أرسلتهم طهران إلى روسيا لدراسة التقنية النووية، والفيزياء النووية ومجالات الذرة والصواريخ، وتعتقد تل أبيب أن يورانيوم من مصادر روسية بُذل لإيران بواسطة دول جارة.

وقلق تل أبيب من وصول إيران إلى القدرة النووية، جعل بعض جنرالاتها يهددون باستخدام كافة الأساليب لإحباطها، ومن ضمنها الحل العسكري، فصرح في شهر حزيران الماضي وزير المواصلات في الحكومة الإسرائيلية- المرشح إلى جانب ثلاثة آخرين لزعامة حزب كاديما الحاكم- أنه quot;في حال واصلت إيران برنامجها النووي لتطوير أسلحة نووية فسوف تقوم إسرائيل بمهاجمتها. شباك الفرص ينغلق، والعقوبات الاقتصادية ليست فعالة. وعليه فلن يكون هناك مناص من مهاجمة إيران لوقف برنامجها النوويquot;.

ولكن الكثيرون يستبعدون لجوء إسرائيل إلى الخيار العسكري، على غرار الضربة التي وجهتها إلى المفاعل النووي العراقي quot;اوزيريسquot; في عام 1981. ومن الأسباب التي تكبح تكرار هذا السيناريو، أن المنشاة العراقية كانت فوق الأرض، مركزة في موقع مركزي واحد. بينما المنشآت الإيرانية موزعة في عدة مناطق، ويمكن أن تكون كثيرات منها مبنية عميقا تحت الأرض، ومحمية حماية حسنة في ملاجئ من الاسمنت المسلح، على النمط الكوري الشمالي.

وبحسب الباحث الإسرائيلي د.شالوم فريدمان فأنه يمكن أيضا أن تكون المنشآت الإيرانية قد أصبحت تعمل، وكل مس بها قد يتسبب بأضرار غير مباشرة شديدة من الإشعاع. سيكون التنديد العالمي بغزو كهذا أصلا شديدا، وإذا كان هناك عدد كبير من الضحايا المدنيين، فسيتسبب الأمر بارتفاع درجة جديدة للتنديد العالمي العام بالدولة اليهودية ويمنح المسوغ في نظر العالم للجهد من قبل الإسلام أن يهاجم إسرائيل بوسائل قتالية لإبادة جماعية ليقضي عليها.

كما أن الإيرانيون في حال استطاعوا امتصاص الضربة الأولى، قد يقومون بإغراق إسرائيل بالصواريخ. وهو ما هدد به الرئيس أحمد نجاد عدة مرات سابقًا، كما أنه يوجد لطهران أصدقاء في المنطقة، كسوريا، وحزب الله، الذين سيتحركون في حال تعرضت طهران إلى أي هجوم عسكري.

ولما كانت إسرائيل ستكون في خطر شديد إذا ضربت ضربة استباقية، فسيكون من الأكثر منطقية إذا ما ضربت الولايات المتحدة ضربة كهذه، ولكن حتى هذا الخيار، مستبعد أيضا، لجملة أسباب، منها: الفشل في العثور بالوسائل القتالية للإبادة الجماعية في العراق، يثير علامات استفهام حول قدرة الاستخبارات الأميركية، ويؤكد الكثير من الخبراء والمتابعين للملف الإيراني، أن المعلومات التي تمتلكها الولايات المتحدة الأميركية حول قدرات إيران النووية ليست كافية لتنفيذ هجوم عسكري، أيضا تشتت قدرات واشنطن العسكرية في العراق وأفغانستان، وعدم تحقيق إنجازات كبيرة في مكافحة الإرهاب يقلل بدرجة كبيرة الحماس للقيام بعمل عسكري ضد إيران.

أيضا تبدو إمكانية أن تنفذ الولايات المتحدة غزوا بريا لإيران من أجل إبعاد النظام الحالي في طهران، غير معقولة تماما. التجربة العراقية تعمل ضد إمكانية كهذه، زيادة على أن إيران أكبر وطبيعتها أكثر جبلية من العراق وظروفها الأرضية أصعب من ظروف العراق.