نضال وتد من تل أبيب: ليس سرا أن هناك ثار بين سوريا وإسرائيل على المستوى الإعلامي والدبلوماسي، وليس سرا أن سوريا موضوعة على قائمة الإرهاب التابعة للخارجية الأمريكية، بفعل الضغوط الإسرائيلية، وليس غريبا أن تشمت الصحافة الإسرائيلية ومستعربيها بدمشق ونظامها الحالي. وهذا ما بالضبط ما نطالعه في الصحافة الإسرائيلية ، الصادرة، الأحد، في تغطيتها للانفجار الذي وقع في دمشق مخلفا 17 ضحية.

ففي صحيفة quot;يسرائيل هيومquot; كتب المستشرق والمختص في الشؤون السورية، البروفيسور أيال سيزر تحت عنوان quot;قام المسخ على خالقهquot;
quot;كانت دمشق وعلى مدار سنوات طويلة واحدة من أكثر العواصم هدوءا وأمنا في الشرق الأوسط، فقد اهتم نظام قمعي قاسي، يملك جهازا أمنيا ناجعا ومتشددا بضمان الهدوء في شوارع المدينة. وحري بنا أن نضيف إلى ذلك حقيقة أن غالبية منظمات الإرهاب التي نشطت في الشرق الأوسط، وقطعت هدوء وطمأنينة السكان في إسرائيل، والأردن، ومؤخرا في العراق أيضا، عملت من دمشق، بمباركة السلطات السورية، ولم تفكر بطبيعة الحال بمحاربة النظام السوري الذي منحها ملجأ وملاذاquot;.

وأضاف سيزر يقول في مقالته المذكورة: quot; إلا أن النظام السوري فوجئ أمس، فمن ربى ثعابين الإرهاب يكتشف اليوم أنها هي التي وجهت سمومها ضده. وبالفعل، يتم في الفترة الأخيرة خرق الهدوء في سوريا المرة تلو الأخرى. ففي شباط الماضي أغتيل عماد مغنية، الرجل الثاني في حزب الله في انفجار وقع في قلب دمشق، وبالأمس انفجرت في مكان ليس بعيد عن هناك سيارة مفخخة وقتلت 17 مواطنا سوريا مدنيا وأصابت كثيرين آخرين. إن حقيقة انفجار السيارة المفخخة مقابل قاعدة لجهاز المخابرات وبالقرب من مركز شيعي ديني مهم، من شأنها أن تشير إلى هوية المنفذين- منظمة إسلامية متطرفة تعارض نظام الكفر لبشار الأسد وأبناء طائفته العلويين، وأيضا حلفاء بشار- إيران وأبناء الطائفة الشيعية في لبنان.quot;

وخلص سيزر إلى القول quot; إنه أيا كانت هوية من يقف وراء العملية، فإن مدلولات العملية واضحة. دمشق لم تعد المدينة الأمنة، وبشار يحصد اليوم ما زرعه على مدار السنوات الأخيرة من خلال سياسة خارجية متطرفة داعمة للإرهاب. لقد شجع بشار إرهابا لبنانيا وفلسطينيا وجه ضد إسرائيل، والإرهاب الذي وجه ضد الأمريكيين في العراق، والآن عليه أن يواجه إرهابا إسلاميا متطرفا موجه ضده وضد نظامهquot;.
أما صحيفة يديعوت أحرونوت، التي أفردت بدورها صفحتين لقضية الانفجار تحت عنوان quot;تحت أنف الأسدquot; فتساءلت عن الجهات التي يمكن لها أن تقف وراء العملية على النحو التالي:
bull;عناصر سورية: لماذا، بسبب الصراع الداخلي بين جهات مختلفة في أجهزة الأمن السورية.

bull;إسرائيل: لماذا؟ بسبب المساعدات السورية في نقل الأسلحة والعتاد العسكري لحزب الله و quot;استضافةquot; قيادة حماس والجهاد الإسلامي.
bull;القاعدة: لماذا؟ بسبب كراهية النظام السوري العلماني الذي يحاول التقرب من الغرب.

bull;حزب الله: لماذا بسبب شكه بأن عناصر سورية محلية كانت متورطة في تصفية عماد مغنية.
bull;غيران: لماذا؟ لأن النظام غاضب على دمشق التي تجري محادثات غير مباشرة مع إسرائيل بوساطة تركية.
bull;منظمات المعارضة السورية في لبنان: لماذا؟ بسبب نشر 10 آلاف جندي وشرطي سوري على الحدود مع لبنان الشهر الماضي.
إلى ذلك كتب رونين بيرغمان يقول إن عملية أمس تكشف أن quot; الدولة التي اعتبرت واحدة من الدول المستقرة في الشرق الأوسط ndash; هذه الدولة التي يهتم أركان نظامها دائما بالرد بقوة على كل مظهر من مظاهر المعارضة، والتي تمتلئ شوارعها بعملاء المخابرات- هي دولة مستباحة على نحو خاص. وبهذه الطريقة فإن الرئيس الأسد يسجل المزيد من النقاط السلبية لصالحة من وجهة نظر الرأي العام العربي والدولي ويبدو كمن لا ينجح في السيطرة على ما يحدث داخل بيته.

ولفت بيرغمان إلى التكهن الصادر عن جهات معارضة سورية التي تحدثت عن أن الانفجار هو في واقع الحال quot;حادث عملquot;، بمعنى أنه نجم عن خطأ فني في معالجة عبوة (في هذه الحالة سيارة مفخخة) كان يتم إعدادها لتسليمها ( مثلا لحزب الله في لبنان) حيث اعتمد مروجو هذا الرأي على أن الانفجار لم يوجه ضد جهة معينة ومحددة، مع ذلك يشير بيرغمان إلى أن هذا التكهن quot;إشكاليquot; بعض الشيء على ضوء حقيقة عدم وجود مخازن أسلحة أو ذخيرة في المكان، حسبما نعلمquot;.

أما الصحافية سمدار بيري، التي تغطي الشؤون العربية في الصحيفة منذ عشرات السنين (وسبق لها أن أجرت مقابلات مع الملك الأردني الراحل الملك حسين، والرئيس المصري حسني مبارك) فقد استعرضت من جانبها سلسلة من العمليات والحوادث quot;الغمضة quot; التي وقعت في سوريا معتبرة أن موت العميد غازي كنعان، كان أول حادث في هذه السلسة من الأحداث الغامضة، وتلاها ما حدث في مصنع سوري- إيراني لصناعة الصواريخ في منطقة الصفير في تموز من العام 2007، وتحلق طائرات سلاح الجو افسرائيلي في شباط 2008 في أجواء قصر الرئاسة السوري، ومن ثم حادثة اغتيال عماد مغنية في شباط 2008. واعتبرت بيري أن سوريا التي كانت تعتبر لسنين طويلة بلدا مستقرا، تحولت في العامين الأخيرين، على بلد يوجد فيه لرؤساء النظام ما يدعوهم للقلق وعدم النوم.