طلال سلامة من روما: تتميز بداية كل عام بعدة أيام من التفكير الملي حول البرامج المستقبلية، في جميع القطاعات وعلى كافة المستويات من تلك العائلية والصناعية الى الحسابات الإدارية والاجتماعية والمعيشية. ومن الطبيعي أن تستغل حكومة روما فترة التفكير والتركيز هذه لتقرير الأنشطة ورسم الأولويات. إذ هنا سلة من الاقتراحات والنوايا التي ينبغي إما تنفيذها فوراً أم إرجائها الى إشعار آخر. لدى الضرورة لن تتأخر الحكومة عن إدراج خططها في قوائم استثنائية أم طارئة. في ما يتعلق بالمهام الرئيسية لفريق برلسكوني التنفيذي، في الشهور الأولى من هذه السنة، فان الجميع ما يزال يتمسك بإحلال النظام الفدرالي واصلاح آليات العدالة. هنا تنقسم آراء الإيطاليين الى عدة فئات، مؤيدة ومناهضة للمخطط الحكومي قريب المدى.

في هذا الصدد، يميل أغلب الإيطاليين الى اتجاهات موحدة. فمعظم قلقهم ينصب في المحور الاقتصادي-الاجتماعي. ما يطال درجة الثقة ببرلسكوني مباشرة. إذ ان 15 في المئة من الإيطاليين، أي زيادة بأكثر من واحد في المئة مقارنة بما كانت الحال عليه في شهر أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، تتوجه الى برلسكوني لدعوته الى زيادة الرواتب الشهرية والمعاشات التقاعدية. كما يرى 10 في المئة تقريباً منهم ضرورة في اعتناق آلية مراقبة أكثر فعالية على الأسعار لا سيما تلك الخاصة بالمنتجات الغذائية. أما المشكلة الأهم التي يبرزها الناخبون الإيطاليون على السطح فهي قطاع التوظيف التي ستكون أولوية مفروضة على فريق برلسكوني التنفيذي وفورية المفعول. ان قطاع العمل الهم الشاغل لأكثر من 15 في المئة من الإيطاليين مقارنة ب13.5 في المئة، في شهر أيلول(سبتمبر) الماضي.

ان حالة الطوارئ(والتذمر؟) المتفشية في أوساط الشباب والشابات والحوامل وشعب ايطاليا الجنوبية ستفرض على برلسكوني، هذه السنة، حقيقة مريرة لا يستطيع التهرب منها إنما معالجتها ولو عن طريق الاستعانة بسحر العلاج المموه. بمعنى آخر، فان العمل والوظائف يمثلان، وفق الشعب الإيطالي، الأولوية السياسية الأبرز على مقياس الوضع الاجتماعي الطارئ. لا بل يعتبران أثقل من الأزمة المالية العاصفة. وهذا ما يدعو رئيس الجمهورية الإيطالية الى القلق حيال إمكان وقوع برلسكوني في فخ يحثه على تأجيل هذه الأولوية الاجتماعية الى إشعار آخر.. قد يكون قاتلاً!