واشنطن: مع دخول الهجوم الإسرائيلي لقطاع غزة وحركة حماس أسبوعها الثاني، وتعالي الأصوات المعارضة والمطالبة بوضع حد لهذه quot;الانتهاكاتquot; المستمرة إلى يومنا هذا، شهدت الولايات المتحدة الأميركية زخمًا كبيرًا ونشاطًا متزايدًا للأمريكيين العرب، وإن كان لا يرقي إلى مستوى تأثير الأقليات الأخرى التي تنشط داخل المجتمع الأميركي لاسيما الجالية اليهودية التي يقل تعدادها مقارنة بتعداد الجالية العربية، إلا أنها جديرة بالملاحظة والتناول. وفي هذا التقرير نركز على كيفية تعامل العرب الأميركيين مع الهجمات الإسرائيلية.
مظاهرات ومسيرات في شوارع أميركا ضد الهجوم
كانت المظهرات والمسيرات الاحتجاجية أهم متنفس للعرب الأميركيين للتعبير عن غضبهم للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي خلف مئات القتلى والجرحى. ومن تلك المظاهرات المظاهرة الاحتجاجية التي أقامها مؤتمر المنظمات العربية الأميركية في ديربورن في الثلاثاء 30 ديسمبر، في شارع شاس. وطالب المؤتمر على لسان المتحدث باسمه أسامة سيبلاني، ناشر صحيفة quot;أخبار الأميركيين العرب quot;نحن نطالب الإدارة الأميركية الحالية والإدارة الأميركية القادمة باتخاذ التدابير اللازمة لمنع المزيد من القتلى المدنيين سواء من خلال التجويع أو بالتفجيراتquot;، كما أضاف بأن quot;الولايات المتحدة تقف بمفردها في العالم لتدعم العدوان الإسرائيلي، والإبادة الجماعية، وذلك ما لا يمكن تبريرهquot; . وطالب quot; برفع الحصار الاقتصادي والسماح بدخول الغذاء الملائم والوقود للتدفئة وإطعام الناس، ووقف كل عدوان عسكري ضد السكان المدنيين حالاًquot;.
وبالإضافة إلى المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية، عكف الأميركيون العرب على استخدام عديد من أدوات الإعلام والإنترنت مثل موقع الفيس بوك لنشر المعلومات ومواقع المعارضة التي تخص الأزمة الإنسانية في غزة. كما أفردت صفحات لنقل أحداث غزة والأزمة الإنسانية التي تسببت فيها القوات الإسرائيلية. وقد دعت اللجنة الأمريكية العربية لمناهضة التمييز، الولايات المتحدة والمجتمع الدولي باتخاذ التدابير الجادة للضغط على إسرائيل من أجل إنهاء هجومها، ووقف الأزمات الإنسانية المتزامنة في غزةquot;. وقد أصدرت المجموعة quot;إنذار للتحركquot; التي دعت فيها المواطنين للاتصال بالمسؤولين المنتخبين والرئيس المنتخب باراك أوباما من أجل فرض مزيد من الضغوط على إسرائيل لإنهاء غاراتها الجوية.
وقد أدانت اللجنة الأميركية العربية ضد التمييز استمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة. وأشارت في بيان لها إلى أنه إبان وقف إطلاق النار الذي توسطت مصر فيه في الصيف الماضي، توقف اندلاع صواريخ حماس بصورة كبيرة، كما هدأ الحصار الإسرائيلي على غزة قليلا رغم أنه لم ينتهِ تمامًا. غير أن إسرائيل قد صعدت الموقف أوائل نوفمبر بقتلها لأربعة من الفلسطينيين في غزة خلال انتهاكات دموية لوقف إطلاق النار. وقد تلى ذلك عودة الحصار الخانق للمدنيين في غزة واندلاع الصواريخ على الجنوب الإسرائيلي. وأضاف البيان أنه قبل الهجمات الإسرائيلية الحالية تم قتل أكثر من 850 فلسطيني عمدًا على أيدي إسرائيلية منذ مؤتمر أنابوليس أواخر 2007 وذلك مقارنةً بـ 20 إسرائيليًّا قتلوا نتيجة اندلاع الصواريخ من غزة منذ عام 2000.
وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة الأميركية العربية ضد التمييز هي أكبر منظمات الحقوق المدنية للأميركيين العرب في الولايات المتحدة، وأنشئت في 1980 على يد السيناتور السابق جيمس أبو رزق للدفاع عن الحقوق المدنية للأميركيين من أصول عربية في الولايات المتحدة والحفاظ على ميراثهم الثقافي.
خطابات ومراسلات تطالب بوقف الهجوم على غزة
وفي محاولة للتأثير على صناع القرار الأميركي مثل منظمات اللوبي الإسرائيلي، أرسلت اللجنة الأمريكية العربية لمناهضة التمييز خطابات للرئيس بوش، والرئيس المنتخب أوباما، ووزيرة الخارجية رايس، والسفير الإسرائيلي في واشنطن طالبت فيها بوضع نهاية للاعتداءات. وعلاوة على ذلك، انتقدت رد الفعل الأميركي على الهجمات الذي اكتفى بالهجوم على حماس دون أي إشارة تذكر إلى الهجمات الإسرائيلية واستمرار التفجيرات في غزة بينما تتحمل حماس كافة المسؤولية بسبب الصواريخ التي توجهها للأهداف المدنية في إسرائيل رغم أن ذلك هو ذاته ما تفعله إسرائيل في ضربها العشوائي للمدنيين. وقد اتهمت اللجنة كافة المسئولين على حد سواء في البيت الأبيض والإدارة الأمريكية بعدم المسئولية، وتجاهلهم للمصالح الأميركية القومية والاقتصادية بالإضافة إلى القانون الدولي الإنساني وقوانين الحرب.
وقد حددت اللجنة في بيانها عدة نقاط لاتخاذ اللازم للخروج من هذه الأزمة، تتمثل في:
أولاً: أن تدخل كل الأطراف بشكل مباشر في عمل لإنهاء العداءات على كل الجوانب والوصول لاتفاق لوقف النار من جديد.
ثانيًا: أن تقوم الولايات المتحدة بفرض ضغوط على حليفتها إسرائيل من أجل وقف الهجمات على سكان غزة.
ثالثًا: على العالم العربي أن يعمل على تخفيف المعاناة والجوع في قطاع غزة.
رابعًا: أن يرصد الإعلام الأمريكي بصورة عادلة الموقف في غزة ويوضح صور عدم التناسب والاحتلال والحصار إلى جانب ما يقوم به من عرض لعشوائية الهجمات الصاروخية لحماس على الجنوب الإسرائيلي.
وقد طالبت اللجنة الأمم المتحدة ومنظمة الصليب الأحمر والمجتمع الدولي بالتحقيق في تفجير إسرائيل لمدرسة تابعة للأمم المتحدة في غزة، والتسبب في قتل أكثر من 40 فلسطيني لجئوا إلى المدرسة هربًا من القتال الدائر بين إسرائيل ومقاتلي حماس. وأدانت اللجنة الهجمات بشدة التي تمثل انتهاكًا للقانون الدولي وقوانين الحرب واتفاقية جنيف الرابعة 1949. وقد طالبت اللجنة حكومة الولايات المتحدة الأميركية، وأعضاء الكونغرس، والمجتمع الدولي وخاصة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر للتحقيق في استخدام إسرائيل للفوسفور الأبيض في هجماتها المستمرة على غزة، وهو الأمر الذي أكدته كثير من وسائل الإعلام الموثوق فيها، وهو ما يعد انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني وقوانين الحرب.
وفي هذا السياق صرح كريم شوري المدير التنفيذي للجنة الأميركية العربية لمناهضة التمييز، قائلاً quot; إن الفوسفور الأبيض من الأسلحة الكيميائية المحظور استخدامها في المناطق المدنية بموجب اتفاقية جنيف لعام 1980، وهو ما يعد انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي وقوانين الحربquot;. والفوسفور الأبيض عبارة عن مواد كيميائية تقتل عشوائيًّا ويشتعل فتيلها عند تعرضها للأكسجين وينتج عن حرارة الاشتعال لهب أصفر ودخان أبيض كثيف ويسبب حروقًا مؤلمة عند التعرض له.
الأميركيون العرب والإعلام الأميركي
وهذا وقد ركز الأميركيون العرب على الإعلام الأميركي لتقديم رؤية مضادة لما تقدمه وسائل الإعلام الموالية لإسرائيل وضيوفها على القنوات الأميركية. وفي هذا السياق تحدث جيمس زغبي رئيس معهد الأميركيين العرب في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، ليوضح رؤية شاملة للأوضاع في غزة ويواجه التحيزات المهيمنة على الإعلام الأميركي، حيث ظهر في برنامج لاري كينغ على قناة سي إن إن، وأشار إلى أن هناك صراعًا بين الفلسطينيين والإسرائيليين على حدود غزة منذ بداية الاحتلال 1967، ورغم انسحاب إسرائيل من غزة 2005 إلا أنها جعلت أوضاع الحياة الإنسانية صعبة.
فالبطالة بين الشباب 80%، والبطالة على مستوى البلد كلها 70% ، 40- 50% منها للسكان البالغين. ومستوى الفقر سحيق والحقيقة أنه حتى عندما يتم وقف إطلاق النار فإن إسرائيل تختار لحظة تقوم فيها بعمليات استفزازية عبر الحدود وتشن هجومًا ضد مقاتلي حماس. ومن ثم فكلا الجانبين مخطئ.
ويرى زغبي أن المشكلة تكمن في غياب إشراف الكبار ، ووجه اللوم في ذلك للولايات المتحدة التي لم تلعب دورها في تهدئة الموقف وتحقيق ضبط النفس. وأشار زغبي إلى أن إسرائيل حاولت تدمير منظمة التحرير الفلسطينية عام 1982 وفشلت، كما حاولت تدمير حزب الله وحماس عام 2006 وفشلت. ويرى أنها ليست الطريقة المثلى لمحاربة العنف والتطرف، بل على النقيض أدى ذلك إلى زيادة التطرف وشراسته عما كان من قبل وخلق جهات مؤيدة له. ويرى أن نتيجة مثل هذه السياسات سيضعف المعتدلين مثل الرئيس عباس والقادة العرب المعتدلين الذين أصبحوا ضعفاء في نظر شعوبهم.
وعن رؤيته لموقف الرئيس المنتخب باراك أوباما، أشار زغبي إلى أن أوباما عند حديثه إلى قادة اليهود في كليفلاند عام 2008، قال :إنه إذا كان الطريق الوحيد لمساعدة إسرائيل هو تدمير أعدائها وليس الحوار مع أي منهم، فلن نحرز أي تقدم. وأكد زغبي في حواره أن ما قامت به إسرائيل في غزة لا يفتح باب الأمل في السلام للشعب الفلسطيني الذي أثقل كاهله بالمستوطنات وحواجز الطرق والجدار العازل الذي يستنفذ الأراضي الفلسطينية. فالحل إذا كنت تريد أن تنشر السلام ووقف الصواريخ هو إيجاد طريق لإعطاء الأمل للشعوب وعزل التطرف وإعطاء الفلسطينيين إحساسًا بالمستقبل أنه سيكون أفضل من اليوم.
برنامج عمل لمواجهة تحديات الهجوم الإسرائيلي على غزة
ناشد مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية كل من لديه وعي في العمل على تقديم المساعدة من أجل إنهاء الهجمات الإسرائيلية على غزة، ووقف إطلاق النار، وتوفير المساعدات الإنسانية وتعزيز سياسة أميركية أكثر توازنًا في الشرق الأوسط. وقد حدد لذلك 10 طرق:
المشاركة في مسيرة quot;دع غزة تعيش quot; التي تعقد في واشنطن الواحدة مساءً السبت في العاشر من يناير في منتزه لافايت Lafayette Park خارج البيت الأبيض.
زيارة نواب الشعب الأميركي المنتخبين في العاصمة واشنطن تحت رعاية ائتلاف يضم غالبية المنظمات الإسلامية.
زيارة المكاتب المحلية للنواب بشأن الحديث معهم عن الحاجة لسياسة أميركية متوازنة في الشرق الأوسط.
التواصل مع الرئيس بوش وأعضاء الكونغرس.
الاتصال بالرئيس المنتخب أوباما ومطالبته بالحديث الآن عن سياسة أميركية في الشرق الأوسط تأخذ في اعتبارها حقوق كل الأطراف في الصراع بعين الاعتبار.
إملاء صيغة المجلس أون لاين تطالب قائد الأمة بالحديث من أجل السلام والعدالة لكل الأطراف في الأزمة الإنسانية الحالية في قطاع غزة.
تعليم أعضاء المجتمع الإسلامي إبان صلاة الجمعة عن وضع السكان المدنيين في غزة وحاجتهم لسياسة متوازنة في الشرق الأوسط ووقف إطلاق النار واستئناف الإغاثة الإنسانية.
مراقبة تغطية الإعلام المحلية لأزمة غزة والإشادة بالتغطية المتوازنة أو نقد التغطية المنحازة.
تنظيم المقابلات.
الاتصال بوزارة الخارجية ومطالبتها باتخاذ التدابير اللازمة للدفاع عن السكان المدنيين في غزة.
وقد دعا مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية أعضاء الكونغرس إلى إصدار بيان عام يدعم السلام والعدالة لكل الأطراف في الأزمة الإنسانية الراهنة في غزة. ويعرض الدعم لحق الفلسطينيين في التحرر من الاحتلال، والمطالبة بإنهاء الحصار الإسرائيلي لوصول المساعدات الإنسانية إلى غزة والمطالبة بدشن قرار بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يؤكد على وقف إطلاق النار ويتم احترامه من الطرفين ومعارضة أي قرار يصدر عن الكونغرس ينحاز لطرف على حساب الآخر. وذلك انطلاقًا من حقيقة مؤداها أن مساعي السلام تمنع القاعدة والقوات المعادية الأخرى للولايات المتحدة كلها من أداة تستخدمها في خلق عقلية إجرامية للناس. كما أن إسرائيل تستخدم الأسلحة الأميركية ضد أهداف مدنية في انتهاك صريح للقانون الأميركي والقانون الدولي. فقانون تصدير الأسلحة الأميركية يؤكد على أن الأسلحة الأمريكية لابد أن تستخدم للدفاع وليس لانتهاك حقوق الإنسان، وليس هناك أمة فوق القانون.
كما أن الهجمات الإسرائيلية تقف حائلاً أمام نشر السلام والعدالة في منطقة الشرق الأوسط، كما أنها تثير الغضب تجاه الصورة الأمريكية والمصالح الأميركية في العالم وتدعم التطرف في المنطقة. والضرائب الأميركية لابد ألا تستخدم في أسلحة تقتل المدنيين الفلسطينيين.
وهذا ما أشار إليه دينيس جي. كوسينبش أحد أعضاء الكونغرس الأميركي، في خطابه للأمين العام الأمم المتحدة بان كي مون Ban Ki-Moon الذي طالب من خلاله الأمم المتحدة بالتحقيق في حرب إسرائيل على غزة، وأشار إلى أن الهجمات على المدنيين تمثل عقابًا جماعيًّا وانتهاكًا للمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة.
التعليقات