إضراب عام في فرنسا لم يصل الى حد quot;خميس أسودquot; وعدت به النقابات

باريس: اعتبر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ليل الخميس الجمعة أن قلق الفرنسيين إزاء الأزمة الاقتصادية بـquot;المشروعquot; بعد أن شهدت كل أرجاء البلاد اليوم إضرابات عامة ومظاهرات احتجاجية ضد سياسة الحكومة الاقتصادية وبرامجها الإصلاحية. وقال ساركوزي إن quot;الأزمة الاقتصادية العالمية غير المسبوقة تسبب في فرنسا والعالم أجمع قلق مشروعquot;، وأضاف quot;في هذه المرحلة الصعبة يخشى مواطنونا على وظائفهمquot;، وفق تعبيره في بيان صدر عن مكتبه

وشدد الرئيس الفرنسي على أن الأزمة تفرض على quot;السلطات واجب الإصغاء والحوار وفي الوقت نفسه حزم كبير بالتصرفquot;، وأعلن أنه سيلتقي ممثلي النقابات والمنظمات العمالية انطلاقا من هذه الروحية خلال الشهر المقبل من أجل التوافق على برنامج للإصلاح خلال العام الحالي والوسائل المتبعة لتنفيذه، معتبرا أن فرنسا quot;يجب أن تخرج أقوى من هذه المحنةquot;، وفق تعبيره. وتوجه ساركوزي بالشكر إلى الموظفين الذين عملوا لضمان quot;الحد الأدنى من الخدماتquot; التي تنص عليها القوانين في حالات الإضراب العام كما حدث اليوم وطال وسائل النقل بشكل خاص.

وشهدت فرنسا أمس الخميس تظاهرات واكبت اضرابا عاما، تلبية لدعوة كل النقابات الفرنسية احتجاجا على سياسة ساركوزي لمواجهة الازمة الاقتصادية. وحشدت هذه التظاهرات مليون شخص بحسب الشرطة و2,5 مليون شخص وفق اتحاد النقابات.

وقد دعت كافة النقابات الفرنسية مدعومة من المعارضة الاشتراكية، الاجراء في القطاعين العام والخاص الى اضراب وطني والى التظاهر دفاعا عن الاجور والخدمات العامة. وقالت الامينة العامة للحزب الاشتراكي الفرنسي مارتين اوبري التي شاركت في تظاهرات باريس التي ضمت عشرات آلاف المتظاهرين quot;اليوم نحن ازاء رئيس مصر على نهجه رغم انه اوصلنا بسياسته الى الانكماش حتى قبل وصول الازمة الماليةquot;.

وبحسب فرانسوا شيريك الامين العام لنقابة quot;سي اف دي تيquot; ثاني اكبر نقابات فرنسا، فان تظاهرات الخميس هي quot;الاضخم التي ينفذها الاجراء منذ 20 عاماquot;. وبحسب متحدث باسم الكونفدرالية العامة للعمل quot;سي جي تيquot; كبرى النقابات الفرنسية فان عدد المشاركين في مختلف التظاهرات التي شهدتها مدن البلاد بلغ 2,5 مليون شخص. وبحسب الشرطة فان عدد المشاركين فاق 700 الف.

وقال برنار تيبو الامين العام ل سي جي تي ان هذا التحرك quot;حدث اجتماعي بالغ الاهميةquot; وليس quot;فورة غضب عابرة، سيكون له ما وراءهquot;. ومن الهتافات التي رددها المتظاهرون في باريس quot;ليس على الاجراء ان يدفعوا لاصحاب البنوكquot;. وقال وزير الخزانة اريك وورث quot;ان الاضراب ليس الرد (الملائم) على الازمةquot; مكررا بذلك موقفا عبر عنه ساركوزي الذي يستبعد التخلي عن الاصلاحات التي انتخب من اجلها.

وشارك اجراء القطاع الخاص الى جانب اجراء القطاع العام الذي يضم اهم قواعد النقابات، في التظاهرات. غير ان الاضراب عن العمل، خصوصا في مصالح الخدمات العامة، لم يؤد الى شل الحركة في البلاد حيث لم يشارك الا نحو ربع الخمسة ملايين موظف في الاضراب بحسب ارقام رسمية.

وعلاوة على قطاع التربية حيث لم يعمل سوى نصف العاملين في هذا القطاع، طالت الاضطرابات بالخصوص السكك الحديدية والنقل العام والجوي غير انها لم تبلغ المستويات المعلنة. وشارك موظفون في اتصالات فرنسا (فرانس تيليكوم) والبريد وكهرباء فرنسا والاذاعات والتلفزيونات العامة في الاضراب.

وعمل مترو باريس بنسبة 75 بالمئة وحافلات النقل بباريس بنسبة 85 بالمئة والذين اختاروا الذهاب للعمل لم يجدوا صعوبات كبيرة في الوصول الى مواقع عملهم.

وشهدت مدن فرنسية غير العاصمة اضطرابات اشد خصوصا مرسيليا (جنوب شرق). وطالت اضطرابات النقل الحديدي النقل الاقليمي والنقل في المنطقة الباريسية حيث لم يتم تسيير الا 35 بالمئة من القطارات الى عدة مناطق في حين شهدت قطارات بعض المناطق نسبة تسيير بلغت 90 بالمئة.

وسارت رحلات ثلثي قطارات السرعة الفائقة (تي جي في) في حين لم تتأثر رحلات قطارات يوروستار وتاليس واليو التي تربط فرنسا ببريطانيا وبلجيكا والمانيا. اما على مستوى النقل الجوي فقد الغى مطار رواسي شارل ديغول 12 بالمئة من رحلاته في حين الغى مطار اورلي 35 بالمئة منها.

وسجلت حوادث بين عشرات الشبان وعناصر الشرطة في نهاية التظاهرات، ومنعت قوات الامن متظاهرين كانوا يعتزمون مواصلة مسيرتهم باتجاه قصر الاليزيه واوقفتهم عند ساحة الاوبرا، بحسب الشرطة.

والقى عشرات الشبان كان بعضهم ملثما مقذوفات على عناصر الشرطة منها حجارة وعصي وزجاجات ما دفع بعناصر الامن الى مهاجمتهم لتفريقهم. وقال احدهم وهو طالب تمريض quot;نريد الذهاب الى الاليزيه ليسمعنا ساركوزيquot;. وهتف هؤلاء الشبان الذين احرقوا حاويات قمامة وعلب كرتون quot;ساركو استقلquot;.

وتظاهر عشرات آلاف الاشخاص في باريس اليوم للتنديد بسياسة الحكومة اليمينية تجاه الازمة الاقتصادية وللمطالبة باجراءات من اجل تحسين القدرة الشرائية.