الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يقوم برحلة توقيع عقود مشاريع في البلد الأهم في آسيا الوسطى والمشهور بالنفط. كما يتسلم رسالة من الرئيس الأسد تتعلق بالمستجدات في الشرق الأوسط.

باريس: يقوم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الثلاثاء بزيارة خاطفة الى كازاخستان من اجل مجموعة اولى من العقود، ضمن شراكة استراتيجية حديثة بادرت اليها فرنسا مع هذا البلد في اسيا الوسطى واثارت اسسها مطامع اطراف عدة.

وعلى الرغم من ان الازمة الاقتصادية العالمية همشت كازاخستان بعض الشيء، الا ان النمو الاقتصادي القوي الذي تسجله هذه الدولة السوفياتية السابقة الغنية بالنفط منذ نحو عشر سنوات، يجذب المؤسسات الفرنسية. لكن هذه الاخيرة اضطرت للاكتفاء حتى الان بحصص صغيرة بسبب غياب الدعم السياسي.

وفي مطلع العام 2008، زار رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون برفقة كبار اصحاب الشركات الفرنسية استانة في محاولة لملء الفراغ بعد الزيارة الاخيرة للرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران الى كازاخستان. وشكلت تلك الزيارة اشارة الى عودة فرنسا المنتظرة الى سهول كازاخستان.

وجاء دور نيكولا ساركوزي لرد الزيارة بعد زيارة الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزارباييف الى فرنسا في ربيع 2008 من اجل quot;تعزيز الشراكة الاقتصادية بشكل ملموسquot; بين الدولتين، وفقا للرئاسة الفرنسية.

وبتعبير اوضح، تهدف الزيارة الى حصاد الغلة الاولى من العقود التجارية الفرنسية من الارض التي اشتهرت بفضل الفيلم الساخر quot;بوراتquot;.

وستتمكن شركات توتال النفطية والغاز quot;غاز دو فرانس سويزquot; من جعل مشاركتها في استخراج الغاز من حقل خفالينسكوي رسمية، وذلك بكلفة تصل الى مليار يورو تقريبا.

وستعلن كازاخستان الثلاثاء اثر انعقاد جمعية تديرها سباي كاباغ الفرع التابع لشركة فينشي للاشغال العامة، بناء انبوب للنفط يصل الحقل النفطي العملاق كاشاغان ببحر قزوين.

وبالاضافة الى اهمية هذا المشروع quot;الاستراتيجيةquot; لامن امدادات النفط في فرنسا، بما ان الانبوب سيلتف حول روسيا، يتوقع ان تربح فرنسا بفضله، بحسب الاليزيه، نحو 1,2 مليار يورو، كما سيتيح ايجاد quot;مئات الى الاف الوظائف المحفوظة او المستحدثةquot; في منطقة دنكرك (شمال).

وستجني فرنسا من خلال اصحاب الشركات الذين يرافقون ساركوزي في هذه الرحلة 230 مليون يورو مقابل قمرين صناعيين لمراقبة الارض (اي ايه دي اس استريوم)، و300 مليون يورو مقابل تجهيزات ترامواي لخطة ترامواي استانة، و100 مليون يورو ايضا مقابل تسليم اجهزة اتصال عسكرية (تاليس).

ويؤكد المقربون من ساركوزي ان هذا الاخير لا يعتبر كازاخستان quot;بقرة حلوب تدر مواد اوليةquot;، بل انه سيسعى ايضا الى تطوير علاقاته السياسية بين فرنسا وكازاخستان التي وصفها على انها quot;قطب استقرار واعتدالquot; على ابواب ايران وافغانستان.

وتشمل الاتفاقات التي ستوقع الثلاثاء نصا يسهل مرور التموين والعتاد للجنود الفرنسيين في افغانستان عبر الاراضي الكازاخستانية.

وستناقش ايضا اثناء الزيارة مسألة احلال الديموقراطية التي تثير جدلا في كازاخستان، لا سيما مع استمرار حكم نزارباييف منذ العام 1989 بفضل نتائج انتخابية تذكر بالحقبة السوفياتية، مع العلم ان هذه الدولة ستترأس في كانون الثاني/يناير منظمة الامن والتعاون في اوروبا.

من جهة اخرى، طالبت منظمة quot;هيومن رايتس ووتشquot; غير الحكومية للدفاع عن حقوق الانسان الرئيس الفرنسي بطرح قضية الناشط في حقوق الانسان افغيني يوفتيس المحكوم بالسجن اربع سنوات بسبب حادث سير عرضي قتل على اثره احد المارة.

ساركوزي يتسلم رسالة من الأسد
إلى ذلك، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد الأحد دبلوماسيين فرنسيين رفيعي المستوى نقلا إليه رسالة من نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي، تتعلق بـquot;آخر التطورات في الشرق الأوسطquot; حسب وكالة الأنباء السورية quot;ساناquot;.

والموفدان هما الأمين العام للأليزيه كلود غيان، والمستشار الدبلوماسي للرئيس الفرنسي جان دافيد ليفيت. وأفادت وكالة الأنباء السورية أن الرسالة الشفهية تركزت على quot;العلاقات الثنائية وآخر التطورات في منطقة الشرق الأوسط والجهود التي تبذلها فرنسا مع الأطراف الإقليمية والدولية لوضع أسس مقبولة، للتوصل إلى حل سلمي عادل ودائم وشامل في المنطقةquot;.

وأضافت الوكالة أن الرئيس السوري عرض خلال اللقاء quot;رؤية سوريا من القضايا المطروحة، ولا سيما موضوع السلام، حيث أكد أنه من دون قبول إسرائيل لمرجعية عملية السلام وقرارات مجلس الأمن ومبدأ الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 فإن السلام لا يمكن أن يتحقق في المنطقةquot;.

وأوضحت الوكالة أنه quot;كان هناك اتفاق حول أهمية تحقيق المصالحة الفلسطينية في أسرع وقت ممكن، ورفع الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني في غزة، ووقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة فوراً، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة في إطار تحقيق سلام عادل وشاملquot;.

ونقلت الوكالة من جهة ثانية عن الدبلوماسي غيان quot;ارتياح فرنسا للمستوى الذي وصلت إليه العلاقات الفرنسية السورية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، التي تتطور بشكل بناء وثابت وإيجابي جداًquot;.

ونقلت عنه أيضاً quot;إصرار الرئيس ساركوزي على تعزيز هذه العلاقات واستثمارها، بما يخدم مختلف القضايا المطروحة إقليمياً ودولياً، مشدداً على أهمية الدور الذي تضطلع به سوريا لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقةquot;. وجرى اللقاء بحضور وزير الخارجية السوري وليد المعلم.

وكان المعلم زار قبل أيام العاصمة الفرنسية، وشدد خلال لقائه نظيره الفرنسي برنار كوشنير، على quot;التقدم الذي تحقق في العلاقات الثنائية في كل الميادينquot;.

وتتزامن زيارة غيان وليفيت مع زيارة مستشار آخر للرئيس ساركوزي، هو هنري غويانو، إلى لبنان، حيث التقى الرئيس اللبناني ميشال سليمان.