وسط احتدام الجدل السياسي في العراق حول حيادية المفوضية العليا للانتخابات وإرتفاع الأصوات النيابيّة لحجب الثقة عنها واختيار مفوّضية جديدة، فإن الرئاسة العراقية تستعد لتقديم مشروع حل وسط الى مجلس النواب لتشكيل لجنة عليا تضم مختلف الكتل السياسية للاشراف على عمل المفوضية واستعداداتها لانجاز الانتخابات التشريعية العامة في السادس عشر من كانون الثاني (يناير) المقبل، كما الاشراف أيضًا على العملية الانتخابية برمتها.

وابلغ مصدر نيابي quot;ايلافquot; اليوم أنّ الرئاسة العراقية تعد مشروع حلها الوسط هذا، نظرًا لقرب موعد الانتخابات وصعوبة اختيار مفوضية جديدة من جهة ولارضاء النواب المطالبين بحجب الثقة عن المفوضية الحالية والاتيان بجديدة بدلاً منها. واضافأنّ مشروع الرئاسة الذي تعدّ لإرساله الى مجلس النواب هذا الاسبوع يتضمن تشكيل لجنة عليا تضم ممثلين عن مختلف القوى السياسية في البلاد للاشراف على عمل المفوضية وضمان حيادية الانتخابات المقبلة ونزاهتها. ويأتي هذا التطوّر في وقت يستعد فيه مجلس النواب للبت في مصير المفوضية الحالية اثر تقديم 56 نائبًا بطلب لحجب الثقة عن مجلسها نتيجة ما يقولون انه فشل لرئيسها فرج الحيدري وعدد من اعضاء المجلس بإقناع النواب بصلاحيتها لانجاز العملية البرلمانية المقبلة وذلك خلال الاستجواب الذي جرى لهم الاسبوع الماضي . وكان مجلس النواب قد استجوب بناء على طلب قدمه حوالى 120 نائبًا الحيدري وعدد من زملائه المفوضين حول ما قيل عن حالات تزوير وهدر للاموال واساءة استعمال المال العام. ويقول عدد من النواب ان مجلس المفوضية الحالي غير قادر البتة على ضمان امن الانتخابات القادمة ونزاهتها،ولذلك يقتضي ابداله على جناح السرعة والاتيان بمجلس موقت يستطيع اجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة ويطمئن الكيانات السياسية مجتمعة .

غير ان المصدر النيابي اشار الى ان بعض النواب يتخوفون من موضوع ابدال مجلس المفوضية الحالي بآخر نظرًا لضيق الوقت حيث لم يتبقَّ على الانتخابات سوى 95 يومًا ويعتبرون اجراءها في وقتها امرًا مقدسًا لا يمكن المساس به إلا ان نوايا اخرين يرون ان الاتيان بأشخاص يتمتعون بالنزاهة امر ممكن، ولا سيما أنّ العمل في مجلس المفوضية لا يحتاج الى خبرة كبيرة وهناك الكثير من الاشخاص ممن يمتلكون خبرات ادارية كبيرة تمكنهم من انجاز مهمتهم . واشار الى ان اهم ما في العملية الانتخابية هي النواحي الاجرائية والتطبيقية وهذه مسألة تقررها بعثة الامم المتحدة وفريقها الموجود في العراق سواء ابدل المجلس الحالي او استمر في مهماته .

ولمح المصدر الى ان احد الخيارات المطروحة حاليًا هو استدعاء اعضاء مجلس المفوضية السابق والاستعانة بهم لانجاز الانتخابات نظرًا لما يمتلكونه من خبرة في المجالين الفني والاداري حيث قادوا بنجاح ثلاث انتخابات عام 2005 على الرغم من الظروف الصعبة التي عملوا بها في ذلك الوقت. والمعروف ان المجلس السابق كان مؤلفًا من شخصيات مستقلة انتخبتهم الامم المتحدة وهم عبد الحسين الهنداوي وعائدة الصالحي وفريد ايار وصفوت رشيد صدقي وعز الدين المحمدي وسعاد محمد جلال الجبوري وعادل اللامي وحمدية الحسيني التي كانت الوحيدة التي اعيد انتخابها في المجلس الجديد بترشيح من حزب الدعوة الاسلامية جناح المالكي في حين اخرج البقية كونهم من المستقلين .

ويقول رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب بهاء الاعرجي حول موضوع اقالة رئيس المفوضية فرج الحيدري الذي يطرحه بعض النواب بأنه لا يجوز اقالة رئيس المفوضية فقط لأن مسؤولية مجلس مفوضية الانتخابات تضامنية، ولا يمكن الاكتفاء بإقالة احدهم بل يجب اقالة مجلس المفوضية بأجمعه اذا اراد مجلس النواب ذلك. واضاف ان اجوبة رئيس المفوضية عند استجوابه لم تكن مقنعة والكرة الآن في ملعب المجلس. اما عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب كريم اليعقوبي والمسؤول عن استجواب اعضاء المفوضية فقال ان هناك شبه اجماع في المجلس على ضرورة اقالة مجلس المفوضين لكنه يبحث في البديل الذي يتمكن من ادارة الانتخابات المقبلة والاشراف عليها وعدم التأثير على موعدها . واشار إلى وجود حوارات مكثفة بين البرلمان والامم المتحدة وخبراء دوليين لايجاد تلك البدائل... وبيّن ان البرلمان اكتشف خلال الاستجواب مدى الفوضى التي تعمل بها تلك المفوضية وانها كانت سببًا في ضياع اصوات الآلاف من اصوات الناخبين خلال انتخابات مجالس المحافظات

الحزب الديمقراطي الكردستانيرئاسة المفوضيةفرج الحيدري
حزب الفضيلة عضواياد الكناني
حزب الدعوة جناح المالكي عضوحمدية الحسيني
الاتحاد الوطني الكردستانيعضوسردار عبد الكريم
الحزب الاسلامي ndash; جبهة التوافقنائب رئيساسامة العاني
الحزب الاسلامي عضوسعد الراوي
المجلس الاعلىعضوقاسم العبودي
التيار الصدريمدير الادارة الانتخابية كريم التميمي
حركة الوفاق الوطنيعضوامل بيرقدار

ومن جانبه، قال النائب احمد سليمان من جبهة التوافق ان مسألة اقالة رئيس المفوضية ورئيس الدائرة الانتخابية وفرض رقابة على المفوضية ووضع ضمانات حتى لا تتم السيطرة عليها من قبل الحكومة واحزاب معينة هو الاقرب للتطبيق، وقال انه ثبت بالدليل القاطع بأن المفوضية مسيسة وتمتلك ارتباطات مشبوهة مع احزاب السلطة مؤكدا ان قرار حجب الثقة عن مجلس المفوضين بأكمله مطروح بقوة . لكن النائب نديم الجابري وأمين عام التيار الوطني المستقل الذي يتزعمه محمود المشهداني فقد قال إن تشكيل لجنة برلمانية أمر مخيف جدا، فما الضمان بعدم إخضاعها للطائفية والفئوية والحزبية وبالتالي نغطي التزوير بتزوير آخر والخطأ بخطأ آخر والعملية لا تعالج بالترقيع بل يجب العودة للفلسفة التي أسست بموجبها المفوضية واختيار قضاة مستقلين يديرونها .

وقد علق الحيدري على الحملة المثارة ضد المفوضية فوصفها بغير العادلة مؤكدًا quot;انها لن تثني من عزم المفوضية ولاتؤثر على ادائها لمتصاعد بل تؤثر بشكل سلبي على عدد اصوات الناخبين التي تحصدها الكيانات بعد كل انتخابات وتضعفهاquot; . واضاف في مؤتمر صحافي في بغداد الخميس الماضي quot; ان المفوضية هي ركن من اركان العملية السياسية ومسيرة ديمقراطية في البلد .. الا انها بحاجة الى دعم باقي الاركان من كياناتٍ سياسيةٍ وكتل واحزاب ووسائل اعلام ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدوليةquot;.

وكانت المفوضية واثر الاستجواب قد اجرت جراحة تجميلية على هيكلها الداخلي فتم ابدال مدير الادارة الانتخابية قاسم العبودي بحمدية الحسيني لكنه رغم محاولة المفوضية اظهار هذا التغيير على انه نوع من الاصلاحات الداخلية للحيلولة دون الاقالة الجماعية من قبل مجلس النواب وتحميل اشخاص معدودين مسؤولية الخروقات التي رافقعت انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة . الا ان وجود الحسيني على رأس الادارة الانتخابية لن يغير من الواقع شيئًا لأنّها محسوبة على حزب الدعوة جناح رئيس الوزراء نوري المالكي ما يعني انه سيستطيع التحكم في مفاصل المفوضية بشكل كامل ومعرفة جميع تحركات الكيانات السياسية وفرز الاصوات وبذلك تكون تلك الجراحة التجميلية قد خدمت فصيلاً سياسيًا بعينه دون غيره من الكيانات السياسية .