تشعر الحكومات العربية بالحنين إلى الحقب الرئاسية التي سبقت فترة الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي، وفقا لما ذكرته مجلة تايم الأميركية، ويأتي هذا الحنين على إثر موقف باريس من تقرير غولدستون.

تنشر مجلة quot;تايمquot; الاميركية في طبعتها الالكترونية اليوم تحليلا للتغير الذي طرأ على سياسة فرنسا الخارجية في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي بالارتباط مع قضية الشرق الأوسط والربيع الذي تشهده العلاقات الفرنسية الاسرائيلية. وجاء في التحليل:

لعل الحكومات العربية شعرت بحنين الى الحقبة السابقة على الرئيس نيكولا ساركوزي وهي تتابع تدخل فرنسا نيابة عن اسرائيل قبل التصويت الأخير في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة على تقرير غولدستون بشأن حرب اسرائيل على غزة في الشتاء الماضي. وكان ساركوزي قلب سياسة فرنسا الخارجية رأسا على عقب بترميم العلاقات الفرانكو ـ اميركية التي تضعضعت بسبب حرب العراق واعادة عضوية فرنسا الكاملة في حلف شمالي الأطلسي (الناتو) واتخاذ موقف أكثر تشددا من نظيره الاميركي في المواجهة النووية مع ايران. ولكن بصمة ساركوزي لم تتبد بوضوح كما تبدت في الشرق الأوسط حيث اعاد التوازن الى مواقف فرنسا المؤيدة للعرب عادة بفتح احضان دافئة مع اسرائيل التي كان رؤساء فرنسيون سابقون ينظرون اليها ببرود على انها دولة مثيرة للمتاعب.

ولكن مسؤولين فرنسيين يقولون ان غزل فرنسا الجديد مع اسرائيل لم يأت على حساب العرب وانه يستند بدلا من ذلك الى السعي لكسب نفوذ اوسع في المنطقة من خلال القيام بدور أكبر في حل نزاعها المزمن. وهم يرون في دعم فرنسا لاسرائيل خلال تصويت الأمم المتحدة تأكيدا لهذا الموقف.

قبل التصويت في مجلس حقوق الانسان بفارق 25 صوتا ضد ستة اصوات لصالح اعتماد التقرير الذي يتهم اسرائيل وحركة quot;حماسquot; بارتكاب جرائم حرب في غزة في الشتاء الماضي ، انضمت فرنسا الى الولايات المتحدة وبريطانيا في محاولة انتزاع تنازلات من اسرائيل الى الفلسطينيين يمكن ان تساعد في اقناعهم بصرف النظر عن القرار في الوقت الحاضر. وعندما أخفقت المحاولة اطلقت فرنسا دعوتين الى تأجيل التصويت ولكنها لاقت رفض مصر التي تعتبر تاريخيا من اقرب حلفاء فرنسا بين العرب.

ربما كانت باريس أوثق حليف للأنظمة العربية ومدافعا عنها من اي قوة غربية أخرى خلال العقود الأربعة الماضية لكن مسؤولين فرنسيين يقولون ان هدف ساركوزي الرئيسي في المنطقة هو تحقيق سلام عادل باقامة دولة فلسطينية وضمان أمن اسرائيل ـ وهي اهداف لا يمكن ان تتحقق فيما تبقى العلاقات مع اسرائيل فاترة.

وفي حين كان الرؤساء الفرنسيون منذ شارل ديغول يميلون الى اتخاذ جانب الدول العربية ويطالبون اسرائيل ببذل مجهود اكبر في البحث عن السلام فان ساركوزي أخذ اسرائيل في الاحضان بوصفها حليفا ووضع امنها على مستوى واحد مع حقوق الفلسطينيين. وينبغي ألا ينظر الى علاقات ساركوزي الدافئة مع اسرائيل على انها تحول استراتيجي. فالمصالح الوطنية الفرنسية حُددت لتشمل اقامة علاقات متينة مع الدول العربية ، وهذه العلاقات تعززت في الواقع حتى في الوقت الذي توجه ساركوزي الى اسرائيل.

والحق ان هناك وفرة من الأدلة على قيام ساركوزي بتمتين العلاقات مع العالم العربي خلال ولايته. فهو ابتداء أخرج سوريا من عزلتها الدولية ثم سعى الى استخدام موقع باريس المتميز لدى دمشق لتحقيق الاستقرار السياسي في لبنان. وفي وقت سابق من العام حشد ساركوزي على الغرار نفسه تأييد سوريا ومصر لحملته من أجل وقف اعمال العنف في غزة. كما زاد ساركوزي قدرة فرنسا على استعراض قوتها في المنطقة ـ وارسل تحذيرا آخر باتجاه ايران ـ بافتتاح مجمع بحري وجوي فرنسي دائم في ابو ظبي.

أهم تفسير منفرد لتحرك ساركوزي بحثا عن حل للنزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني تفسير بسيط بطبيعة الحال: انه يحاول ان ينجح حيث فشلت الولايات المتحدة حتى الآن.