فشل وفد نيابي عراقي اليوم في اقناع نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي بالعدول عن نقضه لقانون الانتخابات، مما سيمهد الى تصويت ضد النقض الامر الذي سيعيد بالقانون الى مجلس الرئاسة، وفي حال نقضه ثانية فان البرلمان سيوافق عليه من دون اعادته للرئاسة، اذ ان الدستور يمنحها حق النقض لمرتين فقط. وذلك وسط مخاوف من تاخير موعد الانتخابات المقررة مطلع العام المقبل ودخول البلاد في فراغ دستوري وسياسي، يخشى ان يؤدي الى تدهور امني خطير يقود الى تعطيل جداول انسحاب القوات الاميركية.


مجلس النواب العراقي

علمت quot;ايلافquot; ان الوفد البرلماني الذي ضم في عضويته ممثلين عن الكتل السياسية قد فشل في اقناع الهاشمي بالتخلي عن نقضه لقانون الانتخابات وعن مطاليبه بزيادة حصة عراقيي الخارج في مجلس النواب من 5% الى 15%. وجاء رفض الهاشمي اثر اتصالات مكثفة به بادر اليها اياد السامرائي رئيس مجلس النواب ورئيس المفوضية العليا للانتخابات فرج الحيدري. ومن المنتظر ان توجه رسالة مكتوبة الى الهاشمي تتضمن مقترحات بديلة لمقترحه في محاولة اخيرة لاقناعه بالتخلي عن النقض.

وفي وقت سابق اليوم طرحت اللجنة القانونية البرلمانية مقترحا يقضي بتصويت المهجرين خلال الانتخابات المقبلة لصالح محافظتهم الأصلية، وتوزيع ثمانية مقاعد للأقليات من المقاعد التعويضية البالغة 24، فيما يوزع الباقي على الكتل التي ستفوز بالانتخابات وفقا لعدد الأصوات التي حصلت عليها. كما تضمن المقترح تحديد نسبة زيادة السكان السنوية في كل محافظة عراقية بنسبة 2,8 بالمائة، لتجنب مقاطعة الاكراد للانتخابات الذين اشترطوا للمشاركة فيها زيادة نسبة 3% الى السكان بعد ان احتجوا على عدم دقة اعداد السكان التي اشارت اليها احصاءات وزارة التجارة في محافظاتهم الثلاث اربيل والسليمانية ودهوك.

وقد عرض المقترح على اجتماع مشترك لممثلي الكتل البرلمانية ورئاسة مجلس النواب لكنه لم يتم التوصل الى اتفاق حوله. وقد تقرر تشكيل وفد نيابي للتوجه الى الهاشمي والطلب منه التخلي عن نقضه للقانون وانهاء هذه المشكلة التي تهدد بتعطيل عملية الانتخابات وادخال العراق بفراغ دستوري وسياسي تخشى القيادات العراقية ان يؤدي الى تدهور الامن وتتخوف الادارة الاميركية من تعطيل الانسحاب الاميركي من هذا البلد والمقرر بنهاية العام المقبل.

وكشف النقاب في بغداد عن ابلاغ رئيس مجلس النواب للهاشمي بعدم امكانية التصويت في المجلس على نقضه للقانون. ونشر اليوم نص رسالة من السامرائي الى الهاشمي يعود تاريخها الى 16 من الشهر الحالي عندما اعلن النقض يقول فيها باستحالة التصويت على مقترحاته الخاصة بزيادة عدد المقاعد التعويضية المخصصة للمهجرين في الخارج، ضمن قانون الانتخابات. وقال السامرائي في الرسالة quot;لا يوجد الا طريقين اولهما نقض القانون فيعود الى مجلس النواب لاعادة التصويت عليه حسب النظام الداخلي للمجلس، وثانيهما ان يتقدم مجلس الرئاسة او مجلس الوزراء او عدد من النواب بطلب التعديلquot;. واضاف quot;اما فيما يتعلق بالتعليمات التي تصدرها المفوضية المستقلة للانتخابات، فان رئاسة مجلس النواب ستقوم بدراسة هذا الموضوع مع المفوضية.

وطلب السامرائي في رسالته من الهاشمي مشاركة مستشار قانوني عنه لحضور اجتماعات مجلس النواب المخصصة للتصويت على نقض الهاشمي للمادة المتعلقة بتخصيص عدد المقاعد للمهجرين خارج العراق في قانون الانتخابات quot;.

وخلال مؤتمر عشائري اليوم عبر رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم عن التطلع لقانون انتخابات يخدم ويساعد البلاد، ولا يكون مشكلة اضافية اويكون سببا في ايجاد المشاكل بين المواطنين.

واضاف الحكيم، في كلمه له، انه في كل قانون اذا ظهر ان هناك من تضرر منه فسيكون الجميع خاسرون.. وقال quot;نحتاج الى معادلة من النوع المسؤول لانه اذا كانت المكونات تفكر في الحصول على كل ما تريد فان المسيرة ستتأثر. واشار الى ان قانون الانتخابات هو بداية لمرحلة جديدة وليس نهاية المراحل quot;كما ان تعطيل البلد امر خطير وتاجيل الانتخابات امر خطير، وتلكؤ المشروع السياسي امر خطير لان المواطنين يريدون الخدمات والحياة بكرامة وتشغيل العاطلين ولا يتحملون رؤية النقاشات الى ما لا نهايةquot;.

وفيما يتعلق بالموقف من الانتخابات التشريعية المقبلة، اكد الحكيم ان وجود الاخطاء في عمل الحكومة اوالبرلمان يستدعي المشاركة في الانتخابات مشاركة فاعلة. وقال quot; لقد تعلمنا ان لا نضيع الحقوق او نفرط بها، ويجب ان تكون المشاركة في الانتخابات القادمة اكبر واكثر فاعلية من الماضي، وقد التقيت خارج العراق بطاقات وقدرات عراقية هائلة وكلهم مستعدون للعودة ولكنهم يريدون وضع امني مستقرquot;.

وشدد الهاشمي قبيل اجتماع مجلس النواب اليوم على ان قانون الانتخابات الذي اقره مجلس النواب في الثامن من الشهر الحالي يفتقد إلى الأساس الدستوري، وخصوصاً في مادته الأولى quot;مما استدعاني لنقض القانون انطلاقاً من مسؤولية مجلس الرئاسة في السهر على تطبيق الدستورquot;. واشار الى انه لم يكن امامه خيار غير ممارسة حقه الدستوري quot;وضمان تحقق العدالة والانصاف لمختلف المكونات الاجتماعية من جهة والمهجرين من جهة اخرىquot;.

وعن موقف مجلس النواب من النقض اوضح الهاشمي ان quot;هناك آليات دستورية معروفة للجميع في كيفية تعامل المجلس مع القوانين حيث بأمكانه أن يصوت بالإيجاب على المقترحات والتعديلات التي وردت في كتاب النقض أو يعدلها أو يرفضها ويعيدها مرة ثانية إلى مجلس الرئاسة من اجل دراستها واتخاذ القرار المناسب بصددهاquot;، واضاف في تصريح وزعه مكتبه ان جميع الاعتراضات على نقضه للقانون لم تكن موضوعية ولم يقل احد quot;ان الهاشمي قد تجاوز القانون أو الدستور او النسبة المئوية التي منحت من مقاعد التعويض إلى عراقيي الخارج وحصة الاقلياتquot;. واوضح ان quot;ادعاءات البعض بعدم دستورية النقض قد فندت أمس في الجلسة التي عقدها مجلس النواب لمناقشة موضوع النقض والوصول الى صيغة مقبولة للمادة المنقوضةquot; التي منحت عراقيي الخارج نسبة 5%.

وابلغ مصدر نيابي quot;ايلافquot; انه حين يستأنف مجلس النواب اليوم نقاشاته من اجل التوصل الى توافق بشأن نقض الهاشمي لقانون الانتخابات، فان امامه اربعة مقترحات عليه اختيار احدها. والمقترح الاول قدمته بعثة الامم المتحدة ويقضي بزيادة النسبة الى 10% والثاني ابقاء نسبة 5%، كما وردت في قانون الانتخابات ومنح الاقليات مقاعد من حصص المحافظات، وتبقى 16 مقعداً التي ستخرج من خلال ذلك التوزيع لعراقيي الخارج.. اما الثالث فهو نقض النقض والرابع تقدمت به كتلة التحالف الكردستاني، ويقضي بأن تكون النسبة 10% والابقاء على العدد الحالي لمقاعد البرلمان البالغة 275 مقعدا وعدم زيادتها الى 323 مقعدا. كما نص القانون مع منح زيادة نسبتها 3 % لعدد سكان كل محافظة كنمو طبيعي لسكانها، واشار الى انه يبدو ان اكثر مقترحين يدور النقاش حولهما هما نقض النقض أو قبول مقترح الامم المتحدة بزيادة نسبة تمثيل عراقيي الخارج من 5% الى 10% كحل وسط، حيث يطالب الهاشمي بزيادة قدرها 15%. واذا ماتم رفض النقض فأن القانون سيعاد الى مجلس الرئاسة مددا وفي حال اصرار الهاشمي على نقضه مجددا فانه سيعاد الى البرلمان مما يتطلب موافقة ثلاثة اخماس النواب عليه اي 175 نائبا.

وقال عباس البياتي، عضو الائتلاف الشيعي، quot; نحن نخشى ان يؤدي قبول نقض الهاشمي الى فسح المجال امام الاطراف الاخرى التي هي بدورها لديها اعتراضات اخرى على بعض فقرات القانون.. وبالتالي فان هذا الموضوع لن ينتهي.quot; وهو يشير بذلك الى مطالب الاكراد بزيادة مقاعد محافظات أقليم كردستان الثلاث.

وأجل مجلس النواب امس جلسته الى اليوم الاحد ريثما يتم التوصل الى توافق بين المكونات السياسية للمجلس التي تنكب حاليا بالاشتراك مع المفوضية العليا للانتخابات وبعثة الامم المتحدة في العراق على بحث المقترحات المطروحة لحل مشكلة تمثيل عراقيي الخارج.

وازاء فشل مجلس النواب في التوصل الى حل مرض لنقض قانون الانتخابات فقد ناشدت مفوضية الانتخابات رئاسة الجمهورية الى تحديد موعد جديد للانتخابات يؤخرها عن موعدها المقرر في 18 كانون الثاني/يناير المقبل.

وينص قانون الانتخابات الحالي على أن يكون موعد الانتخابات بعد 60 يوما من مصادقة الرئاسة االعراقية عليه في حين لم يتبق على الموعد سوى 56 يوما ويحتاج القانون في حال التوصل الى حل للمادة المتعلقة بالمهجرين الى العودة الى الرئاسة للمصادقة عليه ثم اعادته مجددا الى مجلس النواب وهو ماسيستغرق اياما اضافية.

ويواجه النواب العراقيون مهمة صعبة في التعجيل بأتخاذ موقف من نقض الهاشمي لقانون الانتخابات مع تواصل العد التنازلي لموعد الانتخابات والتي لم يتبق عليها غير أقل من سبعة اسابيع حيث ان العجز عن حل المشكلة خلال اليومين المقبلين سيرحلها الى مابعد عطلة عيد الاضحى ما يعني تأجيل الانتخابات بشكل مؤكد وهو مايحذر منه القادة العراقيون. وقد خصص قانون الانتخابات الذي اقره النواب في الثامن من الشهر الحالي ثمانية مقاعد للاقليات خمسة منها للمسيحيين وواحد لكل من الصابئة والشبك والايزيديين وثمانية للعراقيين في الخارج من اصل 323 مقعدا هي عدد مقاعد البرلمان المقبل.

ويعطي الدستور العراقي لمجلس الرئاسة الذي يضم رئيس الجمهورية ونائبيه حق النقض مرتين لاي قانون يقره مجلس النواب. ومن شروط المصادقة الرئاسية على مشاريع القوانين المصادق عليها برلمانيا الإجماع وبالتالي فإن من حق أي عضو في المجلس نقض أي قانون. وهناك موعد نهائي او قيد دستوري اخر وهو ضرورة اجراء الانتخابات قبل نهاية كانون الثاني.

والخميس الماضي قال الرئيس العراقي جلال طالباني ان ضغوطا كبيرة مارسها المسؤولون الاميركيون على المسؤولين العراقيين ادت الى التصديق على قانون الانتخابات. واضاف ان نائب الرئيس الأميركي جوزيف بادين قد اتصل به ثلاث مرات من اجل الاسراع في اصدار القانون موضحا الهاشمي قد مارس حقه الدستوري في نقض القانون.

واالجمعة عبر ممثل المرجع السيستاني عن القلق من عودة قانون الانتخابات الى المربع الاول وتفجر الخلافات حوله بين القوى السياسية من جديد اثر نقضه وحذر من انزلاق البلاد الى فراغ دستوري يؤدي الى فراغ سياسي كبير وتدهور امني بسبب ذلك.