يواجه حلف شمال الأطلسي خيارات دقيقة في افغانستان، وقال مصدر في مقر حلف الناتو في بروكسل إن الحلف لا يزال بحاجة لمزيد من الوقت للرد على المطالب الأميركية بتكثيف الجهود الأوروبية لدعم الحرب في افغانستان.

بروكسل: أنهى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي اندريس فوغ راسموسان مهمة قادته خلال الأسبوعين الأخيرين إلى مجمل عواصم الدول المنتمية للحلف ، والدول المرشحة للانضمام إليه ،في مسعى رئيس واحد يتمثل في حشد اكبر قدر من القدرات البشرية والتعزيزات العسكرية لمواجهة تفاقم الموقف الميداني في أفغانستان.

وقال مصدر في مقر الناتو في بروكسل أن الأمين العام للحلف يرى ان الناتو لا يزال بحاجة إلى مزيد من الوقت للرد على المطالب الأميركية بتكثيف الجهود الأوروبية لدعم الحرب في أفغانستان. ويعكس هذا الموقف حالة التردد الفعلية التي تتسم بها مواقف الدول الأوروبية تجاه مطالب الولايات المتحدة بزيادة حجم القوات الأوروبية في هذه المرحلة في أفغانستان.

وأوضح المصدر الأطلسي أن الحلف ورغم ذلك يأمل أن تلتزم الدول الأوروبية بجهد يتناسب مع ما سيعلن عنه الرئيس الأميركي باراك اوباما الثلاثاء المقبل بشأن إرسال تعزيزات أميركية جديدة . وينتظر الدبلوماسيون الأوروبيون المقترحات الأميركية التي ستحدد مسار التحرك الغربي المقبل في أفغانستان.

حيث تصاعدت الانتقادات في الآونة الأخيرة في صفوف الدول الأوروبية بشان تردد الإدارة الأميركية في حسم مواقفها تجاه الشق الميداني من التعامل مع الوضع الأفغاني ، أولا وتجاه طبيعة وأداء الحكومة القائمة في أفغانستان نفسها والتي اتهمتها الدوائر الأوروبي بسوء الإدارة والفساد ثانيا.

ومن المتوقع أن يحدد الرئيس الأميركي في خطاب له يوم الثلاثاء المقبل في الأكاديمية العسكرية (واست بوينت) الخطوط الجديدة للإستراتيجية الأميركية في افغانستان على الصعيدين العسكري والسياسي ، وكذلك سيعلن عن حجم التعزيزات الإضافية التي سيتم إرسالها إلى أفغانستان.

وكان قائد قوات الناتو في أفغانستان الجنرال ماكريستال قد طالب بإرسال ما لا يقل عن أربعين ألف عسكري إضافي الى ارض الميدان لمواجهة تنامي نشاط العناصر المسلحة من جهة ، والرد من جهة أخرى على تصاعد مخاوف الرأي العام الغربي تجاه انهيار الموقف الأمني وارتفاع حجم الخسائر في صفوف القوات الأوروبية.

ويعقد وزراء خارجية دول الناتو الثماني والعشرين سلسلة من الاجتماعات في مقر الحلف في بروكسل يومي الخميس والجمعة المقبلين ويبرز خلال الاجتماعات بشكل رئيسي مسألة إرسال تعزيزات إضافية إلى أفغانستان على ضوء ما سيعلنه الرئيس اوباما نهار الثلاثاء.
وتشارك وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في اجتماعات رؤساء الدبلوماسية لدول الناتو ، وهي اجتماعات تسبق لقاء على مستوى رؤساء هيئات أركان الدول الأعضاء والمقرر عقده يوم السابع من ديسمبر ، الذي سيتم خلاله الكشف الرسمي عن مساهمة كل دولة أوروبية في المجهود الحربي .
ونشر الناتو حتى الآن مائة ألف عسكري في أفغانستان من بينهم ثمانية وستون الف جندي أميركي.

ولكن الإشكالية التي تواجه الدول الأوروبية تبدو شائكة ومعقدة لأن غالبية الحكومات الأوروبية تتعرض لضغوط فعلية تطالب بتحديد إستراتيجية للخروج من أفغانستان ورسم أجندة واضحة لذلك. ويقول الدبلوماسيون ان الإدارة الأميركية تريد ربط أية إستراتيجية فعلية للخروج من أفغانستان بما تبديه الدول الأوروبية من التزامات محددة بإرسال أعداد إضافية من قواتها لترجيح الكفة ضد العناصر المسلحة .

ووضعت العديد من الدول الأوروبية خططا لتأهيل وتدريب القوات الأفغانية كأحد الحلول للمأزق الحالي إلا إن نتائج ذلك على الأرض ضلت متواضعة حتى ومحدودة. وتراوحت مواقف الدول الأوروبية بين مؤيد لزيادة حجم القوات وبين متردد.
وأعلنت ايطاليا التي نشرت حتى الآن ثلاثة آلاف وخمسمئة عسكري في أفغانستان عن استعدادها لإرسال المزيد من القوات لهذا البلد.

أما بريطانيا فإنها أبلغت الحلف الأطلسي انه بمقدورها هي الأخرى إضافة خمسمئة عسكري لعناصرها المنتشرين حاليا والبالغ عددهم تسعة آلاف رجل . كما أعلنت سلوفاكيا وجورجيا وكوريا الجنوبية، حسب مصادر الناتو، عن تعهدات بإرسال مزيد من العناصر لدعم القوت الأطلسية وخاصة في مجال حماية قوات الناتو وأعمال إعادة البناء .

ولكن ومقابل ذلك فان هولندا وكندا تخططان للانسحاب من أفغانستان بشكل مفتوح فيما تبدي ألمانيا وفرنسا تقاعسا واضحا في دعم الإستراتيجية الأطلسية . ويسعى حلف الناتو جاهدا للحفاظ على وحدة صفوفه أمام الاختبار الأفغاني ، حيث يقول الأمين العام للناتو اندريس فوغ راسموسن انه يؤيد المقترح الأميركي بإرسال مزيد من القوات لكنه يلح أيضا على ضرورة تمكين الأفغان أنفسهم من السيطرة على مقدراتهم الأمنية، عبر تعزيز القوات الحكومية وتأهيل أفراد الشرطة.

ويقول الناتو انه يفضل اتخاذ قرار تعزيز القوات أولا، والتفكير بعد ذلك في مستقبل أفغانستان خلال المؤتمر الدولي المقرر تنظيمه في العاصمة البريطانية لندن في شهر يناير القادم .